تتجه أنظار الملايين من عشاق كرة القدم فى مصر والعالم يوم الجمعة السابع والعشرين من شهر نوفمبر، صوب استاد القاهرة، من أجل متابعة مباراة الزمالك والأهلى، فى نهائى بطولة دورى أبطال افريقيا، وهى المرة الأولى التى تجمع الفريقين فى النهائى، ويدخل الفريقين حاملين أحلام جماهيرهم العريضة، حيث يسعى النادى الأهلى لإضافة البطولة التاسعة، بينما يسعى فريق الزمالك لإضافة البطولة السادسة لرصيده.
وقبل انطلاق المباراة أطلق العديد دعوات "لا للتعصب"، وذلك لخفض حدة الشحن الجماهيرى والحماسة التى تصل بالبعض أحيانا إلى التعصب والتى قد ينتج عنها أمورا بعيدة عن أهداف الرياضة، وفى هذا الإطار اهاب الأزهر الشريف ممثلا فى مركز الأزهر العالمى للفتوى بالرياضيين أن يكونوا قدوة صالحة لأبنائنا، ولجماهير لعبتهم، وأن ينكروا التصرف الخاطيء على من جاء به من أى فريق أو اتجاه، وأن يغرسوا فى النشء الانتماء الخالص للدين والوطن.
وحذر المركز من تكرار مشهد التعصب البغيض عقب المباراة ، مُناشدًا مسؤولى منظومات الرياضة أن يواجهوا هذا التّعصب الرّياضى بوسائل توعويّة وعقابيّة تمنعه بالكلية، كما حذر مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية من التعصب الرياضى مؤكدا أن آثاره السلبية تُهدد السِّلم المُجتمعي، وموضحا أن مع إباحة الإسلام الحنيف لممارسة الرياضة والأخذ بأسباب اللياقة البدنية، والقوة الجسمية؛ إلا أنه وضع ضوابطَ للألعاب البدنية يحافظ اللاعب من خلالها على دينه، ونفسه، وماله، ووقته، وسلامته، وسلامة غيره؛ بما فى ذلك منافسه.. ليس هذا محل بسطها.
كما جعل مراعاة هذه الضوابط كاملة أمرًا لا ينفك عن حكم الإباحة المذكور؛ بحيث لو أُهدرت، أو أُهدر أحدُها بما يبعث على الانحرافات الأخلاقية والسلوكية، أو الفتنة؛ ومن ثمّ الفرقة، وقطع أواصر الترابط فى المجتمع؛ كان ذلك مُسوّغًا للتحريم.
وتابع : لا شك أن الحفاظ على الوَحدة مقصد شرعى جليل راعته هذه الضوابط، وقام على وجوبِ حِفظه أدلة عديدة، منها قول الله سبحانه: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا..} [سورة آل عمران: 103]؛ حتى كان زوال مسجدٍ أولى عند الله سبحانه من نشوب فتنة، أو ظهور فرقة؛ ويدل على ذلك قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم فى مسجد الضرار: {لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا ۚ لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أن تَقُومَ فِيهِ ۚ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أن يَتَطَهَّرُوا ۚ وَالله يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [سورة التوبة: 108].
كما بيّن صلى الله عليه وسلم أن إذكاء الفرقة من فعل الشيطان، فقال محذرًا: «إنَّ الشَّيْطانَ قدْ أيِسَ أن يَعْبُدَهُ المُصَلُّونَ فى جَزِيرَةِ العَرَبِ، ولَكِنْ فى التَّحْرِيشِ بيْنَهُمْ» [أخرجه مسلم].
والمُتابع الجيد لمباريات كرة القدم وأحداثها مُؤخرًا يرى تعدِّيات صارخة على هذه الضوابط، تُهدر كثيرًا من مصالح الشرع المرعيّة، وتجلب العديد من المفاسد، لا إلى ساحة سلوك الفرد فقط؛ بل إلى ساحة أخلاق وسلوك المجتمع بأسره.
الأمر الذى دفعه إلى تأكيد حرمة هذه السّلوكيات وما تضمنته من سخرية، أو تنابز بالألقاب، أو تعصب، أو سبٍّ، أو غيبة، أو عنف لفظى أو بدني؛ فأدلة الشرع على تحريم هذه السّلوكيات وأمثالها أكثر من أن تحصى، ومن ذلك قول الحق سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أن يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أن يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [ سورة الحجرات: 11].
وقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، لاَ يُلْقِى لَهَا بَالًا؛ يَرْفَعُهُ اللهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ، لَا يُلْقِى لَهَا بَالًا؛ يَهْوِى بِهَا فِى جَهَنَّمَ» [أخرجه البخارى وغيره].
وقوله صلى الله عليه وسلم: «ليس المؤمنُ بالطَّعَّانِ، ولا اللَّعَّانِ، ولا الفاحش، ولا البذيءِ» [أخرجه الترمذى والحاكم].
"لا للتعصب.. نعم للوطنية".. حملة لفرع "خريجي الأزهر" بالغربية ضد التعصب الكروي
من ناحية أخرى أطلقت المنظمة العالمية لخريجي الأزهر حملة توعوية ضد التعصب الكروي، حيث أعلنت عن شعار الحملة تحت عنوان" لا للتعصب.. نعم للوطنية" مطالبة مشجعي كرة القدم بالابتعاد عن أي تعصب ربما يضر بالأمن القومي المصري.
وشددت الحملة على ضرورة الابتعاد عن العصبية أثناء التشجيع حرصا على سلامة المشجع والمحيطين به، مضيفة أن الانتماء لأي نادٍ لا ينبغي أن تغلب عليه أي عصبية أو تطرف، مشيرة أننا في النهاية أبناء وطن واحد وكل الأندية المصرية في النهاية تنتمي إلى الوطن الأكبر.
وقالت الحملة إن الهدف من الرياضة هو تقويم السلوك، والتحلي بالروح الطيبة التي ينبغي أن تسود بين الجميع، فإذا فاز فريق احتفل جمهوره، وعلى جمهور الفريق الآخر أن لا يسئ، مطالبة بضرورة الابتعاد عن السباب والتشابك.
من جانبها أكدت دار الإفتاء المصرية إن ممارسة الرياضة تنفع العقل والجسم معًا، وقد ورد في الأثر "عَلِّمُوا أَوْلَادَكُمُ السِّبَاحَةَ وَالرَّمْيَ وَالْفُرُوسِيَّة"، وكلما ابتعدنا بالرياضة عن التعصب وسوء الأخلاق كانت وسيلةً للتنافس الشريف والتعارف والتعاون بين الدول والشعوب.
وأضافت أن الرياضة مجال خصب لنشر الفضائل والقيم الحميدة كالجدية والانضباط، والعزيمة والصبر حتى بلوغ الهدف، والرضا عن النتيجة أيًّا ما تكون.
وأشارت دار الإفتاء إلى أن اللاعبين في ملاعبهم قدوة للجماهير، فكلما اتسم لعبهم بالاعتدال والنظافة واتصف سلوكهم بالجدية دون عدوان؛ انعكس ذلك على الجماهير بالإيجاب، موجهة رسالة إلى المصريين جميعًا قالت فيها: "لنجعل الرياضة مجالًا لنشر القيم والأخلاق والصحة الجيدة في المجتمع كله فالعقل السليم في الجسم السليم".