فى الوقت الذى يستعد فيه الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن لتبنى استراتيجية جدية تختلف عن سياسة الرئيس دونالد ترامب إزاء طهران، جاءت عملية اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخرى زاده يوم الجمعة الماضى لتمثل اختبارا لهذه الاستراتيجية.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن اغتيال محسن فخرى زاده يهدد بشل جهود الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن لإحياء الاتفاق النووي الإيرانى قبل أن يبدأ دبلوماسيته مع طهران، مشيرة إلى أن هذا ربما يكون الهدف الأساسى من العملية.
وأوضحت الصحيفة أن مسئولي الاستخبارات يقولون إنه لا يوجد شكوك كبيرة في أن إسرائيل تقف وراء عملية قتل فخرى زاده، حيث تحمل العملية كل المواصفات لعملية تم تحديد توقيتها بدقة من قبل الموساد. ولم يفعل الإسرائيليون شيئا لتبديد هذا الرأى. وطالما اعتبره رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو تهديدا وجوديا، ووصف العالم المقتول بأنه العدو القومى رقم 1، وقادر على تصنيع سلاح يمكن أن يهدد الدولة العبرية بتفجير واحد.
لكن نتنياهو كان لديه أجندة ثانية. فقد أعلن بعد فترة قصيرة من انتصار بايدن الواضح فى الانتخابات الأمريكية إنه لا يجب أن يكون هناك عودة للاتفاق النووى السابق.
ويعتقد نتنياهو أن برنامج التسلح النووى السرى مستمر، تحت قيادة فخرى زاده، وسيصبح غير مقيد بعد عام 2030 عندما تنتهى صلاحية القيود التي فرضها الاتفاق النووى على قدرة إيران على إنتاج الوقود النووى كما تريد. وبالنسبة لمعارضى الاتفاق النووى، فإن هذا يعد خطأ قاتلا.
وكتب المسئول السابق عن حظر الانتشار النووي بالخارجية الأمريكية مارك فيتزباترك، على تويتر يقول إن سبب اغتيال فخرى زداه لا يعنى عرقلة قدرة إيران على الحرب ولكن عرقلة الدبلوماسية.. وتقول نيوويرك تايمز إنه ربما كان السببين معا.
وتذهب الصحيفة إلى القول بأنه مهما كانت الدوافع مختلطة، فإن بايدن يجب أن "يلتقط القطع "فى غضون سبع أسابيع، والسؤال هو ما إذا كان الاتفاق الذى حدده الرئيس المنتخب الذى يقوم على إسقاط العقوبات المرتبطة بالبرنامج النووي التي فرضها ترامب خلال العامين الماضيين لو عادت إيران للالتزام بصرامة بالقيود النووية التي وضعها لاتفاق فى عام 2015، قد تم تدميرها جنبا إلى جنب مع سيارة فخرى زاده التي كانت تقله وقت اغتياله يوم الجمعة شرق طهران.
وترى الصحيفة أن الإجابة تكمن إلى حد كبير فى الكيفية التي سترد بها إيران فى الأسابيع القليلة المقبلة. فعلى مدار ثلاث مرات منذ بداية العام، كانت إيران الطرف المتألق لهجمات شديدة الضرر وشديدة الوضوح. فكانت البداية باغتيال الجنرال قاسم سليمانى قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوى الإيرانى فى ضربة بطائرة مسيرة فى العراق، حيث قالت إدارة ترامب أنه كان يخطط لهجمات على القوات الامريكية.
ثم فى أوائل يوليو، جاء التفجير الغامض لمركز الأبحاث والتطوير فى منشأة ناتنز على بعد ياردات قليلة من مركز إنتاج الوقود تحت الأرض الذى هاجمته الولايات المتحدة وإسرائيل أكثر من مرة قبل 10 سنوات بأسلحة إلكترونية متطورة.
بعد ذلك جاءت عملية اغتيال فخرى زاده، الذى وصف بأنه المثيل الإيراني لروبرت أونيمير، العالم الذى أشرف على مشروع مانهاتن قبل أكثر من 75 عام فى سباق الولايات المتحدة لتطوير أول سلاح نووى.
وكان رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد بجيرى قد وصف قتل فخرى زادة بأنه ضربة مريرة وثقيلة لمنظومة الدفاع فى البلاد، وقال إنه سيكون هناك انتقاما كبيرا.
وتقول نيويورك تايمز انه لو امتنعت إيران عن شن انتقام كبير، فإن هذا يعنى أن الخطوة الجرئية للقضاء على رئيس البرنامج النووي قد أتت ثمارها، حتى لو دفعت عملية الاغتيال البرنامج النووة نحو مزيد من السرية. ولو انتقم الإيرانيون، ومنحوا ترامب ذريعة أخرى للانتقال قبل مغادرتها لمنصب فى يناير، فإن بايدن سيرث مشكلات أكبر من حطام الاتفاق النووي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة