تلاحظ في الآونة الأخيرة وبشكل واضح استقواء الزوجات على أزواجهن بسلاح يعرض أزوجهن للحبس، حيث تقوم الزوجة حال كانت على ذمة زوجها بعلاقة زوجية صحيحة ومستمرة بأن تتوجه لقسم الشرطة لتحرير محضر لزوجها واتهامه بتبديد منقولاتها الزوجية، مستندة في ذلك إلى أصل قائمة المنقولات، لمجرد أي خلاف عابر يمكن تجاوزه بشأن الزوجية، رغبة منها فقط لإيذاء الزوج أو مضايقته أو الانتقام منه.
وقائمة منقولات الزوجية من المشاكل العويصة التى تواجه القضاء، إذ جرى العرف على قيام الزوج قبل الزفاف بالتوقيع على قائمة جهاز لصالح الزوجة بأن يقر باستلامه منقولات الزوجية ويتعهد بحفظها وردها عند الطلب، وبمجرد ما ينشأ نزاع بين الزوجين يقف الزوج أمام محكمة الجنح بتهمة أنه بدد منقولات الزوجية الواردة في القائمة، الأمر الذى يقع معه العديد من المشكلات والأزمات بين الأسر.
كيف أزال القانون ألغام التوقيع على القايمة؟
فى التقرير التالى، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية هل تُعد من الناحية القانونية سنداَ أو دليل ملكية للزوجة لتلك المنقولات؟ وهل هناك إمكانية للزوج في منازعة الزوجة في تلك الملكية لبعض المنقولات؟ وكيف تصدت محكمة النقض لمثل تلك الإشكاليات؟ وذلك في الوقت الذي تعرف فيه جريمة تبديد منقولات الزوجية بقيام الزوج بسلب المنقولات التي في حيازته والمسلمة إليه من قبل الزوجة على سبيل الأمانة، على نحو تفقد به الزوجة استردادها أو يضعف الأمل في استردادها – بحسب الخبير القانوني والمحامي المتخصص في الشأن الأسرى عبد الحميد رحيم.
فى البداية – تقوم جريمة تبديد منقولات الزوجية بالاستناد إلى نص المادة 341 من قانون العقوبات والتي تنص على أن: "كل من اختلس أو بدد مبالغ أو أمتعة أو بضائع أو نقود أو تذاكر أو كتابات أخرى مشتملة على تمسك أو مخالصة أو غير ذلك إضراراً بمالكيها أو أصحابها أو واضعي اليد عليها وكانت الأشياء المذكورة لم تسلم له إلا على وجه الوديعة أو الإجارة أو على سبيل عارية الاستعمال أو الرهن أو كانت سلمت له بصفة كونه وكيلاً بأجرة أو مجاناً بقصد عرضها للبيع أو استعمالها في أمر معين لمنفعة المالك لها أو غيره يحكم عليه بالحبس ويجوز أن يزيد عليه غرامة لا تتجاوز مائة جنيه مصري" – وفقا لـ"رحيم".
ومجرد الامتناع عن رد المال المختلس، لا تتحقق به جريمة الاختلاس، ما دام أن سبب الامتناع راجع إلى منازعة الزوج في ملكية الزوجة لبعض المنقولات، ولا يكفى في تلك الجريمة مجرد التأخير في الوفاء، بل يجب أن يقترن ذلك بانصراف نية الجاني إلى إضافة المال إلى ملكه واختلاسه لنفسه إضراراَ بصاحبه، كما أن دفاع الزوج بملكيته لبعض المنقولات المختلسة وانتفاء القصد الجنائي لديه بالنسبة للبعض الآخر يكون دفاعاَ جوهريا إذا كانت الأوراق والمستندات المقدمة تشهد له، كما أن خلو الورقة العرفية من التوقيع صيرورتها يكون لا قيمة لها في الإثبات – الكلام لـ"رحيم".
رأى محكمة النقض في الأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لمثل تلك الإشكالية في الطعن المقيد برقم 502 لسنة 41 قضائية، قالت فيه إن مجرد الامتناع عن رد المال المختلس، لا تتحقق به جريمة الاختلاس، ما دام أن سبب الامتناع راجع إلى منازعة الطاعن فى ملكية المطعون ضدها لبعض المنقولات، ولا يكفى فى تلك الجريمة مجرد التأخير فى الوفاء، بل يجب أن يقترن ذلك بانصراف نية الجانى إلى إضافة المال إلى ملكه واختلاسه لنفسه إضرارا بصاحبه.
وإذ كان ذلك، وكان دفاع الطاعن تشهد به الأوراق التى قدمها والتى تمسك بدلالتها على ملكيته لبعض المنقولات المتنازع عليه، وعلى انتفاء القصد الجنائى لديه للبعض الآخر منه، وقد التفت الحكم عن هذا الدفاع، كما لم يتحدث عن خلو قائمة المنقولات أو عدم خلوها من توقيع الطاعن، مع ما قد يكون لذلك من أثر فى إثبات عقد الأمانة، ذلك أن المحرر العرفى لا تكون له قيمة فى الإثبات إلا بعد التوقيع عليه، كما لم يعن ببحث وتمحيص الإقرار المقدم من المدعية بالحق المدنى والتى تقر فيه بملكية الطاعن لكافة المنقولات الموجودة بمنزل الزوجية وأنه اشتراها من ماله الخاص، وأن المدعية تملك فقط بعض المنقولات التى قام بعرضها عليها رسميا بمقتضى إنذارين وكذلك الإنذارات الموجهة إليها بعرض بعض تلك المنقولات عليه، مع ما قد يكون لها من الدلالة فى انتفاء القصد الجنائى لدى الطاعن، فإن الحكم المطعون فيه إذ أورد ذلك الدفاع - وهو دفاع يعد هاما ومؤثرا فى مصير الدعوى - ولم يرد عليه بما يفنده، وقصر فى استظهار القصد الجنائى وهو ركن أساسى من أركان الجريمة التى دان الطاعن به، يكون مشوبا بالقصور.