تبدأ الاثنين محاكمة تعد بمثابة مقاضاة لنهج بلجيكا في السيطرة على الهجرة غير المنظّمة عندما يمثل شرطي أمام القضاء لإطلاقه النار على طفلة كردية في الثانية من عمرها وقتلها.
وأصيبت الطفلة مودة بجراح أدت إلى وفاتها في مايو 2018 عندما فتح شرطي النار على شاحنة صغيرة كان يقودها مهرّبون عبر بلجيكا لنقل مهاجرين إلى بريطانيا.
ووفقا لتقرير نشره موقع سويس انفو السويسرية، أفاد الشرطي أنه كان ينوي إطلاق النار على إحدى عجلات المركبة خلال عملية مطاردة، لكن سيّارته انحرفت بدرجة كبيرة عن مسارها ولم تصب الرصاصة هدفها، وتسببت المأساة بفضيحة في بلجيكا وتحوّلت بالنسبة للناشطين الحقوقيين إلى رمز للمخاطر التي يمثّلها "تجريم" الهجرة غير الشرعية.
ولم يتم الكشف علنا عن هوية الشرطي الذي أطلق الرصاص لكن تقارير أشارت إلى أنه في الأربعينات من عمره ووالد لطفلين ولديه ثماني سنوات من الخبرة في جهاز الشرطة، ويواجه تهمة القتل غير العمد وسيمثل في المحكمة في مدينة مونس إلى جانب سائق الشاحنة ومهرّب البشر المشتبه، وهما من أكراد العراق.
وبينما لم ينف الشرطي واقع أنه أطلق النار لإجبار المركبة التي كان سائقها يحاول الفرار، على التوقف، إلا أنه أصرّ على أنه لم يكن على علم بوجود مهاجرين على متنها، وأشار إلى أنه شعر بـ"إرهاق شديد" عندما اكتشف أن الطفلة مودة تعرّضت إلى إصابة مميتة في رأسها، بينما كانت جاثمة مع والديها خلف كرسي السائق.
وقال محاميه لوران كينيس لفراس برس "إنه أمر مرعب بأن يتحمّل شخص ما تصويره على أنه مسؤول عن وفاة طفل"، وأضاف "يشعر بأنه اضطّر لتحمل عبء كل شي وأن عليه دفع ثمن أخطاء النيابة العامة وسياسة الهجرة".
واستقر والدا مودة، اللذان غادرا العراق في 2015 وكانا ينويان التوجّه إلى بريطانيا، في بلجيكا بعد وفاتها حيث منحا حق الإقامة لدواعٍ إنسانية، ومن المقرر أن يمثلهما ثلاثة محامين في جلسات الاستماع التي تستمر على يومين. ويحظى الوالدان بدعم مجموعة مكوّنة من ناشطين مدنيين حشدت دعم شخصيات مشهورة عالميا.
وحضّ روجر ووترز من فرقة موسيقى الروك "بينك فلويد" البلجيكيين على حضور جلسات الاستماع وإثارة ضجة بشأن القضية قائلا "لا تسمحوا لهم بإخفاء مسألة وفاة هذه الطفلة".
وفي تسجيل مصوّر، تساءل المخرج البريطاني كين لوتش "أي ظروف هذه التي تبرر إطلاق النار على شاحنة مليئة بالناس؟"، ويشير ناشطو حقوق الإنسان في بلجيكا إلى أن "تجريد (اللاجئين) من إنسانيتهم" و"تجريم" الهجرة يجعلان من وقوع حوادث دامية من هذا النوع أمرا مرجّحا أكثر.
كما ستكون تكتيكات الشرطة والتعاون بين جهازي الشرطة الفرنسي والبلجيكي موضع تساؤلات.
ويذكر أنه ليلة 16-17 مايو 2018، عندما انطلقت الشاحنة من غراند-سينث في شمال فرنسا، زرع محققون فرنسيون جهاز تعقّب فيها، لكن الشرطة البلجيكية لم تكن على علم بأن الشاحنة خاضعة أساسا للمراقبة عندما حاول عناصرها اعتراض المهرّبين على طريق سريع جنوب بروكسل.
وبعد انتهاء جلسات الاستماع في محكمة في مونس في جنوب بلجيكا، سترفع المحكمة الجلسات للنظر في القضية قبل إصدار الحكم.
وقد يواجه الشرطي حكما بالسجن لخمس سنوات في حال إدانته بالقتل غير العمد. وأما المتهمان الكرديان فيواجهان اتهامات بالقيادة بشكل خطير فاقم درجة خطورتها وقوع وفاة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة