"الدولرة" أخر حلول دول أمريكا اللاتينية لإنقاذ الاقتصاد.. فنزويلا تتجه لإضفاء الطابع الرسمى على العملة الأمريكية.. الدولار يحظى بشعبية كبيرة بالإكوادور منذ 20عاما.. وخبراء يرصدون مزايا وعيوب هذا الحل

الخميس، 19 نوفمبر 2020 03:00 ص
"الدولرة" أخر حلول دول أمريكا اللاتينية لإنقاذ الاقتصاد.. فنزويلا تتجه لإضفاء الطابع الرسمى على العملة الأمريكية.. الدولار يحظى بشعبية كبيرة بالإكوادور منذ 20عاما.. وخبراء يرصدون مزايا وعيوب هذا الحل الدولار
كتبت فاطمة شوقى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تعتبر الدولرة مفهوما مألوفا للعديد من اقتصادات أمريكا اللاتينية والتى تضمنت تغييرات فى السياسة النقدية، وتعتبر الاكوادور أولى الدول التى فرضت الدولرة والتخلى عن عملتها المحلية بسبب الازمات الاقتصادية المتلاحقة، حيث اتجهت لإضفاء الطابع الرسمى على العملة الأمريكية فى يناير 2000، والآن تدرس فنزويلا الدولرة فى محاولة انقاذ البلاد من التدهور الاقتصادى التى تعانى منه.

ويدرس البنك المركزى الفنزويلى خطة الدولرة مع البنوك الخاصة لإنقاذ اقتصاد البلاد، وسيكون الإجراء خطوة لإضفاء الطابع الرسمى على معاملات الصرف الأجنبى، حيث التقى ما لا يقل عن 5 كيانات مصرفية خاصة بمسئولى البنك المركزى.

وأشارت صحيفة "ران" الإسبانية، إلى أن البنك المركزى الفنزويلى BCV دعا المسئولين التنفيذين من العديد من الشركات المالية فى البلاد لمناقشة وضع خطط لتنفيذ نظام التسوية بالدولار بدءا من أواخر 2020، ووفقًا لاثنين من الأشخاص الذين فضلوا عدم الكشف عن هويتهم، سيتم السماح للبنوك أيضًا بتقديم قروض بالدولار، والتى يمكن أن تغذى سوق الائتمان المحلى المحتضر.

قال أحد المصادر أن خمسة بنوك خاصة على الأقل اجتمعت مع مسؤولى البنك المركزى فى الأسابيع الأخيرة. تقدم العديد من البنوك فى فنزويلا بالفعل خدمات للعملاء الذين لديهم دولارات، ومع ذلك تقتصر المعاملات على الإيداعات النقدية والسحوبات والتحويلات بين حسابات البنك نفسه، مشيرة إلى أن النظام الجديد سيحول البنك المركزى إلى غرفة التسوية بالدولار، مما يسمح بالمعاملات الفورية بين البنوك والشركات داخل الدولة.

وأدت الازمة الاقتصادية فى أمريكا اللاتينية أدت إلى انخفاض كبير فى العملات، مما أدى إلى انتشار الدولار الأمريكى فى الدوائر الاقتصادية للعديد من دول أمريكا اللاتينية، وتعنى الدولرة اعتماد الدولار الأمريكى كعملة، واستبدال العملة المحلية عند تحديد الأسعار أو طريقة الدفع، ويمكن أن تكون الدولرة رسمية أو شاملة.

وقالت صحيفة "الاوردن مونديال" الإسبانية فى تقريرها إلى أن فنزويلا لم تقر بشكل رسمى الدولرة ولكن المواطنون اتجهوا من تلقاء أنفسهم إلى استخدام الدولار الأمريكى بسبب التضخم المفرط للعملة الفنزويلية البوليفار، الذى يعانى من تضخم، ولذلك 50% من معاملات الدولة تتم بالدولار.

وكانت الاكوادور أولى الدول التى قامت بإضفاء الطابع الرسمى على العملة الأمريكية، وذلك بعد أن تعرضت لأسوأ أزمة اقتصادية فى تاريخها، وكانت العملة الأكوادورية السوكرى، تتراجع يوما بعد يوم، بعد اسبوع واحد فقط ارتفع من 7000 سوكرات للدولار إلى 19 ألف، لذلك اتخذ الرئيس آنذاك جميل معوض الإجراء النقدى الاكثر اتاحة وهو التخلى عن عملته السوكرى والتحول إلى الدولار، ومنذ هذا الوقت أصبح الدولار له شعبية كبيرة بعد أن استقرت الازمة على الرغم من السخط الاجتماعى الذى جرى فى هذا الوقت ضد معوض والاطاحة به.

وفقًا لآخر مسح تم إجراؤه فى البلاد حول هذا الموضوع، والذى يعود إلى عام 2015، أجاب 85٪ من الأكوادوريين بأنهم يدعمون الدولرة.

وهناك العديد من الاسباب وراء شعبية الدولرة، وهى الحد من التضخم والنمو الاقتصادى، ويقول الخبير الاقتصادى الأكوادوري خايمى كاريرا: "فى مجتمع غير منضبط مثل مجتمعنا، كان هناك اختلالات كبيرة، أدى الاستقرار الذى توفره الدولرة إلى تدفق الاستثمارات، وكان هناك المزيد من النظام فى الاقتصاد وهذا عزز النمو"، ونما الناتج المحلى الإجمالى لإكوادور بنسبة 2.3 ٪ فى عام 2000، وهو العام الذى تم فيه تطبيق الدولرة.

وفى السياق نفسه، قالت وكالة "برينسا لاتينا" الكوبية، أن السياحة فى أمريكا اللاتينية ومنطقة بحر الكاريبى، ستخسر 230 مليار دولار بسبب أزمة كورونا، وقالت جلوريا جيفارا، رئيسة المجلس العالمى للسفر والسياحة WTTC، أن صناعة السفر والسياحة تتوقع خسائر تقارب 230 مليار دولار وفقدان 12.4 مليون وظيفة فى أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبى هذا العام بسبب وباء كورونا.

وأشارت الوكالة فى تقرير لها، إلى أنه منذ بداية الوباء، تأثر القطاع بانخفاض الطلب من قبل المسافرين، ولكن أيضًا بالقيود المطبقة عالميًا لاحتواء انتشار الفيروس الذى خلف ما يقرب من 28 مليونًا مصابًا ونحو 900 ألف حالة وفاة فى العالم.

وسيؤثر ذلك على ثلثى الوظائف والنشاط السياحى الإقليمى هذا العام، وفقًا لبيانات من WTTC، المنتدى الرئيسى لقطاع السياحة الخاص، وفى عام 2019، بلغ نشاط الصناعة فى أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبى 358 مليار دولار.

ويرى الخبراء، أن بوليفيا هى الدولة التى حققت أعلى نسبة نزع دولرة من احتياطاتها فى العشرين عاما الماضية بنسبة 79% فى المرتبة الثانية الارجنتين بنسبة 38.3 % وليتوانيا 37.9% تيليها لاتفيا بنسبة 36.2% واخيرا بيرو بانخفاض قدره 35.4%.

كما أوضح إدواردو ليفى، عميد كلية الحكومة بجامعة توركواتو دى تيلا، تم تنفيذ سياسات مختلفة لتحقيق إزالة الدولرة فى المنطقة، مثل خفض التضخم، وتنظيم استخدام العملة، وتقليل تقلبات الدولار، والسعى إلى الاستقرار، زيادة تكلفة الوساطة، على سبيل المثال، مع وضع حدود قصوى أو حظر على الودائع والقروض بالدولار، من بين تدابير أخرى.

وأضاف ليفي: "أى استراتيجية نرغب فى تنفيذها للتخلص من الدولار يجب أن تكون متعددة ومعقدة وإلا فإننا سنواجه جانبًا واحدًا من المشكلة، لكن الأسباب الأخرى ستظل تعمل".

وتتمثل إحدى مشكلات تقلب السوق والتضخم فى أن الجهات الفاعلة فى الاقتصادات بدأت تفضل الادخار بالدولار على العملة المحلية، لذلك يتعين على الحكومات تعزيز المعاملات بالعملة المحلية وزيادة الثقة ضد هذه.

أوضح مارتين جاراميلو، مستشار الأعمال فى Upside Consulting، أن الدولرة ضرورية فى بعض الأحيان. وقال "الدول التى لديها مشاكل كثيرة مع عملتها يجب أن تستخدم الدولرة لأن السياسيين والمؤسسات ليسوا أقوياء بما يكفى لجعلها ذات مصداقية أن لديهم عملة مسؤولة".

فيما يتعلق بالودائع لأجل، فى أمريكا اللاتينية بين عامى 1999 و2018، انخفض متوسط ​​تراجع الدولرة من 55.6٪ إلى 37.4٪ مع الأرجنتين وبوليفيا وبيرو وأوروجواي كدول نموذجية فى هذا المجال وفى إلغاء دولرة الودائع إلى برزت بوليفيا وبيرو مرة أخرى خلال نفس الفترة بتخفيضات بلغت 65.4٪ و28.1٪.

وأوضح ماريانو لانزا، الأستاذ والباحث فى جامعة ريو نيجرو، "لتكون قادرًا على إلغاء الدولار، فإن الاستقرار النقدى والتوازنات المعينة فى قدرات الدفع الدولية ضرورية، وهو ما فشلت العديد من اقتصادات أمريكا اللاتينية فى تحقيقه وهو النقاش الكبير".

من ناحية آخرى، يرى الخبراء أن للدولرة مساوئ أيضا وأضرار، والتى منها فقدان الدولة سيادتها النقدية أى أن بنكها الوطنى لم يعد يتحكم فى العملة التى يتم تداوليها فى أراضيها، وتأتى هذه القوة من واشنطن، أى البنك المركزى الأمريكى، وهذا يولد اختلال فى ميزان المدفوعات تؤدى إلى نشوء ديون خارجية.

وأشار التقرير إلى أن بنما تعتبر أولى دول أمريكا اللاتينية التى تتجه إلى الدولرة، وكان ذلك فى عام 1903، وذلك جنبا إلى جنب مع عملها الرسمية بالبوا.

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة