تحتفل الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم اليوم الثلاثاء بـ "اليوم العالمى للإفتاء" الذى يوافق 15 من ديسمبر من كل عام، حيث أطلقت الأمانة أولى فعالياته العام الماضى، بالتزامن مع الذكرى الرابعة لإنشاء الأمانة التى تحل فى نفس اليوم.
وقال فضيلة الدكتور شوقى علام - مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم: "إن الاحتفال باليوم العالمي للإفتاء الموافق الخامس عشر من ديسمبر يأتي هذا العام تحت شعار «الفتوى ومواكبة التحديات» ليُمثِّل ما قدَّمته الفتوى من معالجةٍ للقضايا التي أثارتها جائحة كورونا في المجتمعات الإسلامية.
وأضاف فضيلته أن هذا العام مر على الأمة الإسلامية والعالم أجمع في ظل أزمةٍ مثَّلَت تحديًا كبيرًا لمساعي التنمية والتقدُّم على جميع المستويات الاجتماعية والمادية؛ ولكن تَبقَى الروح الإنسانية النابعة بالتفاؤل متلمسةً أزمنةَ صفائها والأيام التي تُمثِّلُ ذاتيتها وحضارتها وسر خَلقها فى هذا العالم.
وأشار رئيس الأمانة إلى أن الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء -وهي المظلة الجامعة لكل دُور الإفتاء في العالم- قد أعلنت في مثل هذا التاريخ من العام الماضي هذا اليوم يومًا عالميًّا للإفتاء تزامنًا مع تاريخ نشأتها، وأقامت الكثير من الفاعليات التي شارك فيها جمعٌ غفيرٌ من علماء العالم الإسلامى من أعضاء الأمانة العامة وسائر العلماء المعنيين بالفتوى ولفيف من قادة الفكر والرأى المهتمين بشأن تجديد الخطاب الدينى، وناسب توقيت هذه الفاعليات وقوعها عَقِب مؤتمرها السنوى لعام 2019م الذى يأتى فى إطار التواصل مع دور الإفتاء فى جميع أنحاء العالم ومد جسور التعاون والتشاور الذى يُعد أحد أهم أهدافها الاستراتيجية.
وأضاف فضيلته أنه رغم جائحة كورونا وما نَجَمَ عنها في عامنا هذا من تباعُد ضروري حَرَمَ الأمةَ الإسلاميةَ وشركاءَها في الإنسانية من النواتج الحضارية والعلمية للقاء مفتي العالَم ونقاشاتهم قضايا الأمة في مؤتمر الأمانة العامة السنوي؛ فإن التواصل كان -ولا يزال- موجودًا بينهم بهدف التنسيق والتشاور لمواجهة الظروف العالمية الحالية وما تستدعيه من تعقيدات وتشابكات واستغلالٍ من بعض أصحاب الأفكار والتوجهات الشاذة الإرهابية المتطرفة الذين لم يتحصلوا على قدرٍ كافٍ من العلم ولا التأهيل المناسبين لخوض غمار صناعة الإفتاء.
وحول سبب اختيار الأمانة شعار «الفتوى ومواكبة التحديات» عنوانًا لليوم العالمي للإفتاء في هذا العام، أوضح رئيس الأمانة أن هذا العنوان يُعبِّرُ عن معنًى غايةً في المناسبة للظروف الحالية؛ فقد مثَّلت اللحظة التي أعلنت فيها منظمة الصحة العالمية اعتبار فيروس كورونا المسبِّب لمرض "كوفيد-19" وباءً عالميًّا لحظةً فارقةً وضعت العالم بأسره أمام تحدٍّ غير تقليدي؛ يتخطَّى كونه أزمة اقتصادية عابرة، أو كارثة طبيعية محدودة، بل أمام أحد أشد الأوبئة فتكًا في العصر الحديث.
وكان لذلك التحدي الكبير مقتضياته من ضرورة التعاون والتضامن الحقيقي والتام بين جميع مؤسسات الفتوى لتعمل في سياقٍ واحدٍ يضمن تكاملًا وترابطًا يُساعد في المشاركة الفعالة في مواجهة التحديات الوطنية والدولية في ظل هذه الجائحة.
وأكد فضيلته أن فتاوى وقرارات المؤسسات الإفتائية المنضوية تحت لواء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، كانت واضحةً بشأن التعامل الجاد مع فيروس كورونا، فمثلت ركنًا أصيلًا في صناعة الوعي الجمعي لا سيما على الجانب الديني. كما اعتمدت المؤسسات الإفتائية إجراءات الوقاية العامة، وعززت من معاني التكافل والتضامن المجتمعي، وسعت إلى مواجهة الظواهر التي من شأنها تكدير السلم، وعملت على إذكاء روح التضامن المطلوب تحقيقه في هذا الظرف الطارئ؛ لتُثبِت هذه المؤسسات خلال اشتداد الأزمة أنها جديرة بثقة مجتمعاتها، وقادرة على تحمل دورها الوطني والديني والقيام به على أكمل وجه؛ لا سيما وأن تلك الأوقات هي مظنة كثرة الشائعات والأطروحات المغلوطة، بالإضافة إلى استغلال قوى التطرف لتلك الأزمات في خلخلة الاستقرار والتماسك المجتمعي.
وتابع فضيلته: "كانت الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، مطالبةً بمضاعفة عملها وجهدها في ظل هذه الجائحة؛ نظرًا لصفتها الاعتبارية الهامة، وهو ما قامت به الأمانة بالفعل؛ فأصدرت العديد من البيانات التي تناولت المستجدات الفقهية التي أملاها الظرف الطارئ، وبحثت من خلال نشرة جسور الشهرية الصادرة عن الأمانة مجموعة كبيرة من المسائل الفقهية الملحَّة في الوقت الراهن، التي ارتبطت بفيروس كورونا، ونبهت إلى التعامل الأمثل للمسلمين خاصة في شهر رمضان مع مثل هذه الجوائح، واللجوء إلى العبادات الفردية بديلًا عن الجماعية، مثل: صلاة التراويح، وموائد الرحمن… وغيرها.
وأشار إلى أن الأمانة العامة قامت بتوحيد رؤية المؤسسات الإفتائية المنضوية تحتها مع احترام خصوصية كل مؤسسة وكل بلد وكل واقع مغاير، مضيفًا أن شعار اليوم العالمي للإفتاء لهذا العالم «الفتوى ومواكبة التحديات» لا يُنبئ فقط عن دور الفتوى في المجتمع وما يستوجبه العمل الإفتائي في ظل الظروف الحالية والمحتملات المستقبلية؛ بل إنه يُشير أيضًا إلى سبب إعلانه حيث يأتي الخامس عشر من ديسمبر متزامنًا مع تاريخ إنشاء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم؛ ليؤكد أن "مواكبة التحديات" جزءٌ أصيلٌ من رسالة الأمانة ومبدأ رئيس يسري في مشروعاتها الحالية والمستقبلية.
وأعلن فضيلة رئيس الأمانة عن أن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم وضعت في خطتها الاستراتيجية العديد من المشروعات المهمة لتنفيذها على مدار العام القادم 2021؛ منها على سبيل المثال: إصدار معلمة تجمع مبادئ العملية الإفتائية وأركانها في ثلاثين مجلدًا بعنوان "المعلمة المصرية للعلوم الإفتائية"، وإصدار موسوعة علمية تبين دور الفتوى الشرعية المنضبطة الصادرة عن المؤهلين المتخصصين في تحقيق التنمية المستدامة من خلال مراعاة أهدافها عند إصدار الفتاوى، وإعداد مرجع نظري تطبيقي يستهدف مبادئ آليات حوكمة المؤسسات الإفتائية والتخطيط الاستراتيجي لها، وإنشاء أول مكتب تمثيلي للأمانة العامة خارج مصر ليكون محور ارتكاز لزيادة التواصل بين الأمانة وأعضائها. كما تعتزم الأمانة العامة تنظيم مؤتمرها القادم بعنوان «مؤسسات الفتوى في العصر الرقمي.. تحديات التطوير وآليات التعاون»، وتتمثل رسالته في الاتفاق على آليات التعاون بين دور وهيئات الإفتاء في سبيل تحقيق الأهداف المشتركة، والمشاركة في معالجة تحديات التطور التقني، والدخول بالمؤسسات الإفتائية إلى عصر الرقمنة عبر دعم التحول الرقمي.