بالتزامن مع الاحتفال باليوبيل الذهبى للعيد الوطنى، تحيي سلطنة عمان الذكرى الـ 80 لميلاد السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور الراحل طيب الله ثراه، اليوم، الأربعاء والذى يوافق أيضا احتفالها بالنهضة التى اقامها على مدى نصف قرنا من الزمن، حيث أسس دولة حديثة تواصل حضورها الذي لا تخطئه عين في مختلف الميادين.
محطات كبرى تزخر بها حياة الزعيم العربى، فهو من أرسى نهضة شامخة خلال 50 عاما منذ أن تقلّد زمام الحكم في 23 من شهر يوليو عام 1970 م وبعد مسيرة حكيمة مظفرة حافلة بالعطاء شملت عُمان من أقصاها إلى أقصاها، وطالت العالم العربي والإسلامي والدولي قاطبة وأسفرت عن سياسة متزنة وقف لها العالم أجمع إجلالاً واحترامًا.
ومن أهم محطات حياته أنه حقق خلال سنوات حكمه البالغة 5 عقود، وعلى امتداد السنوات الماضية من عمر النهضة الشاملة على أرض عمان، إنجاز ضخم تقف وراءه إرادة قائد كبير، عمل على إقامة إصلاحات كبيرة في مختلف الميادين السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والثقافية.
وكان السلطان قابوس هو رأس الدولة وسلطانها والسلطة العليا والنهائية لها وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وكان رمز الوحدة الوطنية والساهر على رعايتها وحمايتها. وقد حددت المادة ( 42) من النظام الأساسي لدولة عمان المهام التي يقوم بها.
وولد السلطان قابوس بن سعيد في مدينة صلالة بمحافظة ظفار في 18نوفمبر 1940م، وهو السلطان الثامن من سلالة الإمام أحمد بن سعيد المؤسس الأول لأسرة آل بوسعيد سنة 1744م، الذي مازالت ذكراه موضع احترام وإجلال في عمان كمحارب شجاع وإداري محنك استطاع أن يوحد بلاده بعد سنوات من طويلة من الخلافات والحروب الداخلية .
وشكلت طفولته الهادئة ملامح شخصيته، في سنواته المبكرة تلقى تعليم اللغة العربية والمبادئ الدينية على أيدي أساتذة مختصين، كما درس المرحلة الابتدائية في المدرسة السعيدية بصلالة، وفي سبتمبر 1958م أرسله والده السلطان سعيد بن تيمور إلى انجلترا حيث واصل تعليمه لمدة عامين في مؤسسة تعليمية خاصة في (سافوك)، وفى عام 1960م التحق بالأكاديمية العسكرية الملكية البريطانية (ساند هيرست) كضابط مرشح، حيث أمضى فيهـا عـامين درس خـلالهما العلوم العسكرية وتخرج برتبة ملازم ثان، ثم انضم إلى إحدى الكتائب البريطانية العاملة آنذاك في ألمانيا الغربية.
السلطان قابوس
بعدها عاد إلى بريطانيا ودرس لمدة عام في مجال نظم الحكم المحلي، وأكمل دورات تخصصية في شؤون الإدارة. ثم هيأ له والده الفرصة، فقام بجولة حول العالم استغرقت 3 أشهر، عاد بعدها إلى البلاد عام الموفق 1964م وأقام في مدينة صلالة.
وعلـى امتداد السنـوات الـ 6 التـالـيـة تعمق في دراسة الدين الإسلامي، وكـل ما يتصل بتـاريـخ وحضارة عُمان دولة وشعباً على مر العصور، وقد قال السلطان في أحد أحـاديثه (كان إصرار والدي على دراسة ديني وتاريخ وثقافة بلدي لها عظيم الأثر في توسيع مداركي ووعي بمسؤولياتي تجاه شعبي والإنسانية عموماً. وكذلك استفدت من التعليم الغربي وخضعت لحياة الجندية، وأخيراً كانت لدي الفرصة للاستفادة من قراءة الأفكار السياسية والفلسفية للعديد من مفكري العالم المشهورين).
وكان للسلطان قابوس اهتمامات واسعة بالدين واللغة والأدب والتاريـخ والفلك وشؤون البيئة ويظهر ذلك جليا من خلال الدعم الكبير والمستمر من لدن جلالته للعديد من المشروعات الثقافية، وبشكل شخصي، محليا وعربياً ودوليا، سواء من خـلال منظمة اليونسكو أم غيرها من المنظمات الإقليمية والعالمية.
ومن أبرز هذه المشروعات على سبيل المثال لا الحصر، موسوعة السلطان قابوس للأسماء العربية، ودعم مشروعات تحفيظ القرآن الكريم سواء في السلطنة أم في عدد من الدول العربية، إضافة إلى بعض مشروعات جامعتي الأزهر، والخليـج وعدد من الجـامعات والمراكز العلمية العربية والدولية، فضلاً عن (جـائزة السلطان قابوس لصون البيئة) التي تقدم كل عامين من خلال منظمة اليونسكو، ودعم مشروع دراسة طرق الحرير.. وغيرها من المشروعات الأخرى.
كما حصل السلطان قابوس خلال مسيرته السياسية الحافلة على العديد من الأوسمة العربية والدولية، منها جائزة السلام الدولية من قبل 33 جامعة ومركز أبحاث ومنظمة أمريكية في العام 1998، وجائزة السلام من قبل الجمعية الدولية الروسية في 2007، وجائزة جواهر لآل نهرو للتفاهم الدولي من الهند في العام نفسه.
ومن الأوسمة التي تقلّدها السلطان قابوس وسام الملك عبد العزيز آل سعود في 1971، وقلادة مبارك الكبير في الكويت 2009.