ملف الغاز لا يزال هو المسيطر بشكل دائم على القطاع الصناعي خلال هذه الفترة، في ظل تراجع الطلب على المنتجات المصدرة لبعض القطاعات نتيجة ارتفاع أسعارها محليا، وذلك بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج جراء ارتفاع أسعار الغاز هنا فى مصر باكثر من 2 دولار، قياسا على الأسعار العالمية، إذ يسجل الغاز الطبيعي في مصر بالنسبة للصناعة 4.5 دولار، في حين أن متوسط سعره عالميا بين 2 إلي 2.5 دولار.
كما أن تنافسية المنتجات المصرية مهددة في الخارج خاصة مع الدول المنافسة لنا تصديريا سواء في الخليج وكذلك تركيا، في حين تراجعت صادرات قطاع الصلب بنسبة 37% أول 8 أشهر من 2020، وهذا القطاع رغم أنه مؤهل للنمو من حيث الاستثمار المحلي وكذلك مرتقب حدوث طفرة في إجمالي حصيلة الصادرات إلا أنه يعاني بصورة كبيرة بسبب الأسعار الحالية للغاز والمحددة ب 4.5 دولار وسط مطالب بخفض أسعار المليون وحدة حرارية إلي 3 دولار.
وهنا إنفاذ الصناعة الوطنية يتطلب في المقام الأول مراجعة تكاليف الإنتاج، وبالفعل مركز تحديث الصناعة التابع لوزارة الصناعة والتجارة اجري عدة دراسات علي أثر سعر الغاز بالنسبة لقطاعات مثل السيراميك، وتوصلت الدراسة إلي نتائج ضرورة مراجعة سعر الغاز من أجل إنقاذ هذه الصناعة.
ويعتبر خفض سعر الطاقة للصناعة مطلب حيوي، حيث انخفض سعر توريد الغاز الطبيعى للصناعة من 5.5 دولار أمريكى لكل مليون وحدة حرارية بريطانية إلى 4.5 دولار أمريكى، كما تم تخفيض أسعار الكهرباء بقيمة 10 قروش للكيلو وات ساعة فى مارس 2020، فضلاُ عن تثبيت أسعار الكهرباء للصناعة لمدة خمس سنوات، وهنا هذه الإجراءات لمواجهة تداعيات فيروس كورونا، إضافة إلى دعم القطاعات الإنتاجية، لكن هذه الإجراءات رغم اهميتها إلا أنها في حاجة إلي خطوات أخري.
وهنا فإن الدكتورة عالية المهدي رئيس جمعية الصلب لها موقف من أثر سعر الغاز على صناعة الصلب كأحد الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة، إذ تقول في مقال منشور لها 21 يونيو 2020 بجريدة اليوم السابع، إن مصر تملك العديد من الإمكانات التى تؤهلها لأن تصبح رائدة صناعة الصلب فى الشرق الأوسط وأفريقيا، مشيرة إلي أن الطاقات الإنتاجية الحالية لصناعة الحديد والصلب المصرية بلغت نحو 15.6 مليون طن عام 2019، وهو ما يمثل نحو 36% من الطاقات الإنتاجية المتاحة بقارة أفريقيا.
واضافت، أن الطاقات الإنتاجية لصناعة الحديد والصلب المصرية الصناعة العربية، حيث استحوذت على نحو 26% من إجمالى الطاقات الإنتاجية لصناعة الحديد والصلب العربية عام 2018، ولفتت إلي أن صناعة الحديد والصلب توظف عمالة مباشرة تقدر بنحو 31 ألف عامل «منها 27500 عامل بالصناعة المتكاملة وشبه المتكاملة و3500 عامل فى صناعة الدرفلة»، هذا بالإضافة إلى عشرات الآلاف من العمالة غير المباشرة التى تعمل بالعديد من القطاعات والأنشطة الاقتصادية التى تشكل روابط الدفع الأمامية والخلفية لصناعة الحديد والصلب مثل النقل، التشييد والبناء، السيارات، الأجهزة المنزلية.. إلخ.
ورغم كل هذه الإمكانيات التصنيعية الهائلة، إلا أن صناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة ومنها الحديد والصلب تعاني من تكاليف مرتفعة جراء ارتفاع سعر الغاز، وهذا اثر بصورة سلبية على الصادرات المصرية لهذا القطاع حيث تراجعت الصادرات خلال الخمسة أشهر الأولى من عام 2020 بنسبة 43% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، أي ما يعادل 207 ملايين دولار، وفق بيانات متاحة من هيئة الرقابة على الصادرات والواردات.
وفيما يتعلق بالمقارنة بين سعر الغاز للصناعة في مصر مقارنة بدول أخري، كشف تقرير لجمعية الصلب المصرية، إنه يتم محاسبة صناعة الحديد والصلب في مصر بسعر 4.5 دولار أمريكى للمليون وحدة حرارية بريطانية وهو ما يمثل أكثر من ضعف سعر توريده للصناعة في كل من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية والبالغ 1.4 و1.8 دولار أمريكى للمليون وحدة حرارية بريطانية على التوالى، وبالتالى تم تحميل مصانع الصلب الوطنية بتكاليف إضافية قدرت بنحو 3.2 مليار دولار خلال عام 2019.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة