يحتفل العالم فى 16 نوفمبر من كل عام باليوم العالمى للتسامح، وقد جاء ذلك فى أعقاب إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 1993 بأن سنة 1995 ستكون هى سنة الأمم المتحدة للتسامح، كما اعتمدت الدول الأعضاء فى المؤتمر العام لليونسكو فى 16 نوفمبر 1995، إعلان المبادئ بشأن التسامح، ويؤكد ذلك الإعلان، من جملة مبادئه، على أن التسامح لا يعنى التساهل أو عدم الاكتراث؛ بل هو احترام وتقدير التنوع الثقافى والإنسانى، ويؤكد الإعلان كذلك على أن التسامح يعترف بكافة حقوق الإنسان العالمية والحريات الأساسية للآخرين ويحدد مسألة التسامح؛ ليس فقط كواجب أخلاقى، ولكن أيضًا كشرط سياسى وقانونى للأفراد والجماعات والدول.
وهو يوم دعت إليه الجمعية العامة للأمم المتحدة الدول الأعضاء إلى الاحتفال به فى 16 نوفمبر 1996،ويعد مناسبة سنوية تحتفى بها الأمم والشعوب والمجتمعات من أجل ترسيخ قيم وثقافات التسامح والاحترام والتآخى، ونبذ كل مظاهر التعصب والكراهية والتمييز، وهو يوم لاحترام ثقافات ومعتقدات وتقاليد الآخرين وفهم المخاطر التى يشكلها التعصب.
الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، أكد في كلمته بمناسبة يوم التسامح، إن الإسلام دين التسامح والرحمة وهو يدعو دائمًا إلى العيش المشترك والحوار مع الآخر باعتبار الحوار واجبًا دينيًّا وضرورة إنسانية، وإن التعدد والتنوع دليل على قدرة الله تعالى وحكمته، مصداقًا لقول المولى عز وجل: {ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين}.
وأضاف مفتي الجمهورية في كلمته اليوم الإثنين، بمناسبة الاحتفال باليوم العالمى للتسامح الذي يوافق 16 نوفمبر من كل عام: إن الدين الإسلامي يحترم التعدد والتنوع، حيث نبهنا المولى عز وجل إلى ذلك في قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ}، وشدد على أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وخلفاءه الراشدين احترموا هذا التعدد والتنوع، ونظروا إليه نظرة تقدير واحترام.
وأشار المفتي إلى أن الإسلام يؤكد على وحدة البشرية مهما تعددت شرائعهم، وأن الله تعالى أمر رسوله الكريم بالإيمان بالرسالات السابقة، يقول الحق تبارك وتعالى في كتابه الكريم: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}. ويتجلى التسامح الديني كذلك في معاملة الرسول صلى الله عليه وسلم لأهل الكتاب؛ يهودًا كانوا أم نصارى، فقد كان يزورهم ويكرمهم، ويحسن إليهم، ويعود مرضاهم، ويأخذ منهم ويعطيهم.
وأوضح مفتي الجمهورية أن التسامح الديني والحوار والعيش المشترك بين أتباع الأديان ينبغي أن يكون أساسًا في الانسجام واستيعاب الاختلاف وتحييد أسباب الصراع، ليتحوَّل الاختلاف إلى ثراء وليس إلى عداء.
وقال الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية: إن التسامح الديني يتجلى في حُسن معاملة الآخر ولطف المعاملة، ورعاية الجوار، وسعة المشاعر الإنسانية والبر والرحمة والإحسان، وكلها من الأمور التي تحتاج إليها الحياة اليومية، وفي ترغيب القرآن الكريم في البر والقسط بالمخالفين الذين لم يقاتلوا المسلمين في الدين: {لاَ يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ} (الممتحنة: 8) ، لافتا النظر إلى أن أهم الحلول لنشر التسامح الديني والعيش المشترك تكمن في تشجيع الخطاب الديني المعتدل والموضوعي، وتصاحبه النية الصادقة في نشر السلام، بالإضافة إلى الفهم العميق للآخر، وأهمية الإيمان بالشراكة الحضارية، وأن يكون الحوار ملمًّا بالجوانب السياسية والفكرية والفنون والرياضة، وأن تلك الحلول من الممكن أن تساعد في نشر ثقافة التسامح والسلام والعيش المشترك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة