ألقى فوز الرئيس الأمريكى المنتخب جو بايدن الضوء على طريقة تعامله مع بعض الملفات، لاسيما مع إيران وسياساتها الاقليمية، فضلا عن الاتفاق النووى الإيرانى الذى انسحبت منه ادارة الرئيس السابق ترامب، حيث يشكل تعامل الادارة الأمريكية الجديدة مع طهران إحدى النقاط التى كانت المطروحة فى الولايات المتحدة على هامش الانتخابات الفترة الماضية، وأثارت العديد من التساؤلات والنقاشات داخل إيران.
بالنسبة لإيران لا ترى طهران أن هناك فرقا جوهريا بين الديمقراطيين الأمريكيين والجمهوريين، فكلاهما فرض العقوبات عليها، غير أن ادارة الرئيس الأمريكى السابق مارست على مدار الولاية الأولى سياسة الضغط الأقصى، حيث أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية بيانًا أعلنت فيه تصنيف القطاع المالى بالاقتصاد الإيرانى وسيلة إضافية لتمويل الأنشطة الخبيثة، وفرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة عقوبات على 16 مصرفًا إيرانيًا للعمل فى القطاع المالى الإيرانى وبنك واحد لكونه تابعًا لبنك إيرانى خاضع للعقوبات.
وطالبت إيران بتعويضات عن "الأضرار" التى لحقت بها فى ظل تجدد العقوبات الأمريكية ملمحة إلى ضرورة أن تعوضها واشنطن عن عائدات النفط التى خسرتها، حيث يترنح الاقتصاد الإيرانى بفعل العقوبات وآثار تفشى وباء كورونا، وهو أمر سيجده أى رئيس أمريكى صعبا إن لم يكن مستحيلًا.
مواقف بايدن من إيران
وعلى نقيص سابقه، رفض جو بايدن سياسة ادارة ترامب فى فرض العقوبات والضغوط القصوى وقال أنها فشلت، ويعد بايدن من مؤيدى الاتفاق النووى الذى وقّعته إدارة باراك أوباما مع إيران فى 2015، وانتقد إلغاءه، وصرح بأنه سيعود للالتزام بالاتفاق النووى فى حال انتخابه رئيسًا، وسيحاول نزع فتيل التوتر مع إيران، كما دعا فى أبريل الماضى، مع عدد من النواب الديمقراطيين إلى تخفيف العقوبات للسماح لإيران بالحصول على مساعدات طبية لمكافحة وباء كورونا ما يجعله مرشحاً مفضلاً عند مؤيدى التسوية الشاملة مع إيران فى الدوائر الأمريكية.
وقال بايدن أن العودة إلى الاتفاق ستكون "نقطة انطلاق لمفاوضات المتابعة" وإن واشنطن ستعمل بعد ذلك مع الحلفاء لتعزيز الاتفاق النووى وتمديده ومعالجة القضايا الأخرى ذات الاهتمام. وكتب بايدن على موقع سي.إن.إن فى سبتمبر "إذا اختارت إيران المواجهة، فأنا مستعد للدفاع عن مصالحنا الحيوية وقواتنا. لكننى مستعد للسير فى طريق الدبلوماسية إذا اتخذت إيران خطوات لإثبات استعدادها أيضا".
فى الوقت نفسه يشارك ترامب الرأى أن إيران بشكل تساهم فى زعزعة الاستقرار فى الشرق الأوسط بتدعمها للإرهاب، إلا أنه يعتقد أن مواجهة دور إيران الإقليمى وتوسيع أنشطتها النووية يجب أن لا تكون بالطريقة التى ينتهجها ترامب. وقال إنه "سيواصل استخدام العقوبات الموجهة ضد انتهاكات إيران لحقوق الإنسان ودعمها للإرهاب وبرنامج الصواريخ الباليستية".
كيف استقبلت إيران الرسمية فوز بايدن ونهاية ترامب
منذ اعلان فوز الرئيس الأمريكى الجديد جو بايدن، سارع المسئولين الإيرانيين بوصف فوز الرئيس الديمقراطى بأنها وضع حد ونهاية لعهد الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، فى الوقت نفسه لم تنظر إليه بتفاؤل أو نظرة المخلص من العقوبات، بل جائت تصريحات مسئوليها لتضع الكرة فى ملعبه.
وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني، "إننا نأمل أن يعي الذين فرضوا الحظر إلى أن طريقتهم كانت خاطئة ولن تحقق أهدافهم على الإطلاق.. ولتكون تجربة السنوات الثلاث الأخيرة درسًا للإدارة الأمريكية القادمة لتعود إلى تعهداتها وتلتزم بالقوانين الدولية.. الشعب الإيراني خلال السنوات الماضية كان يعاني من الإرهاب الاقتصادي إلا أنه تصدى له بكل مقاومة وسيستمر لدفع الطرف الآخر للامتثال للقوانين الدولية .
وفى هذا الاطار قال قال نائب وزير الخارجية الایرانیة عباس عراقجي، ان سياسات إيران المبدئية، القائمة على مواجهة الهيمنة، لن تتأثر بالانتخابات الأمريكية.
فى الوقت نفسه أكد النائب الاول للرئيس الإيرانى، اسحاق جهانحيري بان سياسات ترامب كانت مبنية اساسا على انتهاك المعاهدات الدولية ودعم الارهاب، وكتب تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر مساء السبت: واخيرا مع اعلان نتيجة الانتخابات الامريكية انتهى عهد ترامب وفريقه المغامر والداعي للحرب.
واعتبر أن الإيرانيين صمدوا أمام العقوبات التى فرضها ترامب على بلاده، مذكرا بمقتل رئيس فبلق القدس السابق قاسم سليمانى، الذى قتل بأمر مباشر من ترامب فى يناير 2020، وقال: نامل بان نشهد تغيير سياسات امريكا الهدامة والعودة الى القانون والالتزامات الدولية واحترام الشعوب.
بدوره قال أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيرانى علي شمخاني:" أغلق الشعب الامريكي الملف الذي كان يدعو الى اعتماد الغطرسة والعنجهية لحل المشاكل واضاف: نهاية ترامب ليست عجيبة , هذا هو مصير محتوم".
واضاف شمخاني "هل تدرك الإدارة (الأمريكية) المنتخبة أن تكتب تحت صورته (دونالد ترامب) في البيت الأبيض ، بدلاً من الرئيس الخامس والأربعين ، عبارة "عبرة للاجيال القادمة".
كما نشر حساب المرشد الإيرانى علي خامنئي تغريدة على تويتر قال فيها: "الوضع في الولايات المتحدة ومايصف به الأمريكيون انتخاباتهم هو مجرد مسرحية! هذا مثال على الوجه القبيح للديمقراطية الليبرالية في الولايات المتحدة."
وأشار خامنئي إلى أنه "بغض النظر عن النتيجة، هناك شيء واحد واضح تمامًا ، وهو الانحدار السياسي والمدني والأخلاقي المؤكد للنظامالأمريكي".