تصدرت هيئة البريد الأمريكية مشهد انتخابات الرئاسة الأمريكية 2020 ، والتي شهدت نسب مشاركة هي الأكثر في القرن الأخير، ويتقدم في نتائجها حتي الآن المرشح الديمقراطي جو بايدن بحصوله على 264 صوتاً مقابل 214 لصالح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الطامح في الفوز بولاية رئاسية ثانية.
وفى ظل حالة الغموض والارتباك التي تشهدها عمليات فرز الأصوات وتأخر إعلان النتائج لليوم الثاني على التوالي، واصلت حملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وانصاره الهجوم على نظام التصويت بالبريد، وحملوا القائمين على تلك الهيئة مسئولية الفوضى، بخلاف اتهام الحزب الديمقراطي بالتلاعب في عمليات الفرز وارتكاب خروقات.
وهيئة البريد الأمريكية هي وكالة مستقلة، وتتبع الحكومة الفيدرالية وتتولي تقديم الخدمات البريدية في الولايات المتحدة وتم إعادة تنظيمها بموجب قانون إعادة تنظيم البريد لعام 1970 إلى دائرة بريد شاملة للولايات المتحدة وباعتبارها وكالة مستقلة.
والبطاقة البريدية الفدرالية (FPCA) هي بطاقة بريدية "مدفوعة الثمن من البريد الأمريكي" مطبوعة، وتوزّع من قبل الحكومة الفيدرالية لاستخدامها من قبل الناخبين الغائبين.
تستخدم بطاقات الاقتراع ذاتها في لتصويت الغيابي والتصويت عبر البريد، لكن هناك ولايات تفرق بينها وفق طريقة حصول الناخب على البطاقة، وهو ما كان سبباً في حالة القلق حول ما إذا كانت خدمة البريد، التي تواجه أزمة مالية حادة، قادرة على توفير بطاقات الاقتراع للناخبين وإعادتها إلى مكاتب الانتخابات فى الوقت المناسب لفرزها
وتعاني خدمة البريد منذ 2008 من عجز ومن صعوبات مع ازدهار الإنترنت وتراجع حجم المراسلات. ويتحدث الجمهوريون منذ فترة طويلة عن خصخصتها، وحذّر مسؤولو الانتخابات الرئاسية في عدد من الولايات الأمريكية من أن يشكّل طول المدّة التي تلزم لفرز أصوات المقترعين عبر البريد، تأخيراً في معرفة اسم الفائز في السباق الرئاسي .
وفي 3 سبتمبر حذرت وزارة العدل الأمريكية من التصويت عبر البريد في الانتخابات الرئاسية، مؤكدة تسهيله على أطراف خارجية التزوير والتلاعب بالنتائج، وفي السبت 22 أغسطس الماضي، أقر مجلس النواب الأمريكي، مشروع قانون لدعم خدمة البريد بعد مخاوف من أن تؤثر على الانتخابات.
وحينها عبر بعض النواب الأمريكيين عن تخوفهم من أن إصلاحات خفض النفقات يمكن أن تؤخر تسليم البريد في الوقت المحدد عندما يصوت كثير من الأمريكيين كإجراء احترازي، خلال جائحة فيروس كورونا.
وقال مسؤولون إن جهاز البريد أزال صناديق جمع الرسائل في 4 ولايات على الأقل: نيويورك وأوريجون ومونتانا وإنديانا بحلول أغسطس الماضي.
وبدأ الجهاز أيضًا بإخطار عمال البريد في 3 ولايات على الأقل، وست فرجينيا وفلوريدا وميسوري، بأنهم سيبدأون في تقليل ساعات عمل التجزئة، وفقًا لمسؤولي النقابات.
التأخر في إعلان النتائج في الانتخابات أمرٌ شائع في عدد قليل من الولايات التي يتم فيها التصويت بشكل رئيسي عن طريق البريد، ويشار في هذا السياق إلى ما جرى مطلع القرن الحالي في انتخابات فلوريدا حيث شهدت الولاية مخالفات اقتراع وفوضى انتخابية لم تُحسم فيها النتائج إلا عن طريق القضاء.
تشابه الاقتراع البريدي من عدة نواح مع الاقتراع الغيابي؛ ومع ذلك يُستخدم في الدوائر البريدية حيث في يوم الانتخابات لا تفتح أماكن للاقتراع في منطقة معينة ويحل بديلا عنها البريد.
وبدأ استخدام التصويت بالبريد خلال الحرب الأهلية بهدف تمكين الجنود من التصويت عبر البريد أثناء الحرب، وامتد ليشمل جميع الناخبين الموجودين خارج ولاياتهم يوم الاقتراع، وكل من لديه عذر يمنعه من التصويت في مركز الاقتراع، وبمرور الوقت استخدم مسؤولون مصطلح التصويت عبر البريد.
وتسمح 29 ولاية إضافة إلى واشنطن العاصمة لناخبيها بطلب بطاقة اقتراع غيابي لأي سبب، في حين تشترط 16 ولاية عذرا للحصول على بطاقة الاقتراع الغيابي، والولايات الخمس المتبقية ترسل بطاقات الاقتراع الغيابي لجميع ناخبيها.
توقعت صحيفة "نيويورك تايمز" أن 76% من الأمريكيين سيتمكنون من التصويت عبر البريد، ويهدف برنامج الاقتراع للغائبين السماح للمواطنين الذين سيكونون خارج البلاد بعيدا عن مراكز اقتراعهم المحلية في يوم الانتخابات من التصويت عن طريق البريد.
ويجب على الناخبين الغائبين أن يطلبوا بطاقات اقتراعهم قبل 60 يوما على الأقل من موعد الانتخابات.
صوت عدد غير مسبوق من الأمريكيين عبر البريد هذا العام بسبب جائحة كورونا وخلال الأشهر القليلة الماضية شهدت الولايات الامريكية أعدادًا قياسية من الناخبين يطلبون بطاقات الاقتراع ويقدمون أصواتهم بالبريد.
تمثل بطاقات الاقتراع عبر البريد 50% من جميع الأصوات المدلى بها هذا الخريف، وفقًا لتقدير مايكل ماكدونالد، الأستاذ بجامعة فلوريدا الذي يتتبع عن كثب إقبال الناخبين، وسيكون ذلك زيادة كبيرة عن عامي 2016 و2018 عندما جاء ربع الأصوات عبر البريد.
وتعنى هذه الزيادة أن خدمة البريد تلعب دورًا أكبر بكثير في تسهيل إجراء انتخابات رئاسية أمريكية أكثر من أي وقت مضى. وهي مسؤولة عن نقل بطاقات الاقتراع بين مسؤولي الانتخابات والناخبين، وتتطلب العديد من الولايات بطاقات الاقتراع للوصول إلى مكاتب الانتخابات بحلول إغلاق صناديق الاقتراع في يوم الانتخابات والبعض الآخر يسمح بالاقتراع المختوم في أو قبل الانتخابات التي تصل في غضون فترة محددة.