اهتم الإنسان منذ القدم بالعديد من الأمور، منها سبب وجوده على الأرض، وكيفية ظهور الكون بكافة ما يحتويه من كواكب ونجوم، فظهرت العديد من المعتقدات التى أدت إلى فرضيات حول وجود الكون، ومنها ما اعتمد على خرافات ومنها ما اعتمد على علوم أو معلومات دينيّة.
ويعد التفسير الإسلامى لنشوء الكون هو الأقوى والأكثر منطقيّة، ونقدم معلومات عن كيفية نشوء الكون، من خلال الأساطير فى الحضارات القديمة، فقد كانت الأسطورة حاضرة بقوة فى تفسير نظريات بداية الكون وبداية نشأته وقد تحكمت تلك الأساطر فى الاعتقدات القديمة عن نشأة الكون، ومن هذه النظريات وفقا لعدد من الحضارات القديمة:
الفراعنة
بدأ الخلق فى الحضارة الفرعونية بوجود المحيط الأزلى أو المياه الأزلية، والتى تطفو على سطحها بيضة ذهبية ضخمة، وهى البيضة الكونية التى تتبناها أساطير عدة حول نشوء الكون، وبانفجار هذه البيضة خرج منها الإله أتوم الإله الأول، وعطس أتوم فخلق بقوة صوته الإله "تشو" إله الهواء، ثم بصق بعدها فظهرت إلهة الندى "تفنوت"، ليكونا بذلك الجيل الأول من الآلهة، وبزواجهما ينجبا "نوت" ربة السماء، و"جب" رب الأرض، ثم يفصل بينهما والدهما الإله تشو، حيث يرفع نوت عالياً لتصبح السماء، بينما يبقى جب فى الأسفل ممثلاً الأرض. واستمر الأمر وصولا إلى الجيل الرابع المتمثل فى "أوزوريس"، و"إيزيس"، و"ست" و"نفتيس".
السومريون
الأسطورة السومرية تقول إن العالم كان فراغاً ولم يكن فيه سوى الإلهة "نمو" ربة الماء، والتى ولدت ذكراً اسمه "آن"، رب السماء وأنثى اسمها "كى"، ربّة الأرض، تزوجت "كى" من "آن" فأنجبا "انليل"، رب الهواء، وكان أبواه، السماء والأرض، ملتصقين، فضاقت المساحة المتاحة له، فرفع أبيه بقوة، فارتفعت السماء عن الأرض وعاش فى المساحة الكبيرة بينهما.
وامتعض "انليل" من الظلام فتزوج من الربة "ننليل" التى أنجبت منه ابنه "نانا" ليصبح القمر.،ومن "نانا" جاء حفيده "أوتو" وصار الشمس، وهكذا تبدد الظلام وبدأت الشمس تساعد الأرض على ظهور الأشجار والنباتات، وكذلك ظهرت الأرباب الأخرى.
ويتولى بعد ذلك "إنكى" إله الحكمة إدارة بلاد السومريين، فيخلق لهم أنهار الماء العذب، وعندما اشتكت الآلهة من تعب القيام بالأعمال، طلبت من "انكى" أن يخلق لها العبيد والخدم، فخلق البشر.
الإغريق
يُعتبر كِياوس فى علم الكونيات الإغريقى والأساطير الإغريقية الأقدم للخلق، الفراغ الأولى أو الهاوية المظلمة التى وُجد منها كل شىء، وفى مفهوم آخر هو جحيم العالم السفلى أى ترتاروس، إلا أن هذا المفهوم غير شائع لأنه غير متلائم مع باقى الأساطير، وفى مرحلة لاحقة من علم الكونيات يشير كِياوس بشكل عام إلى الحالة الأصلية للأشياء كيفما تخيلناها، أما المعنى الحديث له فهو مشتق من كتابات أوڤيد، الذى اعتبره المادة الأولية التى لا شكل لها، والتى خُلق منها النظام الكونى، وقد تم استخدام هذا المفهوم فى تفسير قصة الخلق الموجودة فى الكتاب الأول من العهد القديم المسمى كتاب التكوين.
وتقول الأساطير الإغريقية أن كاوس ولّد (أنتج) الأرض والتى ارتفعت منها السماء المرصعة بالنجوم والملبدة بالغيوم، وتُجسَّد الأم الأرض بالإلهة جايا، والسماء الأب بالإله أورانوس ابن جايا وزوجها، ومن ذرية كِياوس أيضاً إيروس إله الحب، والذى يُعتبر فى الاعتقادات اللاحقة ابن أفروديت. ومن ذرية كياوس أيضاً إريبوس (أى الظلام) وزوجته نيكس إلهة الليل، والتى ولدت آيثر (الهواء العلوى المتألق) وهيميرا أى النهار، ومن ذريته أيضاً ترتاروس الذى يمثل الجحيم الأسفل من العالم السفلي.
الكنعانيون
فى لبنان وسوريا وفلسطين، تبدأ قصة الخلق بأن كان الإله "إيل"، كبير الآلهة، يعيش فى السماء العليا مع زوجته "إيلات" ومعهما عاشت الآلهة التى كان أبرزها "بعل" رب السحاب والمطر والصواعق والذى كان دائماً فى حالة حرب مع الإله "موت" رب الموت والجفاف. وينتصر "بعل" فى حربه فتوجد الأرض والبشر والمخلوقات بعد أن كان الكون عبارة عن عناصر ملتهبة تتفجر وتتصادم بشكل فوضوي.
ثم يقوم "يم"، رب الماء، بإرسال رسولين إلى مجمع الآلهة سعياً إلى أن يسلموه "بعل" ليصبح عبداً له، فيثور الأخير عليه ويبارزه ويغلبه، وتحتفل الآلهة بهذا النصر وتطالب "إيل" ببناء بيت مقدس لـ"بعل" تكريماً له، وتهدد الربة "عناة"، إلهة الجنس والخصوبة وحبيبة "بعل" أباها "إيل" بالقتل إنْ لم ينفّذ هذا الطلب، فتتدخل الربة "إيلات" لإقناع زوجها، وبالفعل يصبح لـ"بعل" بيت مقدس ويعلو اسمه بين الآلهة.
الحضارة الفارسية
أرجع الفرس خلق العالم إلى اتحاد العناصر الأربعة: الماء والنار والهواء والتراب، وقدسوا هذه العناصر فحرموا إحراق جثث الموتى أو دفنها، أما الكون فهو فى عقيدتهم الزرادشتية، نسبة إلى مؤسسها زرادشت، نشأ نتيجة صراع بين قوتين هما النور والظلام.
ويمثل الإله "أهورامزدا" النور ومعه جيش الخير الذى يحمى العناصر المقدسة ومكونات العالم من أرض وسماء وكواكب وشمس وقمر، وكذلك قيم الخير والحق والحكمة وكل القيم الطيبة، بينما يقود الظلام "أهيرمن" ومعه جيش الظلام والشر وأتباعه "بنى الشيطان" وقيم الشر والكذب والتكبر والصفات السيئة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة