هل تتخيل أن دولة بحجم الولايات المتحدة كادت طائفة هندية أن تسرق منها ولاية؟.. هذه ليست قصة فيلم أمريكى إنما حقيقة جرت أحداثها خلال الفترة من عام 1980 حتى عام 1985 ووثقتها شبكة "نتفليكس" عبر السلسلة الوثائقية WILD WILD COUNTRY، والتى تسطر الضوء على قصة الراجنيش.
بداية القصة ليست من الولايات المتحدة بل فى الهند حين بدأ أستاذ الجامعى اتخذ لقب "راجنيش" مع بداية الخمسينات نشر أفكاره القائمة على فلسفة التحرر من كل قيود المجتمع والانغماس فى لذات الحياة بشكل كامل، نافيا فى الوقت نفسه وجود إله.
وبحلول الستينيات ومع موجة ثورات الطلبة فى أوروبا وانتشار أفكار "الهيبيز" وغيرها، بدأت أفكار راجنيش تلقى استجابة فى العالم الغربى، حينها قررت الهند التضييق على راجنيش وأتباعه فطرد من الجامعة لكنه نجح فى تأسيس مجتمعه فى مدينة بونا، وبحلول نهاية السبعينيات كان لديه نحو 100 ألف من الاتباع وقرر اتخاذ خطوته التالية، وهى الخروج من الهند إلى الولايات المتحدة عبر الموارد امتلكها 100 ألف من التابعين أغلبهم من أبناء الطبقات الاجتماعية العليا.
استطاع راجنيش شراء مزرعة على مساحة 64 فدانا فى ولاية أوريجون بقيمة 5.75 مليون دولار، وخلال 3 سنوات استطاع تحويلها من أرض فارغة إلى مدينة متكاملة تمتلك بنية تحتية، مثل الشرطة والمطاعم ومراكز التسوق ومنازل ومكتب بريد لكن العداء بدأ يتصاعد بينهم وبين سكان مدينة أنتيلوب المجاورة، والسبب الممارسات الغريبة للراجنيشيين كحفلات الجنس الجماعى، والتدريب على استخدام الأسلحة، إلا أن الراجنيشيين استطاعوا استخدام الديمقراطية، فتمكنوا من الاستيلاء على انتخابات مجلس المدينة، ولكن هذا لم يكن سوى مجرد بداية.
وفى عام 1983 تم تفجير أحد الفنادق التابعة للراجنيشيين، فقرر البدء بالاستيلاء على الولاية عبر نائبة راجنياش وكانت تدعى ما أناند شيلا، وذلك عبر زيادة عدد سكان مدينتهم، أطلقوا عليها "راجنيش بورام" فجلبوا المشردين والمتسولين من كل أنحاء الولايات المتحدة لتعطيهم جنسية الولاية لكى يتمكنوا من التصويت فى انتخابات الولاية للسيطرة عليها هنا ظهرت المشاكل، بدأ هؤلاء المشردون فى إثارة المتاعب فبدأت فى المقابل إدارة المدينة فى إعطائهم مهدئات ومنومات فى أطعمتهم كى تقلل من مشكلاتهم.
وبدا أن سياسة استجلاب المشردين غير ناجحة فخططوا لما هو أكبر من ذلك، وهو القيام بعملية تسميم واسعة لسكان الولاية عبر وضع بكتيريا السلامونيلا، ونشرها فى عدد من المطاعم كى يصاب المواطنون يوم التصويت بالإعياء وبالفعل أجروا تجربة أدت لتسمم المئات لكن الانتخابات لم تتم إذ اتخذت إدارة الولاية إجراء بمنع تلك الانتخابات.
وبحلول عام 1985 وقعت الخلافات بين شيلا وراجنيش، فقررت المغادرة مع 20 من اتباعها للمدينة، فرد راجنيش بفضح ما كانت تفعله، وأهمها التنصت على هواتف أهل البلد، ما أعطى ذريعة لمكتب التحقيقات الفيدرالية فى التدخل لتفتيش البلد، والعثور على أدلة بالقيام بإجراءات إجرامية، ومنها محاولة اغتيال النائب العام، ومحاولة قتل طبيب راجينيش نفسه، وعملية التسميم ببكتيريا السلامونيلا.
ألقى القبض على راجينيش بتهمة الهجرة غير الشرعية، وجرى بطريقة ما إنهاكه عبر التنقل مسجونا بين الولايات المختلفة ما دفعه فى النهاية للاستسلام والإقرار بالذنب مقابل إطلاق سراحه ومغادرته نهائيا وأمر أتباعه بتفكيك المدينة.
عاد راجينيش إلى الهند وتم تصويره على أنه إله من قبل أتباعه وأطلق على نفسه لقب أوشو، لكن الحركة بدأت تتراجع شيئا فشىء ولم تعد كسابق عهدها، وفى عام 1990 فارق راجينيش الحياة ورغم بقاء بعض أتباعه إلى اليوم إلا أن الحركة لم تعد كسابق عهده.