مدير بمعابد الكرنك: المهندسون المصريون القدماء أقاموا معبد أمون رع بإبداع هندسى وفلكى
رغم مرور آلاف السنين إلا أنه لا يزال القدماء المصريون حاضرين بكل قوة فى المناسبات طوال العام، ففى محافظة الأقصر وفى السادسة صباح اليوم الإثنين 21 ديسمبر الجارى تتجه أنظار العالم أجمع لمتابعة فعاليات احتفالية تنظمها وزارة الآثار والسياحة بالتعاون مع محافظة الأقصر ونقابة المرشدين السياحيين، بالحدث السنوى الذى يتم داخل أقدم مكان للعبادة فى تاريخ العالم وهو معبد الكرنك، والذى يشهد فعاليات تعامد الشمس على مقصورة قدس الأقداس بمعابد الكرنك والتى يتم تنظيم احتفالية بها سنويًا فى 21 ديسمبر من كل عام، للإعلان رسميًا عن بدء فصل الشتاء فى مصر، وذلك بحضور الآلاف من السائحين الأجانب والمصريين، وقيادات محافظة الأقصر ومديرية الأمن ورجال القطاع السياحى بالمحافظة.
ومن المقرر أن تشهد واجهة معابد الكرنك بوسط مدينة الأقصر على كورنيش النيل فعاليات الاحتفالية وتواجد الأفواج السياحية والمواطنين وقيادات المحافظة ومديرية الأمن والمرشدين السياحيين، لرصد التعامد خلال احتفالية هذا العام والتى تقام للعام العاشر على التوالى فى موعد مع أضخم ظاهرة فلكية تتكرر كل عام، وهى تعامد الشمس على معابد الكرنك الشهيرة من الساعة السادسة وحتى الساعة الثامنة صباحًا، وهو الاكتشاف الذى رصده وتوصل إليه مركز البحوث الأثرية فى جمعية المرشدين السياحيين فى الأقصر، ومن المقرر أن يبدأ برنامج الاحتفالية فى السادسة صباحًا بالتجمع لكل الضيوف أمام ساحة معابد الكرنك، ثم فى السادسة و5 دقائق تبدأ عروض احتفالية من فرقة الأقصر للفنون الشعبية برعاية الهيئة العامة لقصور الثقافة للترويح والترفيه للحضور من الأفواج الأجنبية والمصريين والضيوف، ثم تبدأ مقدمة عروض الصوت والضوء عن تاريخ التعامد على مقصورة قدس الأقداس فى واجهة الصرح الرئيس لمعابد الكرنك.
كما يشمل برنامج الاحتفالية فى السادسة والربع بدء موسيقى شروق الشمس التراثية أمام الصرح الرئيس لمعابد الكرنك، وفى تمام السادسة والنصف تمامًا يتم تغطية شروق الشمس ورصده من قبل الضيوف وفريق الإعلاميين من مصر وحول العالم الذين يهتمون سنويًا برصد التعامد ويستمر حتى الساعة السابعة صباحًا.
وعن تلك الظاهرة التاريخية يقول الطيب غريب مدير بمعابد الكرنك، إن الأقصر تحتفل سنويًا فى فجر يوم 21 ديسمبر، بأحد أهم الأحداث الفلكية فى مصر والعالم أجمع، والذى تم خلاله تعامد قرص الشمس على مقصورة قدس الأقداس بمعبد آمون رع بالكرنك، وذلك إعلان بالانتقال الشتوى رسميًا، حيث يعد معبد أمون رع أحد أكبر معابد الكرنك أقامه المهندسون المصريون القدماء بمشهد بديع وسحر خاص على محور شمسى والذى يتوافق مع الانتقال الشتوي، ما يعتبر إبداعًا فلكيا هندسيا معماريا تاريخيا بأرض الأقصر.
ويضيف الطيب غريب لـ"اليوم السابع"، أنه تتميز تلك الظاهرة التى تحدث يوم الانقلاب الشتوى فى معابد الكرنك، ويقوم خلالها الزوار من السائحين بالاستمتاع برؤية قرص الشمس وأشعتها التى تنتشر فى جميع أرجاء معبد الأقصر، ورؤية قرص الشمس وهو يتوسط البوابة الشرقية، والتى تقع على المحور الرئيسى له، والذى يمثل أقصى الجنوب الشرقى للأفق الذى تشرق منه الشمس، والذى يحدد فلكياً بيوم الانقلاب الشتوى، وعقب ذلك ستكون الشمس عمودية على الأماكن المقدسة بالكرنك "الفناء المفتوح، صالة الأعمدة، وقدس أقداس الإله آمون"، وتنتشر بداخلها عند منتصف النهار.
وأكد الطيب غريب مدير بمعابد الكرنك، أن معابد الكرنك تعد من أعظم المعابد التى شيدها ملوك مصر، والتى تقف شاهدًا على إبداعات الحضارة المصرية، وتعتبر معابد الكرنك بمثابة السجل التاريخى الحافل لتاريخ وحضارة مصر ابتداءً من الدولة الوسطى إلى نهايات تاريخ مصر القديمة، موضحاً أنه يعتبر الإله آمون هو الإله الرئيسى للدولة فى عصر الدولة الحديثة، وكان يتم تمثيل الإله آمون بشكل جسد بشرى كامل، ويرتدى على رأسه تاجًا ذا ريشتين ويمسك فى يديه رموز السلطة والحياة، ويعنى اسمه "الخفى" وكان يحمل لقب "ملك الآلهة"، وتأتى ظاهرة تعامد الشمس على مقصورة قدس الأقداس بالكرنك فى الانقلاب الشتوى، فهى ظاهرة فلكية تكون فيها الشمس على أبعد درجة زاوية من مستوى خط الاستواء، وتكون متعامدة على مدار الجدى، ويتم رصد الظاهرة فى يومى 21 أو 22 ديسمبر من كل عام، ويكون فيه النهار هو أقصر نهار والليل هو أطول ليل، والشمس فى ذلك اليوم تكون على أدنى ارتفاع لها ظهرًا على الأفق.
وأوضح الطيب غريب، أنه تثبت ظاهرة تعامد الشمس السنوية عظمة الفراعنة المصريين، كونهم على دراية كاملة بحركة الشمس أو بمعنى أدق الحركة الظاهرية للشمس حول الأرض وكانوا يشيدون المعابد مواجهة للشمس لتسجيل ظاهرة فلكية أو حدث يسجل مولد للإله أو لتسجيل أحداث فلكية، والشمس فى هذا اليوم ستتعامد فى معبدى الكرنك والدير البحرى على وجه الإله آمون، مما يشير إلى مناسبة خاصة تخص هذا الإله، مشيراً إلى أن الظاهرة تبدأ عادة فى الساعة السادسة والنصف انتظارًا لشروق الشمس فى أرجاء المعبد، ثم يتم تتبع أشعة الشمس على الأعمدة والجدران والدخول إلى قدس الأقداس لرصد الظاهرة، وتتعامد الشمس عادة لمدة عشرين دقيقة، ثم تتجه غربًا إلى معبد حتشبسوت الذى يقع على امتداد معابد الكرنك فى البر الغربى.
جدير بالذكر أنه يأتى تعامد الشمس على قدس أقداس الكرنك فى ذات اليوم من كل عام إيذانًا ببدء فصل الشتاء فى مصر القديمة، وتؤكد مثل تلك الأحداث على عظمة التاريخ المصرى وقدرة المصريين على الإبداع منذ آلاف السنين، وتضيئ الشمس فى هذا اليوم تمثال الإله "آمون" وزوجته الإلهة "موت" اللذين يحتضن أحدهما الآخر فى وضع الجلوس والمصنوعين من حجر الألباستر والمتجهين بوجههما نحو الشرق وتدخل إلى قدس الأقداس وتضيئ القاعدة الحجرية التى كان يقف فوقها فى الأصل تمثال الإله آمون رع رب الكرنك. وتضيئ الشمس أيضًا موائد القرابين المقامة على خط واحد بطول محور المعبد والمصنوعة من حجر الألباستر والتى تنتمى إلى عصور فرعونية مختلفة.
أنظار العالم تتجه لمعابد الكرنك لمتابعة تعامد الشمس (7)