وجبة أساسية فى احتفالات الكريسماس، ورمز كبير فى أعياد الميلاد المسيحية، ارتبط به الشرقيون والأروبيون، وأصبح ذا شأن عظيم فى اهتمامات الهنود، ولشدة ارتباط البعض به، صنعوا من أجله مصارعة خاصة عرفت بمصارعة الديوك، إنه الديك الرومى.
يتخذ الديك الرومى موطنه الأصلى فى أمريكا الشمالية، ولم يعرفه الأسبان إلا بعدما جلبه المبشرون وكولومبس من الأراضى الجديدة قائلين إن اسمه "بوليه ديند" أى الدجاج الهندى، نسبة الى الهنود الحمر سكان البلاد الأصليين، وعرف فى فرنسا باسم "ديند"، لكنه عرف فى بريطانيا باسم "تيركى" إذ ساد اعتقاد أن موطنه الأصلى هو أفريقيا التى كان البريطانيون وقتها يعتقدون أنها موطن الأتراك.
وقبل ذلك كان الأوروبيون يأكلون لحم الخنزير والبجع فى وجبة الكريسماس الأساسية، وفى فرنسا أكل الديك الرومى للمرة الأولى فى احتفالات زواج شارل التاسع عام 1570، إذ اعتبره الفرنسيون "طائرا نبيلا" بلغ مقامه أن لويس الرابع عشر احتفظ به فى حظيرة حيواناته التى لا تضم إلا الحيوانات المعتبرة أهلا للمقام الملكى السامى فى قلعة فيرساى.
ويعتقد أن وصول الديك الرومى إلى أوروبا كان عبر سفن شرق أوسطية يعمل عليها بحارة عرب وأتراك وتدار من شركات تتبع الإمبراطورية العثمانية، ولذلك تم إطلاق اسم "تركى" على الطيور، وساهم الإسبان أيضا فى إحضار الديك الرومى من القارة اللاتينية إلى أوروبا.
وفى البداية كانت طيور الديك الرومى برية وتعيش فى مجموعات بعيدة عن البشر، وتم استئناس الديك الرومى من قبائل الهنود الحمر بداية من عام 800 قبل الميلاد، وكان أهم استخدام لهذه الطيور هو من أجل ريشها المزخرف، وهناك ست سلالات من الديك الرومى تختلف قليلا فى حجمها وشكلها.
وتحول استخدام الديك الرومى إلى طعام بداية من عام 1100 بعد الميلاد أيضا من القبائل الهندية الأمريكية، وبالمقارنة مع الديوك البرية كانت الطيور المستأنسة أكبر حجما وأفضل مظهرا، وبلغ من شهرة الديك الرومى فى أميركا أن الرئيس بنيامين فرانكلين أراده أن يكون الرمز الرسمى للولايات المتحدة قبل أن يقع الاختيار على النسر.
وفى بريطانيا ينسب حضور الديك الرومى من أميركا إليها مباشرة إلى البحار البريطانى ويليام ستريكلاند فى عام 1550، وحصل بفضل ذلك على وسام ملكى عليه صورة الديك الرومى، وكان الإسبان قد سبقوه بإحضار الديك الرومى إلى إسبانيا فى عام 1519، وقد اكتسب الطائر اسم "تركى" لأنه، فى نظرية أخرى، كان يشبه طائرا أفريقيا مماثلا يأتى إلى أوروبا من الإمبراطورية العثمانية فى القرون الوسطى.
ورغم أن الملك الانجليزى هنرى الثامن كان من أوائل من تذوقوا لحم الديك الرومي، فلم يرتبط أكله بالكريسماس الا فى عهد ادوارد السابع عندما كانت هذه العادة حكرا على طبقة النبلاء من دون عامة الشعب. لكن الديك الرومى نزل من هذا المقام السامى الى الشارع فى القرن السابع عشر عندما أتى به البحارة من المستعمرات الأميركية التى كانت تعتبره غذاء رئيسيا طوال فصل الشتاء.
وبحلول القرن الثامن عشر كانت أسراب الديك الرمى منظرا مألوفا فى معظم الأسواق بالدول الأوروبية وتعرض مرتدية نعالات فى أقدامها (لحمايتها خلال رحلتها الطويلة من مقاطعة نورفوك - حيث يربى معظمها - الى المدن الكبيرة مثل لندن)، وتترك حرة إذ انها - على غير عادة الديوك الرومية الوحشية - لا تقدر على الطيران.
وفى القرن التاسع عشر فى كل من بريطانيا والولايات المتحدة كان لحم الصدر ذو اللون الأبيض يعتبر أهلا لعلية القوم وكبار ضيوفهم بينما كان يترك لحم الفخذين العكر اللون للخدم. واليوم تعتبر الولايات المتحدة أكبر الدولة المستهلكة للديوك الرومية. ففى عيد الشكر يستهلك الأميركيون 45 مليونا منها كل عام، إضافة الى 22 مليونا فى الكريسماس و19 مليونا فى عيد الفصح، ومع ذلك فلا تتعدى كل هذه الأرقام نسبة 27 فى المائة من إجمالى الاستهلاك على مدار السنة. ويقدر عدده الإجمالى فى البلاد بلغ 270 مليونا العام الحالى، وفى بريطانيا - حيث يقول 87 فى المائة من السكان إن الكريسماس لا يكتمل إلا بوجبة الديك الرومى - يبلغ معدل استهلاكه 15 مليونا كل كريسماس.