- حاكم الشارقة يعفى دور النشر من رسوم الإيجار ويدعم الناشرين بـ10 ملايين درهم.. وأحمد بن ركاض العامرى رئيس هيئة الكتاب: قدمنا دورة استثنائية ونموذجا يتحدى العالم فى تنظيم المعارض
الإصرار وحده لم يكن العامل الوحيد لنجاح تنظيم معرض الشارقة الدولى للكتاب الذى يختتم فعالياته، اليوم ، لكنه الخوف والضرورة الملحة لإنقاذ صناعة النشر العربية تحديدا من الانهيار والاستسلام أمام جائحة فيروس كورونا المستجد بعد أن تسببت الجائحة أو الوباء فى إجبار وإرغام أكبر المعارض التجارية فى العالم ومن بينها معارض الكتب الدولية والعربى على إلغاء أنشطتها أو تأجيل أنشطتها.
صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى حاكم الشارقة
قبل معرض الشارقة الدولى للكتاب أعلنت أكثر من 7 معارض كبرى عن تأجيل دوراتها وإغلاق أبوابها فى وجه الناشرين وفى المقدمة معرض فرانكفورت الدولى وبعده المعارض العربية وكان السؤال الشاغل لدى الناشرين هل سيقام معرض الشارقة كبارقة أمل لصناعة النشر فى العالم وفى الدول العربية على وجه الخصوص؟ هل ترفع صناعة النشر العربية والدولية «الراية البيضاء» أمام فيروس كورونا اللعين؟ وهل تتخلى الدول العربية عن تلك الصناعة؟
الزميل عادل السنهوري وأحمد بن ركاض مدير معرض الشارقة للكتاب
تلك الأسئلة أيضا كانت تدور فى عقل وبال صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى حاكم الشارقة، لكن الإجابة كانت جاهزة وحاضرة لديه، فهو الرجل المؤمن بصناعة النشر وبأهمية الكتاب ودور المعرفة فى الحفاظ على هوية الشخصية العربية والإسلامية وإيمانه بأن المعرفة والكتاب هما الأبقى فى صراع البقاء.
بعد ثلاثة أيام فقط من انطلاق المعرض فى دورته الـ39 يفاجئ الشيخ الدكتور سلطان القاسمى، دور النشر بمفاجأة سارة جدا تؤكد وقوفه وانحيازه لهم ولصناعتهم الراقية، فقد أعلن عن إعفاء جميع دور النشر المشاركة فى الدورة الحالية لمعرض الشارقة الدولى للكتاب من رسوم إيجارات الأجنحة مقابل مشاركتها فى المعرض، لما لمسه من ضرورة دعم هذه الدور فى ظل ما يشهده العالم من تداعيات جائحة كورونا.
القيمة المقدرة لإجمالى الإعفاءات تقدر بحوالى 6 ملايين درهم وتعد بالنسبة لدور النشر المشاركة دعما أساسيا ورافدا حقيقيا لديمومة عملها وعطائها، بداية الإعفاء بدأت من قرار سموه بإعفاء دور النشر اللبنانية المشاركة فى الدورة الحالية لمعرض الشارقة الدولى للكتاب من رسوم إيجارات الأجنحة المترتبة عليهم نظير مشاركتها فى المعرض ومواصلة للدعم الذى التزمت به إمارة الشارقة لمكتبات ودور نشر لبنان عقب التفجيرات الأخيرة التى طالت مرفأ بيروت وقدرت قيمة الإعفاءات بـ640 ألف درهم.
الدعم والإنقاذ لصناعة النشر لم يتوقف عند هذا الحد لكنه استمر أيضا ليحمل مفاجأة سارة أخرى ومكرمة سامية بتخصيص سموه 10 ملايين درهم لاقتناء أحدث إصدارات دور النشر المشاركة فى معرض الشارقة الدولى للكتاب، وذلك استمرارا لنهج سموه الدائم فى دعم صناعة الكتاب ودور النشر، وبهدف تزويد مكتبات الشارقة العامة والحكومية بأحدث الإصدارات الفكرية والأدبية والعلمية، العربية منها والعالمية.
معرض الشارقه للكتاب
ويأتى توجيه سموه ومكرمته السخية فى هذا العام تحديدا من أجل المساهمة فى ضمان دعم ديمومة حركة عجلة صناعة النشر حول العالم لما اعتراها جراء أزمة كورونا العالمية، وكذلك من أجل ضمان تزويد المكتبات العامة والحكومية والأكاديمية فى إمارة الشارقة بمحتوى معرفى وأكاديمى، ومدها بجديد دور النشر العربية والعالمية، فى التاريخ، والأدب والسياسة، والفنون، والعلوم، والتكنولوجيا وغيرها من صنوف المعرفة، إذ تُشكل مكتبات الشارقة المعين المرجعى للباحثين والمثقفين والمتخصصين، وطلبة المدارس والجامعات، وجميع المهتمين بالشأن المعرفى فى الإمارة، ودولة الإمارات.
كل تلك المفاجآت وقعت بردا وسلاما على نفوس الناشرين فى المعرض وأعرب رؤساء اتحادات النشر العربية، وعدد من الناشرين، عن سعادتهم بمبادرات حاكم الشارقة لإنقاذ وإنعاش صناعة النشر. ووجهوا رسالة له، ثمنوا فيها جهود سموه الكريمة فى دعم ومتابعة الحِراك الثقافى وصناعة النشر، مؤكدين أن المكرمة التى تفضّل بها سموه الإثنين الماضى، بإعفاء الناشرين المشاركين بالدورة الـ39 من معرض الشارقة الدولى للكتاب من رسوم إيجارات أجنحتها الموجودة فى الحدث أنقذت صناعة النشر العربى، ووجهت رسالة للعالم أجمع بضرورة حماية الكتاب والنهوض بصناعه.
وقال رئيس اتحاد الناشرين العرب، محمد رشاد إن المبادرة الكريمة التى أطلقها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، تجسد حرص سموه على الاستجابة لمطالب الناشرين العرب وتعكس تلمسه لواقع النشر وضرورة دعم العاملين فيه فى هذه الظروف التى يمرّ بها العالم بأسره جرّاء انتشار فيروس كورونا المستجد.
وتابع رئيس اتحاد الناشرين العرب: لا نستغرب مواقف ومبادرات صاحب السمو حاكم الشارقة، فهو دائما كان الداعم والمساند الأكبر للناشرين، كما أن سموه دائما ما دعم صندوق الاتحاد وتحمّل نفقات مشاركات الناشرين فى المعارض الدوليّة، وغيرها من اللفتات الكريمة التى باتت موضع تقدير واحترام منّا جميعا لأمير الثقافة العربية الذى طالت جهوده ورعايته الأدبية والماديّة الكريمة مختلف المشاريع الثقافية ورعاها حقّ رعايتها، ليصل صداها لمختلف بقاع العالم وهو ما يجعل معرض الشارقة ثالث أكبر معارض الكتب فى العالم.
معرض الشارقة للكتاب رفع راية التحدى فى مواجهة كورونا وسط إجراءات احترازية مشددة وجاءت المشاركة رفيعة المستوى رغم الظروف الصعبة وحمل المعارض 80 ألف عنوان لإصدارات 1024 ناشرا من 73 دولة.
رئيس هيئة الشارقة للكتاب: قدمنا دورة استثنائية والدعم رسالة لصناعة النشر فى العالم.. سألنا أحمد بن ركاض العامرى رئيس هيئة الكتاب بالشارقة عن سر الإصرار على تنظيم معرض الشارقة، فقال فى حوار خاص لـ«اليوم السابع»: معرض الشارقة واحد من المعارض التى ينتظرها الناشرون حول العالم ويحرصون على حجز أماكنهم فيه، ليظلوا مواكبين وحاضرين ليس فى حراك صناعة الكتاب العربى أو الإقليمى وحسب، وإنما ليكونوا جزءا من حراك النشر العالمى، حيث يجمع المعرض سنويا ناشرين وكتابا ومفكرين من أكثر من 80 دولة حول العالم، وعلى الرغم من الظروف التى يمر بها العالم جراء انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19)، فإننا كان لدينا إصرار لتنظيم دورة استثنائية من المعرض على كل المستويات، والوقوف فيها على متغيرات صناعة المعرفة، ونقود فيها خطوات سوق النشر والحراك الثقافى نحو التعافى والنهوض، لاستكمال المشاريع والتطلعات التى شكل انتشار الفيروس تحديا أمامها، وملتزمون أيضا بأعلى معايير الإجراءات الاحترازية والوقائية لضمان سلامة وصحة كل المشاركين والزوار خلال المعرض.
ويؤكد بن ركاض العامرى، أن انتصار المعرفة على التحديات التى تواجه العالم، يثبته التاريخ، وأمام كل تحد كانت المعرفة هى السبيل والحل لتجاوزها، لهذا نجدد من خلال تنظيم المعرض التزامنا برسالة الشارقة الحضارية الداعية إلى تمكين المجتمعات والنهوض بها عبر المعرفة والكتاب.
هل تنظيم معرض الشارقة يثير «غيرة حميدة» ويشجع باقى المنظمين لمعارض الكتب العربية؟
-معرض الشارقة هو أول معرض دولى تجارى يقام العام الجارى وقدمنا نموذجا يحتذى به فى تنظيم المعارض فى أوقات الأزمات، بل وقدمنا فى المعرض الحالى هدية سمو الشيخ سلطان للعالم العربى وهى المعجم التاريخى للغة العربية.
ماذا تعنى منحة صاحب السمو حاكم الشارقة سواء بالإعفاء من الإيجار أو دعم الناشرين؟
-منحة صاحب السمو حاكم الشارقة تحمل رسالة من الشارقة إلى صنّاع الكتاب فى المنطقة والعالم، تؤكد لهم أنهم لا يواجهون الظروف الاستثنائية الراهنة وحيدين، وإنما هنالك من يقف معهم ويساندهم ويؤمن بالرسالة والجهد الذى يقودونه خدمة لواقع ومستقبل الإنسانية، وأن الشارقة، ستظل حاضنة جهودهم وراعية الفعل الثقافى عربيا وعالميا.
المنحة تحمل دلالات كبيرة ليس لسوق صناعة الكتاب والعاملين فى الشأن الثقافى وحسب، وإنما للمجتمع المحلى والعربى كاملا، فصاحب السمو حاكم الشارقة، يؤكد أن تعزيز مكتبات الإمارة ومدها بجديد النتاج المعرفى هو استثمار فى صناعة المستقبل، وهو باب يتسع كل عام أمام الأجيال الجديدة للنهوض بثقافتها، واستكمال دراستها، وامتلاك أدوات الوعى اللازمة لتكون شريكا فاعلا فى تحقيق تطلعات الإمارة والدولة ورؤيتها الحضارية.
هل هناك دروس مستفادة من أزمة كورونا بالنسبة لصناعة النشر؟
-الظروف التى يشهدها العالم جرّاء انتشار فيروس كورونا المستجد أثبتت حاجة قطاع النشر إلى توسيع فرص التعاون والعمل المشترك بين الناشرين العرب والأجانب، وضرورة الاستجابة للمتغيرات التقنيّة المتسارعة، ودراسة حالة السوق وتوجهات القراء ليس على المستوى المحلى أو الإقليمى وحسب، وإنما على المستوى العالمى، ولا بد من تجديد المحتوى بشكل مستمر وليس إصدار طبعات جديدة للكتاب.
ولم يتوقف الدعم للناشرين عند مبادرات حاكم الشارقة فقد صرح سالم عمر سالم مدير مدينة الشارقة للنشر – المنطقة الحرة لـ«اليوم السابع»: بأن هناك محفزات عديدة من حكومة الشارقة لدعم صناعة النشر وتحمل رسالة إلى كل رواد الأعمال والمستثمرين فى إمارة الشارقة، وتطمئنهم بشأن التحديات التى يمكن أن يواجهوها نتيجة التغيرات العالمية.
فقد ركزنا على الناشر واحتياجاته عند التأسيس ومتطلباته وتقديم الاستشارات له بالتنسيق والتواصل مع الجهات الحكومية المعنية للتسهيل على الناشرين. ويبلغ عدد الناشرين فى مدينة الشارقة للنشر 150 شركة حتى الآن رغم أزمة كورونا.