اعتادت رانيا منذ طفولتها على "الشقا"، ووجدت نفسها في عائلة الأب فيها "صاحب إعاقة" فاضطرت الصغيرة للعمل مع والدها لإعالة المنزل المكون من الأب والأم وخمسة من الأبناء، انفصل الوالدان فوجدت نفسها مسئولة مسئولية كاملة عن أشقائها، تزوج منهم من تزوج وكبر الصغير واستكملت عملها حتى "جهزت نفسها" وتزوجت، ورزقها الله بطفلين، سنوات قصيرة وانفصلت عن زوجها لتجد نفسها مسئولة من جديد عن طفلين، هي كل من لهما فى الحياة، فعادت بعد فترة راحة لم تتجاوز ست سنوات إلى "الشقا" من جديد، عملت في كل المجالات، ورفعت شعار "أى شغلانة حلال تجيب رزق لعيالى هشتغلها".
رانيا محمد عاشور عمرها، 36 عامًا، حاصلة على دبلوم تجارة، تقول لـ"اليوم السابع": بدأت العمل مع والدى حتى أعول معه البيت، وبعدها انفصل والدى عن والدتي أصبحت أن المسئولة عن البيت وعن أخواتى الأربعة، حتى جهزت نفسى وتزوجت ورزقنى الله بأحمد 14 عاما وأشرقت 10 سنوات وبعد حوالى ست سنوات ونصف من الزواج انفصلت عن زوجي وأخذت أولادي وقمت بتأجير شقة وعشت فيها وأصبحت أنا من أصرف عليهم تمامًا، وتضيف رانيا: "لا أخجل من العمل وبشتغل أى شغلانة تكفى بيتى وأولادى طالما بالحلال ومفهوش حاجة غلط ولا حرام".
تقول رانيا: "قبل كورونا كنت أعمل فى شركة شغلها مع المراكب وبعد الحظر الشركة توقفت عن العمل ففكرت في أن أقوم بشراء شيء يكون مصدر دخل لى، وفكرت فى الشراء لأن فكرة الإيجار كانت عبء فأنا أعيش في إيجار منذ ولادتي وأصبحت فكرة الالتزام الشهري بمبلغ عبء ثقيل لذلك "عملت جمعية وقبضتها الأول وأشتريت تروكسل، أولاً "هيكون متنقل معايا أجيب خضار وأبيعه، أنقل بيه عفش، أعمل عليه أى حاجة"، ثم فكرت فى موضوع المشروبات لأن المصريين بيحبوا المشروبات خصوصا الساخنة "شاى، قهوة، يانسون" وبالفعل اشتغلت وقمت بشراء البوتاجاز والأنبوبة و"استلفت علشان أكمل المواد اللى هشتغل بيها"، وبالطبع كان الشغل وقتها قليل جدًا لأن الوقت بين ساعات الحظر كان قليل جدا وبالتالى كان الشغل قليل والناس فى الشارع قليلة، وكان أهم حاجة عندي أجمع إيجار البيت والالتزامات زى المياه والنور والغاز، ومش مهم الأكل والشرب، المهم أدفع الإيجار لأن الشهر إللى مش هدفع فيه تانى شهر هكون فى الشارع، وطبعًا فترة كورونا كان يدوب الجاى بيقضى تمن الإيجار، جيه علينا العيد مش مهم لبس جديد، جيه رمضان "اللقمة الموجودة بتقضى" المهم ندفع الإيجار.
تضيف رانيا: "كل حاجة فى حياتنا مؤجلة حتى دفع الإيجار، لأن البطن محدش بيشوفها لكن الأربع حيطان هما اللى بيسترونا فى الدنيا لدرجة أن أحمد كان بيلعب رياضة ومرة رجلة اتخبطت عاوز يروح للدكتور ونعمل إشاعة ومأجلين مشوار الدكتور بقالنا أربع خمس شهور لحد ما يبقى فى فلوس زيادة، لأن أنا بشتغل يوميًا 12 أو 13 ساعة علشان أقدر على طلبات الشغل "بجيب شاى وقهوة وسكر ويانسون"، طلبات كتير خصوصا إن التروسيكل مستعمل وكل شوية محتاج ميكانيكى وكهربائى، فلو بعد كل المصاريف دى كسبت فى اليوم خمسين جنيه بقول الحمد لله يوم فيه شغل.
وعن ظروف عملها تقول رانيا: "أنا بصحى يوميًا السادسة والنصف صباحًا بصحى الولاد علشان المدرسة "بنروح يومين فى الأسبوع"، بفطرهم وبننزل يروحوا على مدارسهم وأنا بروج الجراج أجيب التروسيكل وأجيب تلج علشان المياه وعندى معاناة علشان المياه والكهرباء، بشتغل لحد ما الولاد يرجعوا من المدرسة ويفضلوا معايا شوية، بعدها لو حد منهم عنده درس أو تمرين يروح يخلصوا ويرجعوا عليا فى الشارع لحد 10 ونصف مساء، نلم الدنيا مع بعضنا ونروح أحمد يودى التروسكل الجراج وأنا وأشرقت نروح نحضر العشاء، يرجع أحمد نتعشا ونعمل الواجبات وبعدها ننام ونصحى تانى يوم نعمل نفس الحكاية، وهنفضل كدا لحد ما يخلصوا تعليمهم ودى الحاجة الوحيدة إللى هسيبهلهم بعد موتى ومستحيل اتنازل عنها.