نقرأ معا كتاب "بلا قيود: تقنيات حرَّرت البشر ودفعتهم لحافة الهاوية" لـ ريتشارد إل كوريير، ترجمة دينا عادل غراب، مراجعة هانى فتحى سليمان، وقد صدرت ترجمته عن مؤسسة هنداوى.
يقول الكتاب:
منذ خمسة وستين مليون عام اصطدم بكوكب الأرض قُبالةَ ساحل جنوب المكسيك كويكبٌ يفوق عرضه ستة أميال، ويطير بسرعة 67 ألف ميل فى الساعة، بقوة تفوق قوة القنبلة الذرية التى أُسقطت على هيروشيما بخمسمائة مليون مرة.
وقد أسفر هذا الحدث عن اختلالات رئيسية فى مناخ الأرض، مؤديًا فى النهاية إلى كارثةٍ بيئية نتج عنها انقراض الديناصورات و75 بالمائة من كل الأنواع الحية على وجه الأرض.
وإننا الآن فى خِضمِّ عملية انقراض جماعى آخر للنباتات والحيوانات ناتجة عن النشاط البشري، وقد تُصبح فى النهاية فتَّاكة، شأنها فى ذلك شأن حالات الانقراض الجماعى الخمس التى وقعت فى التاريخ الجيولوجى للأرض.
ويعتقد أغلب علماء الأحياء أن أكثر من نصف الأشياء الحية ستنقرض خلال القرن أو القرنين القادمَين، مع تبعات مجهولة على المستقبل والعدد المتناقص من الأنواع التى ستظلُّ حية.
لم نعُد نحن البشر نوعًا من الصيَّادين وجامعى الثمار البسطاء الذين يعيشون داخل حدود عالم طبيعى مستقر، وإنما صِرنا بعد تحرُّرنا من الكثير من عقباتنا الطبيعية بفضل التقدم التِّقنى المستمر، سادةَ الغلاف الحيوى المحرَّرين من القيود.
على مدار الخمسة ملايين سنة السابقة، غيَّرت ثمانى تقنيات العلاقة بين الجنس البشرى والبيئة الطبيعية تغييرًا بالغًا، محررةً إيانا من قوى الطبيعة التى تحدُّ حريات كل مجموعات الكائنات الحية الأخرى. وتدريجيًّا أحدثت كلٌّ من هذه التقنيات تحولًا أو انسلاخًا كبيرًا فى حياة البشر والمجتمع؛ فطوَّرت هذه التحولات بِنية أجسادنا، ووسَّعت قدرات عقولنا، وأثمرت عن مجتمعات بشرية ليس لها مثيل فى حجمها وقوَّتها.
سيطر الجنس البشرى فى العصر الحديث على جميع بيئات الأرض الطبيعية تقريبًا، وأحدث تحوُّلًا جوهريًّا فى الكوكب بأسره ليُصبح وحدة إنتاج هائلة من أجل منفعته وحده. وأثناء هذا استولى الجنس البشرى حديث التحرُّر من قيوده على جزء كبير من البيئة الطبيعية، ولوَّث تربة الأرض ومحيطاتها وغلافها الجوي، وجعل عالَمنا على حافَّة كارثة.
يتفرد الجنس البشرى بين كل كائنات الأرض فى قدرته على الاستيعاب والتخطيط للمدى الطويل، إلا أننا ما زِلنا نتحرَّك مدفوعين بغرائز حيوانية قديمة، من بينها التوسع والتكاثر لأقصى حد مُمكن. أما الكائنات الأخرى فهى محدودة فى قدرتها على التكاثر بطبيعة علاقتها الثابتة نسبيًّا مع البيئة، لكن التكنولوجيا جعلت استمرارية تكاثرنا أمرًا ممكنًا من خلال تمكيننا من الفرار من قيود قدرنا الحيوي، حتى بعد أن جعلنا العالم قاب قوسين أو أدنى من مستقبل مُبهَم وربما كارثى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة