يبدو أن الأثر الكبير الذى لعبه الأديب والقاص الكبير سعيد الكفراوى، لم يكن فقط على الكتاب الشباب من الأجيال الجديدة، لكنها أيضا على الأجيال التى سبقته، فصاحب "زبيدة والوحش" الذى رحل عن عالمنا اليوم السبت، عن عمر ناهز 78 عاما ، بعد رحلة طويلة قضاها فى الكتابة والإبداع، كان له أثر على الأديب الكبير العالمى نجيب محفوظ.
كون فى بداية الستينيات ناديًا أدبيًا فى قصر ثقافة المحلة الكبرى مع أصدقائه الدكتور جابر عصفور ومحمد المنسى قنديل وصنع الله إبراهيم ونصر حامد أبو زيد ومحمد صالح وفريد أبو سعدة، قبل أن يعرف الكفراوى طريقه إلى مجلس نجيب محفوظ على مقهى ريش بالقاهرة، وهنا كان له العديد من الذكريات والمواقف.
تحدث القاص الكبير سعيد الكفراوى، فى أكثر من مناسبة عن ذكرياته مع مقهى ريش والتفافه مع أبناء جيله حول ندوة نجيب محفوظ، حيث يجلس أكثر من ثلاثين شابا منهم إبراهيم أصلان، إبراهيم منصور، محمد عفيفى مطر، أمل دنقل وغيرهم: "جيل عكس الآمال".
وأشار الكفراوى إلى اهتمام أديب نوبل نجيب محفوظ بهؤلاء الشباب، مؤكدًا أنه أصدر مجموعته "خمارة القط الأسود" تأثرًا بكتابتهم، وانتقل فى حديثه إلى اهتمامه بالمنطقة الغامضة للقرية المصرية "منطقة الأحلام، المكبوت الغرائبى، علاقة الحيوان بالإنسان"، فضلا عن تيمة الموت "المحور الرئيسى فى كل ما كتبت".
لكن يبدو الذى لا يعرفه الكثيرين أن الأديب العالمى الراحل نجيب محفوظ، اقتبس قصة اعتقال "الكفراوى" حين كتب قصة فيلم الكرنك، وكانت قصته هى دور "إسماعيل الشيخ" فى الفيلم الذى قام بلعبه الفنان الراحل "نور الشريف".
وتعرض سعيد الكفراوى للاعتقال سنة 1970، قبيل أيام من وفاة الرئيس جمال عبد الناصر، بسبب قصة كتبها، وقام بنشرها بمجلة سنابل، إلا أن السلطة لم ترض عنها بحد وصفه، فكان أن اعتُقل لمدة سته أشهر تعرض خلالها للعديد من التحقيقات المختلفة، وبعد خروجه من المعتقل استقبله نجيب محفوظ بمقهى ريش وطلب منه أن يقص عليه تجربته فى السجن، الذى استوحى منه شخصية إسماعيل الشيخ فى روايته "الكرنك"، والتى تحولت لفيلم سينمائى قام الفنان نور الشريف خلاله بدور الكفراوى فى السجن.
وكتب صاحب نوبل فى الآداب عام 1988، رواية "الكرنك" عام 1974، حيث تحدث فيها عن الفترة مابين حربين حرب النكسة وحرب التحرير، وما بينهما فضيحة فساد المخابرات المصرية وما نتج عنها من الاتهامات التى تلقى جزافا، ونصيب متلقيها من التعذيب وخاصة الشباب. واسم الرواية يعود لمقهى الكرنك التى تملكه قرنفلة الراقصة المعتزلة، والتى تقدم مع المشروبات بيئة مناسبة للقاءات الثقافية، وشباب الرواية حلمى واسماعيل وزينت ابناء الثورة، ومثقفوها.