عادت من جديد المناوشات العسكرية في منطقة الكركرات الواقعة في الصحراء الغربية، بين الجيش المغربيمن جهة وجبهة البوليساريو من جهة أخرى، وذلك بعد عقود من اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الحكومة المغربية والجبهة التي تسعى إلى الاستقلال بمنطقة صحراوية منذ سنوات.
وتعد الكركرات منطقة عازلة تقوم فيها قوة لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة، بدوريات بانتظام، وشهدت المنطقة في الماضي توترا حادا بين بوليساريو والمغرب خصوصا مطلع العام 2017.
وتجدد الصراع، بعد أن وجه حوالى مئتي سائق شاحنة مغربي الأسبوع الماضي نداء استغاثة إلى كل من الرباط ونواكشوط، قالوا فيه إنهم عالقون في معبر الكركرات الواقع بين موريتانيا والصحراء الغربية.
على الفور، بدأ المغرب اليوم الجمعة، عملية عسكرية في منطقة الكركرات، من أجل "إعادة إرساء حرية التنقل" المدني والتجاري في المنطقة، حسب وصف بيان صدر من السلطات المغربية.
وقال المغرب إن هذه العملية تأتي بعد "عرقلة" أعضاء من "جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب" الطريق الذي تمر منه شاحنات نقل البضائع نحو موريتانيا وبلدان أفريقيا جنوب الصحراء.
وصدر بيان عن وزارة الخارجية المغربية أوضحت فيه أن "هذه العملية تأتي بعد عرقلة أعضاء من جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو) منذ 21 أكتوبر، الطريق الذي تمر منه خصوصا شاحنات نقل بضائع نحو موريتانيا وبلدان أفريقيا جنوب الصحراء".
وتابع البيان: "البوليساريو ومليشياتها التي تسللت إلى المنطقة منذ 21 أكتوبر، قامت بأعمال عصابات هناك وبعرقلة حركة تنقل الأشخاص والبضائع على هذا المحور الطرقي، كما تقوم بالتضييق باستمرار على المراقبين العسكريين للمينورسو" بعثة الأمم المتحدة المكلفة مراقبة احترام اتفاق وقف إطلاق النار.
و أشار البيان إلى أن "المغرب قرر التحرك في احترام تام للسلطات المخولة له" أمام هذه "الاستفزازات الخطيرة وغير المقبولة" من أجل "وضع حد لحالة العرقلة الناجمة عن هذه التحركات وإعادة إرساء حرية التنقل المدني والتجاري".
من جهتها، ردت بوليساريو على إعلان المغرب قائلة "الحرب بدأت، المغرب ألغى وقف إطلاق النار"، مضيفة "القوات الصحراوية تجد نفسها في حالة دفاع عن النفس".
من جانبه قال الأمين العام لجبهة "البوليساريو" إبراهيم غالي إن ما وصفه بالعمل العدواني "فرض على القوات العسكرية لجبهة البوليساريو الاشتباك مع القوات المغربية دفاعاً عن النفس ولحماية المدنيين"، محملا المملكة المغربية "المسؤولية الكاملة عن عواقب عمليتها العسكرية".
ودعا غالي في رسالة إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيسة مجلس الأمن "إلى التدخل العاجل لوضع حد لهذا العدوان على شعبنا وأرضنا"، وفق وصفه.
وأضاف الأمين العام لجبهة "البوليساريو" في رسالته أن "العملية هي عمل عدواني مبيت من جانب دولة الاحتلال لنسف جهودكم الرامية إلى نزع فتيل التوتر وتهدئة الوضع في منطقة الكركرات".
واعتبرت الرسالة أن المغرب "قوضت بشكل خطير، ليس فقط وقف إطلاق النار والاتفاقات العسكرية ذات الصلة، ولكن أيضا أي فرصة للتوصل إلى حل سلمي ودائم لمسألة إنهاء الاستعمار في الصحراء الغربية".
في السياق ذاته، أعلنت موريتانيا، أنها تتابع منذ أسابيع بقلق بالغ، مظاهر التوتر المتزايد، على الحدود الشمالية في منطقة الكركرات.
ودعت وزارة الخارجية الموريتانية في بيان لها، جميع الأطراف إلى التحلي بضبط النفس وتغليب منطق الحكمة.
ودعت الوزارة كل الفاعلين إلى السعي "للحفاظ على وقف إطلاق النار وإلى حل توافقي عاجل للأزمة وفقا لآليات الأمم المتحدة، يحفظ مصالح الأطراف ويجنب المنطقة مزيدا من التوتر".
وقالت الخارجية الموريتانية في البيان، إن نواكشوط أجرت العديد من الاتصالات في مسعى حثيث لنزع فتيل الأزمة.
في سياق متصل، قال الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية المغربي محمد نبيل بنعبد الله، إن رئيس الحكومة سعد الدين العثماني أوضح خلال لقاء بالأحزاب السياسية اليوم الجمعة أن المغرب "استرجع السيطرة المطلقة على حدوده وأرجع الأمور إلى نصابها ".
ونقلت صحيفة هسبريس عن بنعبد الله الذي حضر الاجتماع قوله: "عملية الجيش المغربي شهدت إطلاق نار بشكل عشوائي دون أن يكون موجها نحو الأشخاص ".
وأضاف أن اللقاء كشف عن أن "تدخل الجيش المغربي اتسم بالاحترافية والدقة، وأدى إلى انسحاب عناصر الانفصاليين المدنيين والعسكريين، وإزالة الخيم دون أي حادث يذكر".
كما أكدت مصادر موثوقة لـهسبريس وقوع اشتباكات بين أفراد القوات المسلحة الملكية وعناصر جبهة "البوليساريو" على مستوى الجدار الدفاعي في منطقة المحبس بالأسلحة الثقيلة.
واستنكرت الجزائر انتهاكات وقف إطلاق النار في منطقة الكركارات بالصحراء الغربية، وحسب بيان وزارة الخارجية، فلقد دعت الجزائر إلى الوقف الفوري لهذه العمليات العسكرية التي من شأنها أن تؤثر انعكاساتها على استقرار المنطقة.
كما دعت طرفي الصراع، المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، إلى التحلي بالمسؤولية وضبط النفس والاحترام الكامل للاتفاق العسكري رقم 1 الموقع بينهما وبين الأمم المتحدة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة