تتميز محافظة كفر الشيخ بأنها محافظة صناعية زراعية ساحلية ومعظم المهن متواجدة بها، لذا تتصدر المحافظة بقية المحافظات على مستوى الجمهورية إنتاجا، للعديد من المنتجات المتعددة فتنتج 70% من إنتاج الأسماك لتعدد المزارع السمكية، وخاصة مزرعة بركة غليون أكبر المزارع فى الشرق الأوسط، وتمتلك ربع أسطول مصر من المراكب فى مدينة البرلس وقرى الجزيرة الخضراء " الجزيرة الخضراء، السكرى، أبو خشبه، برج مغيزل، ".
كما أنها تتميز بصناعة السفن سواء فى البرلس أو فى برج مغيزل، وبهما 20 ورشة تعمل فى هذه المهنة سواء صناعة أو إصلاحاً، بالإضافة لصناعة الشباك بأنواعها.
ورصدت عدسة اليوم السابع، صناعة المراكب بمدينة برج البرلس،وتكاتف الصنايعية الكبار والأطفال للمشاركة في صناعة المراكب واليخوت، ما بين وضع الأخشاب.
أكد عبد النبي شحاته، شيخ الصيادين ،أن من بين المهن التي تتميز بها مدينة البرلس، صناعة الشباك بأنواعها ،فهناك شباك صيد مخالف ومنها الغير مخالف وكلاهما يتم استخدامه في عملية الصيد ببحيرة البرلس، فمن مقاس 30 إلى مقاس 50 ماجه، فهي شباك مخالفة لأن المسافات بين "الماجة" ضيقة ،تستخدم في صيد الذريعة، وفي حالة ضبطها من قبل شرطة المسطحات يتم حرقها، وتحرير محاضر للمخالفين من الصيادين ،أما الشباك التي بها الموجه واسعة فهي شباك قانونية وأغلبها مقاس 17 أو 18، ولا تستخدم في صيد الذريعة، بل تستخدم في صيد الأسماك سواء صغيرة أو كبيرة.
وأضاف شحاتة لـ"اليوم السابع" ،أن عدد كبير من الصيادين يمتهنون تلك المهنة بجوار مهنة الصيد، فهناك من يصنع ويخيط الشباك، ويصلحها بعشش قريبة من بحيرة البرلس ،أو في محال ضيقة وسط مدينة البرلس، أو على المراكب التي يمتلكونها ،وتمتاز بالقوة والمتانة ،أما الشباك التي يتم توريدها من المصانع بالإسكندرية ضعيفه، فيضطر الصياد لتعديلها، لتتماشى مع خبرته ليستطيع الصيد بها، كما أن هناك أكثر من 10 ورش لصناعة السفن بقرى الجزيرة الخضراء و10 ورش أخرى بمدينة برج البرلس ،والتي تتميز بصناعة السفن وتمتلك حوالي ربع الأسطول المصري من المراكب، ويتم تعليم الأطفال والكبار مهنة صناعة السفن.
وأكد أحمد عبد ربه، كبير الصيادين ،أن محافظة كفر الشيخ تمتلك أكبر أسطول مراكب بمصر، نظراً لتميزها، ففيها أكثر من 1100 مركب صيد، ما بين صغيرة وكبيرة لتميزها بصناعة المراكب، وأكثر المناطق تميزاً بصناعة السفن مدينة برج البرلس، وهناك أسر بأكملها تمتهن تلك المهن منذ 100عام ورثوها عن آبائهم وأجدادهم، ومنهم عائلة القصاص،وعائلة القلفاط"،إضافة لعائلات شهيرة ببرج مغيزل والجزيرة الخضراء التابعتين لمركز مطوبس وبالرغم من مخاوف من اندثار تلك المهنة بكفر الشيخ إلا أن هناك أسر بأكملها تتمسك بها حفاظاً على مهنة الآباء والأجداد، وتظل طبيعة تلك المناطق لا تتغير مهما تغير ما حولها.
وأكد حسن صالح محمد، صياد،26 سنة، يمتهن تلك المهنة لأنه لم يجد غيرها ،وفضل العمل بصناعة السفن والمراكب أفضل من مهنة الصيد، لعدة أسباب منها أنها فن تعلمته من آبائه وأجداده ولأنها مطلوبة سواء داخل مصر أو خارجها بالإضافة إلى أنها يتميز بالصبر وتلك المهنة تحتاج لصبر كبير ليخرج الصنايعى أفضل ما لديه.
وأضاف خميس عرفه، صاحب مركب صيد، هناك العديد من المدن والقرى بمحافظة كفر الشيخ يمتهنون بمهنة الصيد أو صناعة المراكب والسفن منها مدينة برج البرلس وقرية برج مغيزل والجزيرة الخضراء، وأبو خشبه، والسكرى، ويعمل أهالي تلك المناطق بحرفة الصيد إما بالصيد فى مياه البحر المتوسط أو الحصول على تصاريح للعمل فى المياه الإقليمية لبعض الدول العربية والأوربية، وعلى ضفاف بحيرة البرلس ورش صناعة السفن يعمل بها الصغار والكبار فهى مهنة الآباء والأجداد يحافظون عليها.
وقال أحمد القلفاط"، هناك أنواع متعددة من المراكب منها "الفلوكة" تعمل بالشراع الصغير ومنها أشكال عديدة للصيد بالشباك، ومراكب "السمبك" وهو زورق صغير وخفيف يستعمله صياد واحد فقط، وهناك "المراكب الكبيرة" و"الشراع المثلث"، والمراكب التي تستخدم كشاحنات لنقل العديد من الأسماك والاستخدامات الأخرى كنقل البوص الذى يستخدم فى الكثير من الصناعات، وهناك " "الشنشيلا" تستعمل فى الصيد الداخلى، وهناك مراكب مصنوعة من الحديد يستخدم فى صناعته النوع الجيد من الحديد المصري فثمنه مرتفع وصناعته بالطلب مؤكداً أن مدة صناعة المركب الحديد 6 شهور، أما الخشب 8 شهور، وسعر المركب 2 مليون جنيه، وهناك مركب "الجر" مساحته 50 مترا يتكلف 2 مليون جنيه ويستخدم في الصيد بالمياه الإقليمية.
وأضاف القلفاط"، نُصدر مراكب الصيد للسعودية، ويتم الاتفاق مع راغب شراء المركب بتوفير الخامات، وبعد الانتهاء من صناعتها ،ويتم تحريكها من البرلس مجهزة حتى بالصيادين بعد تجهيز كافة أوراقها، مؤكداً صناعة اليخوت ،صناعة سهلة وممتعة ،فصناعتها تشبه صناعة الفنادق الراقية به كافة الرفاهيات، ويحتوي اليخت على حجرات للنوم وبار وصالونات وحمامات ومطبخ بتكلفة 2 مليون جنيه.
وقال على عبد الرحمن القصاص، صاحب ورشة لصناعة السفن، أنه ورث تلك الصناعة من أجداده، وحافظ عليها وسيورثها لأبنائه من بعده لتظل عائلة القصاص تحافظ على تلك المهنة الشاقة، وتتميز البرلس بصناعة السفن بكل أنواعها، وبها 10 ورش لتصنيع المراكب بمختلف الأحجام بدءًا من 12 مترًا طولاً إلى 32 مترًا ويختلف تصميم كل مركب حسب المقاس ونوع الصيد فمثلاً مركب الشنشلا الذى يقوم بالصيد على عمق 5 أمتار تقريبًا لابد أن يكون مرتفعًا وهو النوع الذى يعمل فى البحر حتى آخر حدود المياه الإقليمية ويتحمل البقاء به لثلاثين يومًا وحمولته 100 طن تقريبًا ويعمل عليه 50 صيادًا.
وأضاف القفاص، أن كل ورشة يمكنها إنتاج 10 مراكب سنويًا حسب الطلب الخارجى ورواج سوق الصيد داخليًا وتصنيع المراكب الخشبية من أخشاب أشجار الكافور والسنط واللبح والتوت المشتراة من المناطق الريفية فى محافظات المنوفية والغربية والبحيرة والدقهلية والأفضل الأشجار القديمة التى يزيد عمرها على 100 عام، لافتا إلى أن الذي به اعوجاج يكون سعره أغلى لأن الطلب عليه أكثر حيث يتم تصنيع معظم المركب والهيكل منه أما الألواح فتستخدم الآن خشب السويد المستورد وهو للأسف أقل جودة من الأخشاب القديمة الباتش باين التى نشتريها من أنقاض المنازل والقصور القديمة، وخشب التك وكان أغلى من الأرو والزان ولا تؤثر فيه الريح أو المياه، وظلت ورش تصنيع المراكب فى البرج تستخدم هذه الأنواع من الأخشاب المستخرجة من المنازل والقصور القديمة وكانت أعمارها الافتراضية لا تقل عن 30 عامًا ولكن المراكب المصنعة من أخشاب السويد لا تتحمل أكثر من 15 عامًا فى أفضل الأحوال بشرط استمرار الصيانة ولذلك فإن أغلب ورش تصنيع المراكب وغيرها بدأت تتجه الآن إلى استخدام الحديد فى صناعتها.
وقال القصاص، إن هذه الصناعة لا تقتصر على مراكب الصيد فقط فنفس هذه الورش تقوم بتصنيع المراكب السياحية المستخدمة فى الغردقة وشرم الشيخ والمراكب النيلية، وتقوم بعض الورش فى قرية البرج بتصنيعها وتصدير هذه المراكب إلى المناطق السياحية وقبرص واليونان وتونس والمملكة العربية السعودية، وحجمها يتحدد حسب الطلب وإن كان أكبرها طوله 30 مترًا وعرضه 8 أمتار ويضم 9 كبائن والتصميم الرئيسى واحد ولكن الاختلاف يكون فى الإمكانات والتجهيزات وتصميم أعلى المركب ولا فرق بين مراكب السياحة أو الصيد إلا فى الفرش والتجهيزات أما أجهزة الملاحة فهى واحدة.
وقال القصاص، رغم أن هذه الصناعة توفر العمل لآلاف من الصناع المهرة المحترفين وتمثل علامة مهمة لمجتمعات السواحل وتدر دخلاً من العملة الصعبة خلال التصدير فكل ورشة تستطيع أن تقوم بتصنيع 10 مراكب سنويًا على الأقل إلا أن العدد تراجع لأكثر من 70%، لتراجع الصيد فى أعالى البحار وأمام سواحل الصومال واليمن وليبيا وصعوبة الحصول على تصاريح الصيد وصدور قرارات بوقف الصيد داخليًا فى البحيرات فى مصر فى فترات طويلة من كل عام.
أضاف على القصاص، أن مهنة صناعة السفن تراجعت فكنا نصدر 10 مراكب فى العام أما هذا العام يتم صناعة اثنين لتصدريهما للسعودية، وما يعيق عملنا مطاردة مجلس مدينة البرلس بالمحاضر والغرامات وإزالة التعديات فى المنطقة التى تمارس فيها تصنيع المراكب ومضاعفة الأعباء المالية نظير حق الانتفاع ورغم أن المساحة لا تزيد على 1000 متر إلا أن مجلس المدينة يزيدها إلى 2000 متر على الورق بهدف مضاعفة ما ندفعه من رسوم.
وأضاف أن صناعة السفن ومراكب الصيد بدأت فى الانقراض لعدم توفر الأخشاب وغلو الأسعار، وعدم تجديد الصيادين لمراكبهم لتوقف التراخيص، فلا يوجد إحلال وتجديد للمركب، وهناك عدد كبير من الصيادين تركوا المهنة وسافروا للدول العربية للعمل بها.