نواصل قراءة الأحداث فى معركة أحد، ونتوقف عند بعض الشخصيات فى جيش المسلمين، ومن هؤلاء "أبو دجانة" الذى منحه الرسول سيفا ليحارب به، فما الذى يقول التراث الإسلامى.
يقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ ابن كثير
قال ابن إسحاق: فأقبل الناس حتى حميت الحرب، وقاتل أبو دجانة حتى أمعن فى الناس.
قال ابن هشام: وحدثنى غير واحد من أهل العلم أن الزبير بن العوام قال: وجدت فى نفسى حين سألت رسول الله ﷺ السيف فمنعنيه، وأعطاه أبا دجانة، وقلت: أنا ابن صفية عمته ومن قريش، وقد قمت إليه وسألته إياه قبله فأعطاه أبا دجانة وتركني، والله لأنظرن ما يصنع، فاتبعته فأخرج عصابة له حمراء فعصب بها رأسه، فقالت الأنصار: أخرج أبو دجانة عصابة الموت، وهكذا كانت تقول له إذا تعصب فخرج وهو يقول:
أنا الذى عاهدنى خليلى * ونحن بالسفح لدى النخيل
أن لا أقوم الدهر فى الكيول * أضرب بسيف الله والرسول
وقال الأموي: حدثنى أبو عبيد فى حديث النبى ﷺ أن رجلا أتاه وهو يقاتل به فقال: «لعلك إن أعطيتك تقاتل فى الكيول» قال: لا، فأعطاه سيفا فجعل يرتجز ويقول:
أنا الذى عاهدنى خليلى * أن لا أقوم الدهر فى الكيول
وهذا حديث يروى عن شعبة، ورواه إسرائيل كلاهما عن أبى إسحاق، عن هند بنت خالد أو غيره، يرفعه الكيول يعنى مؤخر الصفوف، سمعته من عدة من أهل العلم، ولم أسمع هذا الخرف إلا فى هذا الحديث.
قال ابن هشام: فجعل لا يلقى أحدا إلا قتله، وكان فى المشركين رجل لا يدع جريحا إلا ذفف عليه، فجعل كل منهما يدنو من صاحبه، فدعوت الله أن يجمع بينهما، فالتقيا فاختلفا ضربتين، فضرب المشرك أبا دجانة فاتقاه بدرقته، فعضيت بسيفه، وضربه أبو دجانة فقتله، ثم رأيته قد حمل السيف على مفرق رأس هند بنت عتبة، ثم عدل السيف عنها. فقلت: الله ورسوله أعلم.
وقد رواه البيهقى فى (الدلائل) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن الزبير بن العوام بذلك.
قال ابن إسحاق: قال أبو دجانة: رأيت إنسانا يحمس الناس حمسا شديدا فصمدت له، فلما حملت عليه السيف ولول، فإذا امرأة فأكرمت سيف رسول الله ﷺ أن أضرب به امرأة.
وذكر موسى بن عقبة أن رسول الله ﷺ لما عرضه طلبه منه عمر، فأعرض عنه، ثم طلبه منه الزبير فأعرض عنه، فوجدا فى أنفسهما من ذلك، ثم عرضه الثالثة فطلبه أبو دجانة فدفعه إليه، فأعطى السيف حقه.
قال: فزعموا أن كعب بن مالك قال: كنت فيمن خرج من المسلمين فلما رأيت مثل المشركين بقتلى المسلمين، قمت فتجاورت، فإذا رجل من المشركين جمع اللأمة، يجوز المسلمين وهو يقول: استوسقوا كما استوسقت جزر الغنم.
قال: وإذا رجل من المسلمين ينتظره وعليه لأمته، فمضيت حتى كنت من ورائه، ثم قمت أقدر المسلم والكافر ببصري، فإذا الكافر أفضلهما عدة وهيأة.
قال: فلم أزل أنتظرهما حتى التقيا، فضرب المسلم الكافر على حبل عاتقه ضربة بالسيف فبلغت وركه، وتفرق فرقتين، ثم كشف المسلم عن وجهه، وقال: كيف ترى يا كعب أنا أبو دجانة.