تعلم الحرفة من الآباء والأجداد لتمتد جذورها إلي أيادي صانع يتقن ما ينفذه من أعمال، ورغم خشونة وصعوبة ما يقوم بإنجازه، فإنه طوع خبراته السابقة وما تعلمه من عائلته في صناعة الحصر من نبات الحلفا، وهي حرفة قديمة امتدت عبر مئات السنين، وأوشكت علي الاندثار مع تراجع الإقبال على تلك الحصر التي تستخدم في مقاعد البسطاء.
وبجلد وصبر تمرر يداه نبات الحلفا يمينا ويسارًا لتخرج في النهاية منتجا من نبات طبيعي يستخدم في أغراض عديدة، ومنها زينة الكافتيريات والمقاهي والشواطئ السياحية، بدلًا من استخدامه للمقاعد فقط، ويظل الشاب منحني الظهر لساعات حتي يكافئ نفسه في النهاية بعمل أتقن صنعه وأدخل عليه التطوير بدلًا من استخدامه كالآباء والأجداد.
هنا في ورشة صغيرة يتواجد أحمد محمد يوسف، صانع كافتيريات وأسطح من نبات الحلفا، بقرية العربات جنوب محافظة قنا، ليوفر لنفسه دخلا يساعده على متطلبات الحياة، ويقدم مثالًا للشاب الذي يقاوم البطالة بالعمل والبحث عن أفكار تخدم مشروعه، فالشاب أول من يقوم بكتابة جمل على الحصير بالمحافظة ويبدع في تركيب وإنهاء الأعمال من تلك الحصر.
قال أحمد محمد يوسف، وشهرته أحمد السنجام، إنه يعمل في صناعة الكافتريات وأسطح المنازل والفيلات والكتابة علي الحصير بالليف الذي يخرج من النخيل، حيث انفرد بتلك الميزة علي مستوي محافظة قنا، لافتًا أن حرفة صناعة الحصير ورثها عن أجداده الذين عملوا بها منذ القدم ومع التقدم استطاع الشباب تطوير الحرفة بكتابة عبارات علي الحصير، مثل اسم المكان أو آيات قرآنية أو حكم.
وأوضح يوسف، أن الخامات التي يعمل بها من صنع يده وتتكون مع الحصير والحبال من الليف والأسلاك، حيث يبدأ بتصنيع الحصير في ورشة بمنزله عن طريق نبات الحلفا والحبال، ومن ثم البدء في الكتابة بالليف علي تلك الحصر بعد وضع الليف في الماء ليسهل طويه والكتابة به.
وتابع الصانع، أن عملية الكتابة من الأمور الصعبة التي لا يستطيع أحد تنفيذها بسهولة فبعد حساب المسافات وعدد الكلمات تتم عملية الكتابة عن طريق الليف والأسلاك، وتستغرق كتابة جملة واحدة مع صنع الحصير 9 ساعات متواصلين للانتهاء من العمل، ينتقل بعدها إلي المكان المراد تركيب الحصر به.
وأشار أحمد محمد يوسف، إلي أن القري السياحية تقبل علي شراء تلك الحصر والكليمات وتستخدما في تزيين الكافتيريات المتواجدة بها والفيلات، لميولهم إلي الخامات التراثية القديمة التي تصنع من الطبيعية وتجذب السائحين، مؤكدًا أنه أنجز العديد من الأعمال في تلك القري السياحية والشواطئ.
وتمني يوسف، أن يحظي عمله برواج واسع وأن تصل أعماله إلي الجميع لاسيما أنه أول الحرفيين الذين قاموا بالكتابة علي الحصر من الليف في محافظة قنا وجدد من الحرف القديمة التي قاربت علي الإندثار.