تناولت مقالات صحف الخليج، اليوم الإثنين، العديد من القضايا الهامة أبرزها، أن أربع سنوات من حكم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كانت كافية لوضع القارة الأوروبية العجوز في متاهة البحث عن ذاتها وعن هويتها واستقلاليتها التي اكتشفت فجأة أنها مفقودة رغم تاريخها العريق والموغل في القدم قياساً بالولايات المتحدة حديثة العهد نسبياً والتي لم يمض على إنشائها سوى بضع مئات من السنين.
غسان شربل
غسان شربل: قمة الرياض وما بعد الجائحة
قال الكاتب في مقاله بصحيفة الشرق الأوسط، أن الوباءُ أنهكَ العالم الذي توهم أنَّ الأوبئة القاتلة صارت جزءاً من الماضي. أنهك البشرَ وسجَّل في القتل رقماً مخيفاً وفي الإصابات رقماً مقلقاً. أنهك الدولَ أيضاً. هزَّ الاقتصادات وشلَّها وفكَّك سلاسلَها وعطَّل مصانعَها وأسكتَ المطارات والقطارات. ضرب السياحة، وتركَ الفنادقَ والمطاعم والأسواق في عهدة الفراغ والكآبة. دفع عشرات الملايين إلى البطالة وعدداً هائلاً من الشركات إلى الإفلاس. أفقر الوباءُ الناسَ ووزَّع عليهم أرغفة الخوف والقلق، وأرغمهم على الإقامة وراء كماماتهم يتساءلون يومياً عن الأرقام القياسية الجديدة التي حققها هذا القاتل المتسلسل. قصمَ الوباءُ ظهرَ المستشفيات وأصاب الأطقم الطبية. ضرب المحاصيل وألحق ضرراً فادحاً بالتعليم.
ليست المرة الأولى التي يتعرَّض فيها العالم لهجمة وباء. لكن الهجمات الكبرى السابقة كانت قبل أن يتسلَّحَ الإنسان بهذا التقدم العلمي الذي حصَّنه وحسَّن ظروف معيشته، وقبل الثورات التكنولوجية المتعاقبة التي ضاعفت قدرات الإنسان في وجه أعداء سلامته. ربما لهذا السبب أصيب العالم بما يشبه الذعر. الشهور الماضية ضُخَّت في عروق الناس أمواجٌ من الكآبة. بدا العالم عالقاً في فخ "كورونا" من دون وعد قريب بالخروج أو الإفلات.
كان العالم في أمس الحاجة إلى بارقة أمل. أمل في اكتشاف اللقاح ووصوله إلى الجميع، وأمل في تضميد جروح الاقتصاد العالمي على قاعدة التضامن في مواجهة الكارثة، ومساعدة الدول التي ترزح تحت أعباء الديون أو الفقر. من حسن الحظ أنَّ قمَّة الرياض لـ"مجموعة العشرين" بعثت برسالة الأمل هذه. بدا واضحاً من كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أنَّ السعودية تصرُّ على "توزيع عادل ميسر للقاحات"، وتشدّد في الوقت نفسه على حشد طاقات الدول المشاركة لمعالجة المشكلات الاقتصادية التي نجمت عن الجائحة.
ليلى بن هدنة
ليلى بن هدنة: الأمان الصحي للجميع
قالت الكاتبة في مقالها بصحيفة البيان الإماراتية، لا شك أن وباء كورونا وضع البشرية في قارب واحد فإن لم يتم التحكم فيه، فالضرر يكون جماعياً، فلسنا بأمان، ما لم يكن الجميع آمناً. لذلك فإن وضعاً مهدداً بهذا الشكل، يحتاج منا جميعاً مجهودات حقيقية، وتعاوناً دولياً ملموساً بضمان إيصال اللقاح المرتقب إلى جميع شعوب العالم دون استثناء، فأيّ تقصير أو فشل بهذا الخصوص يعني بقاء الوباء منتشراً حول العالم.
وبعيداً عن الأنانية أو الحسابات التي لا تستقيم مع الكوارث التي حلت بالبشرية، فمن الضروري أن يفيد أي تقدم علمي كل البلدان للسيطرة على الوباء من خلال تعزيز مشاعر الإنسانية، والأخلاقيات المشتركة لتحقيق الصحة للجميع، ودون ذلك فالخطر قائم، الدول الغنية تخطط لبرامج تلقيح حتى نهاية عام 2021، لكنها تجاهلت العقبات التي ستواجه البلدان الفقيرة في الحصول على الدواء، فعندما تغمض الدول الكبرى أعينها على الوضع المزري في الدول النامية وتكتفي بتوفير العلاج لشعوبها دون باقي البشرية، فهذا سيؤسس لثقافة الإقصاء والتهميش، من خلال احتكار الدواء والهيمنة على مصادر إنتاجه، ما سيعيد جهود احتواء الوباء إلى الوراء، فهل المصلحة العامة ستتغلب على الأنانية؟ وهل سيكون اللقاح متاحاً لجميع الدول على قدم المساواة؟
العالم يعيش مرحلة مفصلية مع هذا الوباء الذي أعطى دروساً أنه لا فرق بين غني وفقير، وأنهم كلهم سواسية، حيث غيّر التقاليد والعادات والعلاقات بين الأفراد والدول، لذلك فمن المرتقب أن يشهد العالم عودة مفردات الحياة من التكامل والتكافل وغيرهما، وانتصار قيم الإنسانية للجنس البشري، حيث إن الفيروس كغيره من الأزمات الصحية التي شهدها العالم سينحسر بالتأكيد، لكنه سيؤسس لتطوير الالتزامات الأخلاقية لضمان حماية أنظمة الرعاية الصحية الضعيفة.
يونس السيد: أوروبا والاستقلال الاستراتيجى
قال الكاتب في مقاله بصحيفة الخليج الإماراتية، إن أربع سنوات من حكم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كانت كافية لوضع القارة الأوروبية العجوز في متاهة البحث عن ذاتها وعن هويتها واستقلاليتها التي اكتشفت فجأة أنها مفقودة على الرغم من تاريخها العريق والموغل في القدم قياساً بالولايات المتحدة حديثة العهد نسبياً والتي لم يمض على إنشائها سوى بضع مئات من السنين.
لم تكن الحالة الأوروبية مختلفة كثيراً عما خلّفته تداعيات النهج الترامبي الذي رفع شعار "أمريكا أولاً" في معظم أنحاء العالم؛ لكنه شكل ما يشبه الصدمة لأوروبا التي كانت تغفو على كتف العلاقات الدافئة والتحالف الاستراتيجي والمصالح المشتركة مع الولايات المتحدة، لتصحو فجأة على وقع المطالبة بتدفيعها ثمن الحماية الأمريكية لأمنها، وعلى وقع التهديد بالانسحابات المتعددة، سواء من حلف "الناتو" أو الهيئات والمنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة، وهي فضاءات مهمة للأوروبيين؛ لإثبات وجودهم وتحركاتهم في الساحة الدولية، ناهيك عن التلويح بالانسحاب من بؤر الصراع الملتهبة في العالم، وترك الأوروبيين وحدهم في مواجهتها. هذا الانكفاء الأمريكي ولّد شعوراً لدى الأوروبيين بأن الولايات المتحدة في طريقها للتخلي عن زعامتها العالمية ودورها القيادي لمصلحة خصومها التقليديين والقوى الصاعدة في العالم، وهو ما يضعف الموقف الأوروبي على وجه العموم.