يارب سد عنى، واديني من السماء للأرض وايدني الصحة" دعوات تتضرع بها "جيهان" كل صباح، الفتاة ذات الـ 30 عام، لم تجد مفرًا من العمل الشاق، لذلط تجدها تقف أمام ورشة لتصليح كاوتشوك السيارات على الطريق الزراعي المؤدى لمدنية البحيرة.. نظرتها حادة وابتسامتها ضئيلة وثقيلة على وجهها رغم بشاشته، يدها خشنة، وجسمها النحيل دليل على شقائها منذ صغرها.
جيهان منصور.. ابنة مركز الدلنجات تحملت المسئولية، بعد أن هجر الأب أسرته وتخلى عن أربعة من الأبناء بنتان وولدان، تكبرهم جيهان التي عملت في منذ أن كانت بنت الـ 13 عام، والتي روت قصة كفاحها لـ"اليوم السابع"، قائلة: "القفة أم ودنين يشيلوها اتنين"،.. وتابعت: كنت أنا وأخويا متحملين مسئولية البيت، لكن من 7 سنين توفى أخى ومش بخاطرى شلت القفة كلها لوحدى، الحمل ثقيل لكن ربنا بيعين".
لماذا لجأت "جيهان" إلى تصليح الكاوتشوك؟ تقول الفتاة" مات أخويا وساب ورشة كان مأجرها، جبت عامل بيفهم في الشغل ده يشتغل ولكن كان الدخل بسيط 70، 80 جنيه في اليوم، فقلت ما بدهاش لازم أنزل الشغل وافتح الورشة بنفسي، وعلى الحالي دا بقالى سبع سنين".
وتابعت الأسطى جيهان" أول مرة دخلت فيها الورشة للشغل دعوت لربنا يحببنى فيهت ويعينى عليها، وأول مرة مسكت فيها آلة حاولت معها أجيبها يمين وشمال لحد ما عرفت بتشتغل أزى، كنت بحاول كتير وبسأل كتير عشان أتعلم، وبلجأ لربنا، لحد ما بقيت فاهمة كل حاجة في الشغلانة، الحمد لله كله من تعبنى وكدى .. عمرى ما رحت لحد يدينى حاجة".
وتابعت جيهان، "أنا بطلع من بتنا الساعة 5.30 الفجر وعلى ما أوصل بتكون 6.. أدعى ربنا وهو يبعتلي، أنا اشتغلت مضطرة غصب عنى عشان غيرى يعيش، أنا مسئولة عن أمى مريضة وأخوتى الصغيرة، وبنت أخويا اللى سبهالى ومات وهى عندها سنة دلوقتى عندها 6 سنين".. وحول طريقة تعاملها في السوق قالت جيهان، "بتعامل مع الناس بحكمة وعقل وحدود عشان محدش بتطاول عليا.. المحترم لازم الناس تحترمه وتحبه".
جيهان كمثيلتها من الفتيات اللاتي حلمن بالبيت السعيد والزوج الصالح، ولكن أمنيتها لم تتحقق، وعن هذا تقول" كان نفسي في عيشة مرتاحة وبيت نظيف وما أهينش نفسي وحلمت كتير بالفستان والطرحة، لكن ده قدرى ونصيبي، لما بشوف عروسة قدامى بحزن على نفسي لكن بسرعة بقول الحمد لله وأرجع لطبيعتى عشان المسئولية اللي ورايا، وكمان بنت أخويا عوضتنى عن الأمومة اللى أحيانا بحس بها.. هي كل حياتى وطلباتها كلها أوامر".
وتابعت جيهان" جوزت أخواتي البنت والولد، بروح لتجار أمضى شيكات عليا وأجهزهم وأعمل كل حاجة تسعدهم، والفلوس بتبقى دين عليا أسدها من شغلى، أخر جوازه كلفت 50 ألف جنيه سددت منهم 10 الآلف وعليا 40 ألف جنيه، وأنهت حديثها قائلة" ربنا دايما سترها معايا أنقذني مريتن من الموت، الأولى عجلة الكوتش فلتت منى وكانت هتموتنى، والمرة التانية طرحتى لفت على الماكينة وأنا بشتغل وخنقتني لكن ستر ربنا الكهربا قطعت.... أنا مش عايزة حاجة من الدنيا غير سعادة أمي وأخواتي".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة