افتتحت وزارة التعاون الدولى، تقريرها السنوى لعام 2020، حول "الشركات الدولية لتحقيق التنمية المستدامة"، بكلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى، التي ألقاها أمام الدورة 75 للجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال سبتمبر الماضى، والتى أكد خلالها ضرورة العمل الدولى متعدد الأطراف، وتعزيز دور الأمم المتحدة، لمواجهة التحديات العالمية.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسى فى كلمته "إن مصر بحكم تاريخها وموقعها وانتمائها الأفريقى والعربى والإسلامى والمتوسطى، وباعتبارها عضواً مؤسساً للأمم المتحدة، لديها رؤيتها إزاء النهج الذي يتعين اتباعه لتحسين أداء وتطوير فاعلية النظام الدولى متعدد الأطراف، مع التركيز بشكل أخص على الأمم المتحدة، فتؤمن مصر إيماناً راسخاً بأن دفع جهود التنمية يعد شرطاً أساسياً لتعزيز السلم والأمن الدوليين ولإقامة نظام عالمي مستقر، وهو أفضل السبل لمنع التطرف والحد من النزاعات المسلحة والأزمات الإنسانية".
وأكد أن مصر دعمت أجندة التنمية المستدامة لعام 2030، واضطلعت بدور محورى لدعم جهود السكرتير العام لإصلاح المنظومة التنموية إيماناً منها بأهمية تعزيز قدرة المنظمة على تحقيق تلك الأهداف الطموحة، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه الجهود تعتبر خطوة أولية مهمة على الطريق الصحيح، يجب أن تتبع هذه الجهود خطوات إضافية تساعد البلدان على تقليل الفجوة الاجتماعية والاقتصادية بين الدول المتقدمة والنامية، ومعالجة مشكلة تمويل التنمية.
وتابع: لعل الأزمة الطاحنة التي فرضتها جائحة فيروس "كورونا" المستجد تستوجب توفير الدعـم للــــدول الناميــــة خاصـــة الأفريقية من خلال تقديم حزم تحفيزية لاقتصاداتها وتخفيف أعباء الديون المتراكمة عليها، والاستفادة من الأدوات المتاحة لدى مؤسسات التمويل الدولية، بما يساهم في خلق بيئة مواتية تساعد تلك الدول على احتواء آثار الجائحة والتعامل مع المشكلات القائمة كالإرهاب، والهجرة غير المنتظمة، ومعالجة أسباب النزاعات.
وعلى الصعيد الاقتصادي، فالحق أنه لولا الدعم الذى أولاه شعب مصر إلى مؤسسات الدولة، لما كان ممكناً اجتياز المراحل الصعبة والمضنية لبرنامج الإصلاح الهيكلي، والذى كان لنجاحه إسهام كبير فى تحصين الاقتصاد وتحجيم خسائره جراء جائحة فيروس "كورونا"، كما أننا من بين عدد قليل من الدول التي استطاعت تحقيق معدلات إيجابية للنمو رغم الجائحة، بالإضافة إلى السيطرة على معدلات التضخم، وتراجع البطالة إلى أدنى مستوياتها منذ عشـرين سنة.
وتابع الرئيس السيسى: "إذا كانت مجرد البيانات والإحصاءات لا تصور حجم ما يتم تحقيقه في مصر، فإن أفضل شاهد ودليل هو الإنجازات الملموسة والمستمرة: إقامة المشروعات القومية الكبرى في مجالات البنية الأساسية وتوفير المسكن اللائق والطاقة، وخاصة إنتاج الطاقة المتجددة التي تعد إسهاماً مباشراً لصون حق المواطن في عيش كريم.
وقال: "لطالما كانت عمليات الإصلاح الهيكلي غير مستقرة بسبب تداعياتها السلبية على بعض فئات المجتمع، لذا قمنا بصياغة برامج اجتماعية تستهدف من هم أقل دخلاً لتوفير الحماية اللازمة لهم وتخفيف آثار الإصلاحات عليهم في إطار تضامني يحفظ كرامتهم.. في الوقت نفسه، حرصنا على إعطاء الأولوية للرعاية الصحية باعتبارها حقاً رئيسياً، حيث بدأت مصر بالفعل في تنفيذ برنامج التغطية الصحية الشاملة لجميع مواطنيها، وبالتوازي نجحنا في إطلاق أكبر حملة مسح طبي في التاريخ للكشف عن التهاب الكبد الوبائي "سي" والأمراض غير المعدية والقضاء عليها، وتقديم العلاج المجاني للحالات المكتشفة. كما تم إطلاق مبادرات لإنهاء قوائم الانتظار للعمليات الجراحية الحرجة، ودعم صحة المرأة، وعلاج الأمراض المختلفة التي تصيب الأطفال حديثي الولادة وتلاميذ المدارس بشكل خاص.
وقال الرئيس فى كلمته: إذا كان "الأمل يولد من الألم" فلعلنا نجد فى الأزمة الراهنة ما يدفعنا لبث روح جديدة في جهودنا الحثيثة لتفعيل العمل الدولي متعدد الأطراف ودور الأمم المتحدة كقاطرة له.
إن مصر، كعضو مؤسس لهذه المنظمة وبما لها من إسهام في صناعة الحضارة الإنسانية منذ فجر التاريخ لن تدخر جهداً في سبيل تحقيق رؤية التجديد والإصلاح بناء على اقتناع راسخ ويقين ثابت أن "الأرض تسع الجميع" طالما كان نبذ الصراعات، وصنع وبناء السلام، والتعاون الدولي هي الأسس الحاكمة للعلاقات بين الدول والشعوب من أجل تحقيق التنمية والأمن والاستقرار والرفاهية للأجيال الحالية والقادمة على حد سواء.
وأكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، أن 2020 كان عامًا استثنائيًا بكل المقاييس، حيث واجه العالم فيه تحديات لم تحدث من قبل، بسبب جائحة كورونا التي تخطت الحدود الجغرافية، وأودت بحياة الكثيرين، وانتقل تأثيرها للجوانب المالية والاقتصادية والاجتماعية؛ لكنه العام الذي أبرز أهمية التعاون متعدد الأطراف، لتصبح الجائحة فرصة للعالم لتصحيح المسار والعمل بابتكار وتوجيه طاقاته نحو البناء .
وأوضحت في كلمتها بافتتاحية التقرير السنوي لوزارة التعاون الدولي 2020، الصادر اليوم، أن الطريق نحو ما نطمح إليه، والواقع الحالي، يروي لنا قصة؛ وفي مصر تُخلق قصة تنموية مُلهمة، قصة المرونة والتعافي والانطلاق، وكما يقول المثل الصيني في كتاب كلاسيكيات الشعر(شيجينغ): «الإصلاح رسالة مُستمرة بغض النظر عن إنجازات الماضي»؛ لذا بدأ الاقتصاد المصري في مرحلة التحول من خلال إجراء إصلاحات شاملة، تهدف إلى تعزيز النمو المستدام والشامل والأخضر.
وأضافت وزيرة التعاون الدولي، أنه فمع وداع 2020 واستقبال عام جديد، فإن وزارة التعاون الدولي، تسعى لسرد ما قامت به به من مبادرات وشراكات ذات تأثير مستدام وفعال، لذلك فإن تقريرنا السنوي لعام 2020يستعرض «الشراكات الدولية لتحقيق التنمية المستدامة»، خلال الإثني عشر شهرًا الماضية من التعاون الإنمائي الفعال، من خلال تنفيذ أربعة التزامات رئيسية هي: المشاركة والمواءمة والسرعة والمساءلة، بما يعزز الجهود التنموية الوطنية .
وتابعت وزيرة التعاون الدولي: منذ بداية العام وضعت وزارة التعاون الدولي، إطارًا يضم الأطراف ذات الصلة من القطاعين الحكومي والخاص فضلا عن المجتمع المدني، لخلق نهج مُتكامل لدعم الجهود التنموية، من خلال تبني الدبلوماسية الاقتصادية بمبادئها الثلاثة.
١. منصة التعاون التنسيقي المشترك، التي يتم تنظيمها بشكل دوري بمشاركة شركاء التنمية مُتعددي الأطراف والثنائيين، والجهات المعنية من الدولة، لخلق تواصل فعال من أجل تسريع وتيرة برامج التمويل التنموي لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة.
٢. مطابقة التمويل التنموي مع الأهداف الأممية للتنمية المستدامة، لكافة المشروعات الجارية والمستقبلية ضمن محفظة وزارة التعاون الدولى.
٣. سرد المشاركات الدولية، من خلال ثلاثة عوامل رئيسية هي المواطن محور الاهتمام والمشروعات الجارية والهدف هو القوة الدافعة.
وأكدت وزيرة التعاون الدولي، أن جائحة كورونا لم تمنعنا من المضي قدُمًا نحو إنجاز أهدافنا ودعم خطة التنمية الوطنية 2030، ومن خلال الدبلوماسية الاقتصادية، أبرمت وزارة التعاون الدولي اتفاقيات تمويل تنموي بقيمة 9.8 مليار دولار خلال عام 2020، بواقع 6.7 مليار دولار لقطاعات الدولة التنموية، و 3.1 مليار دولار لمشروعات القطاع الخاص.
واستطردت قائلة: "نسعى من خلال هذه الاتفاقيات لدفع الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية، تمهيدًا لنمو شامل ومستدام يساهم فيه القطاع الخاص، ويتوافق مع الثلاثة عوامل: المواطن محور الاهتمام، المشروعات الجارية، والهدف هو القوة الدافعة، حيث يتشكل في ظل جائحة كورونا، تاريخ جديد للعالم، نلمس فيه التقنيات الحديثة، ووظائف جديدة كلها فرص، تبرهن على أهمية التعاون متعدد الأطراف في تحقيق النمو المستدام".
وذكرت وزيرة التعاون الدولي، أن الأداء الاقتصادي والتنموي لجمهورية مصر العربية كان مُتميزًا خلال هذا العام، واستطاعت الدولة المصرية أن تتخذ قرارات اقتصادية، وعقد شراكات تنموية قوية، دعمت النمو رغم الجائحة، وهو ما قوبل باحتفاء وإشادة من مؤسسات التمويل الدولية.
وشددت على أن هذا الآداء ما كان له أن يتحقق إلا برؤية واضحة وقوية للقيادة السياسية للبلاد مُتمثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي مهد لنا الطريق للقيام بالدبلوماسية الاقتصادية من خلال الدبلوماسية السياسية المتوازنة؛ هذا بالإضافة إلى شغف ومثابرة زملائي الوزراء، بقيادة رئيس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، حيث عملنا بشكل جماعي وتنسيق مستمر لصياغة المشروعات التي تدعم خطة التنمية الوطنية للدولة 2030، ودعمها من خلال الشراكات الدولية الناجحة.
كما وجهت الشكر لجميع العاملين في وزارة التعاون الدولي، على ما بذلوه من مجهود استثنائي، مواجهين في ذلك التحديات التي عانى منها العالم خلال هذا العام؛ لقد أظهروا لنا جميعًا كيف يمكننا - من خلال العمل الدؤوب - تحويل التحديات إلى فرص، لنمضي قدُمًا نحو ما نطمح إليه.
وفي ختام كلمتها أكدت الدكتورة رانيا المشاط، أن التعاون متعدد الأطراف هو السبيل الوحيد الذي علينا انتهاجه، لتسريع وتيرة التنمية، والبناء على ما أنجزناه، والانطلاق نحو مستقبل أفضل؛ ودائما ما أقول إن التعاون متعدد الأطراف في مفهومه يشبه تمامًا الرياضة، فهو قادرٌ على إرساء روح التكامل بين الدول رغم المنافسة؛ ومن خلال الدبلوماسية الاقتصادية يمكننا تخيل أطرًا جديدة لتمكين المجتمعات وإلهامها وجني ثمار التنمية المستدامة للعالم بأسره.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة