كان 2020 عام الازمات الاقتصادية فى أوروبا بسبب الأزمة الصحية التى نتجت عن انتشار فيروس كورونا، وعانى النصف الأول من أعمق ركود فى تاريخ الاتحاد الأوروبى، ثم بين يوليو وسبتمبر تحسنت الأمور بمعدل نمو قياسى بلغ 12.1%، إلا أن هذا النمو تراجع مجددا مع الموجة الثانية والاغلاق مرة آخرى.
الخسائر فى الاسواق الأوروبية
من المتوقع أن يخفض الأوروبيون إنفاقهم بشكل كبير فى موسم عيد الميلاد هذا العام بسبب وباء كورونا، الذى أصاب دخولهم، مع إغلاق المحلات التجارية، وتقييد التجمعات الاجتماعية، ووفقًا للبيانات من المتوقع أن تؤدى تدابير الإغلاق إلى خسارة ما يقرب من 37 مليار دولار من الإنفاق فى عيد الميلاد فى المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا، باعتبارها الأسواق الثلاثة الأولى فى أوروبا.
وقدرت التوقعات انخفاض نفقات الفرنسيين بنحو 14.9 مليار دولار، فيما ستتراجع نفقات البريطانيين 14.7 مليار دولار، وفق ما ذكره موقع "فيناريا" واطلعت عليه "العربية.نت".
ومع تدابير الإغلاق لمواجهة جائحة كورونا أظهرت مبيعات التجزئة تراجعًا فى المملكة المتحدة إلى 98.7 مليار دولار، مقابل تقديرات بأكثر من 115.4 مليار دولار للعام الحالي.
فيما قدرت التوقعات انخفاض الإنفاق فى ألمانيا، خلال موسم الأعياد الممتد من منتصف شهر نوفمبر وحتى أواخر شهر ديسمبر الجارى، بنحو 5.6 مليار دولار والذى يعد ثانى أكبر سوق استهلاكى فى منطقة اليورو، حيث تشير التقديرات إلى نفقات متوقعة بقيمة 92.7 مليار دولار، مقابل تقديرات قبل موجة الإغلاقات الجديدة بقيمة 98.1 مليار دولار.
إيطاليا
كشفت رئيسة اتحاد الشركات الإيطالية العاملة فى قطاع التجارة "كونفيسرتشنتي"، باتريزيا دى لويز أن المتاجر والمؤسسات الإيطالية ستتحمل خسائر إضافية بقيمة 10 مليار يورو، إذا ما استمر الإغلاق خلال أعياد الميلاد ورأس العام.
وأظهرت بيانات موقع "Statista"، توقعات بتراجع إنفاق الإيطاليين إلى 44.5 مليار دولار خلال فترة أعياد الميلاد، بتراجع 7.3 مليار دولار عن التقديرات السابقة للإغلاق.
وبينت دى لويز فى تقريرها المقدم خلال الجمعية السنوية للاتحاد أن المقاهى والمطاعم سوف تتعرض لخسائر تقدر بقيمة 3 مليار يورو، فى حين ستفقد المتاجر 7 مليار يورو جراء عدم الإقبال على السلع والمنتجات، كما هو معهود فى هذا الوقت من العام، وفقا لوكالة انسا الإيطالية.
وأشارت دى لويز أن خسائر الاستهلاك خلال هذه العطلة، ستصل إلى حوالى 12 مليار يورو جراء التوقف، مشيرة إلى أن 64% من الإيطاليين، أى ما يقرب من 2 من كل ثلاثة مواطنين، يخططون لخفض انفاقهم خلال العام الجارى، على الهدايا والمشتريات المتعلقة بأعياد الميلاد، وكذلك المشتريات المنزلية. وبينت دى لويز أن هذه الأرقام هى أكبر تراجع يتم تسجيله على الإطلاق منذ عام 2001، موضحة أن هناك انخفاض للإنفاق على المنتجات الاستهلاكية بقيمة 4،7 مليار يورو.
وبالنسبة للهدايا بين الأصدقاء والأقارب، أوضح المشاركون فى الاستطلاع أنهم خططوا لخفض الانفاق فى هذا الشأن إلى 162 يورو فى المتوسط، مقابل 194 مليار العام الماضي.
ووقع المعهد الوطنى الإيطالى للإحصاء "إستات" أن ينكمش الناتج المحلى الإجمالى للبلاد بنسبة 9. 8% فى العام الحالي. كما توقع أن يتعافى الاقتصاد بصورة جزئية فقط فى 2021 وأن يسجل نموا بـ4%. وأشار إلى أن معدل التوظيف سيتراجع بنسبة 10% فى عام 2020 ككل، قبل أن يرتفع بنسبة 6. 3% فى 2021.
ويتوقع المحللون انكماشا فى الربع الرابع بسبب الإغلاق الذى فرضته الحكومة للسيطرة على الموجة الثانية من إصابات كورونا.
إسبانيا
ومن المتوقع أن تشهد إسبانيا انخفاضا بقيمة 3.7 مليار دولار، فيما ستشهد كل من هولندا وبلجيكا تراجعًا بنحو 3.3 و2.7 مليار دولار على التوالي.
يتسبب الوباء فى خسائر تصل إلى 90% من الشركات فى سالامنكا الإسبانية وتشيز جميعية ارباب العمل Asecov إلى استكمال رقمنة التجارة هو التحدى الكبير الذى يواجهونه فى المستقبل.
وأوضح رئيس الجمعية، سوليداد جوميز، أن تأثير الفيروس كما هو متوقع. 90% من الشركات خفضت مبيعاتها هذا العام و"8.3% فقط من الشركات" حصلت على أرباح فى عام 2020 بسبب الوباء. ومن بين هذه متاجر الأثاث، والترميمات، والمنزل، وتلك التى لم تضطر إلى الإغلاق، مثل متاجر المواد الغذائية".
ألمانيا
قال الخبير الاقتصادى لدى معهد إيفو، كلاوس فولرابه أن الاقتصاد الألمانى سينكمش 0.4% فى الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2020 قبل أن ينمو مجددا فى أوائل العام القادم، إذ تسببت إجراءات العزل العام الهادفة لكبح الإصابات بفيروس كورونا فى تباطؤ التعافي.
وبعد أن ارتفعت ثقة الشركات الألمانية على نحو غير متوقع فى ديسمبر، وقال فولرابه إنه يتوقع نمو الاقتصاد 0.6 % فى الربع الأول، مضيفا أن الطلبات الصناعية تبدو جيدة مدفوعة بالعملاء المحليين.
وقال فولرابه "الصناعة تحسنت بشكل كبير، لا سيما صناعة الكيماويات والهندسة الميكانيكية".
وخفضت المفوضية الأوروبية الآن توقعاتها للنمو الاقتصادى لمنطقة اليورو فى عام 2021 من 6.1 % إلى 4.2 %، ويرى الخبراء أنه من المتوقع أن يستغرق الاقتصاد الأوروبى عامين ليقترب من مستوى ما قبل الوباء، ولذلك وافق الاتحاد الأوروبى على حزمة استرداد بقيمة 750 مليار يورو تُعرف باسم الجيل القادم من الاتحاد الأوروبى، وسيشمل 360 مليار فى شكل قروض و312.500 مليون فى شكل منح.
وأشارت صحيفة "الباييس" الإسبانية فى تقرير لها، إلى أن الاتحاد الأوروبى خفض توقعاته للنمو لعام 2021 بعد الموجة الثانية من عمليات الإغلاق والإغلاق فى جميع أنحاء أوروبا.
وقال كريستيان أوديندال، كبير الاقتصادين فى مركز الاصلاح الأوروبى، "إنه لم تتأثر جميع اقتصادات الاتحاد الأوروبى بالتساوى، ولكن حتى تلك التى كانت أقل تدهورًا، مثل فنلندا، مع انكماش بنسبة -4.4% فى الربع الثانى مقارنة بـ -17.8% فى إسبانيا، لا تزال ضعيفة.
وأضاف الخبير أنه فى هلسنكى، على الرغم من كونه أكثر موانئ الركاب ازدحامًا فى العالم، حيث يعبر أكثر من اثنى عشر مليون شخص خليج فنلندا كل عام، فقد تمكن الفنلنديون من الحفاظ على معدل العدوى بعيدًا. وهذا يفسر جزئيًا سبب كون الانكماش الاقتصادى هو الأقل اعتدالًا فى الاتحاد الأوروبي. بالإضافة إلى ذلك، أطلقت الحكومة الفنلندية حزمة بقيمة 15 مليار يورو لدعم العمال والشركات. ولكن مع استمرار تأثر شركائك التجاريين فى الاتحاد الأوروبى بالأزمة، فهل سيكون ذلك كافيًا؟.