مأساة شهدتها الإسكندرية فى شهر يوليو الماضى، بسبب حادث الغرق الجماعى، الذى وقع بشاطئ النخيل بالعجمى والمعروف بـ"مثلث برمودة" مصر، نظرا لكثرة حالات الغرق بهذا الشاطئ، ففى يوم 10 يوليو وقع حادث أليم بغرق 11 شخصا بسبب محاولة إنقاذ طقل من الغرق، من بينهم 3 أشقاء، هم عامر 27 عاما، وعثمان 19 عاما، وشادى عبدالله زغمار 17 عاما، وعلى الرغم من محاولات البحث المستمرة يوميا من فريق شرطة المسطحات المائية وقوات الإنقاذ النهرى وفرق الغطاسين المتطوعين، إلا أن شاطئ النخيل أبى أن يخرج جثة "شادى" برفقة أشقائه، وحالت الآمواج المرتفعة وصعوبة الرؤية مع تعكر مياه البحر دون العثور على الجثمان، وظل الآب ينتظر يوميا على الشاطئ والأم نظرها لا يحيد عن أمواج البحر فى انتظار خروج جثمان آخر طفل لها.
وفى بداية اليوم الـ 12 من أيام الانتظار الطويلة على شاطئ النخيل، طالب أحد الغطاسين من ذوى الخبرة الطويلة فى تقلبات البحر، بتوفير "ملاية" لتغطية الجثمان فور أن يلفظة البحر، بسبب الآمواج العاتية التى ضربت الشاطئ فى ذلك اليوم، مما أدى الى تأجيل فريق البحث من النزول الى البحر للبحث عن الجثمان، ولكن الغطاسين كبار السن من ذوى الخبرة علموا بما سيفعله البحر فى هذا اليوم، وفى حدود الساعة العاشرة صباحا، فوجئ مجموعة الغطاسين من كبار السن المتواجدين على الشاطئ بخروج جثمان غير مكتمل مفقود الرأس والقدمين واليدين، لفظته أمواج البحر، وأيقن الجميع أنه "شادى" خاصة وأنه لم يكن هناك بلاغات عن حالات غرق فى تلك الفترة، ولكن الآب المكلوم لم يصدق أن هذا جثمان نجله، لما تسببت مياه البحر فى تشويه الجثمان، وبدأت رحلة جديدة من محاولات التأكد أن هذا هو جثمان "شادى" من خلال تحليل البصمة الوراثية "الحمض النووى".
ويقول رامى عبدالله شقيق شادى ضحية الغرق بشاطئ النخيل، إنه بعد مرور 5 أشهر استطاع الطب الشرعى تحديد هوية الجثمان الذى عثر عليه فى شاطئ النخيل منذ شهر يوليو الماضى، وتم التأكد من أنه جثمان "شادى"، مشيرا فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" إلى أن الطب الشرعى قد طلب نحو 3 عينات من والده ووالدته، ومنذ حوالى الشهر ونصف طلب الطب الشرعى عينة أخرى من والده الحاج عبدالله، وبعد التحليل تم التأكد من تطابق عينة الحمض النووى وأنه بالفعل "شادى زغمار"، وأكد على أنه سيتم إقامة جنازة أخرى ودفن الجثمان بمسقط رأسة بمركز كوم حمادة بمحافظة البحيرة .
تأتى تلك الجنازة الحقيقة بعد أن أدى المئات من أهالى قرية النجيلة التابعة لمركز كوم حمادة بالبحيرة، فى أغسطس الماضى صلاة الغائب على روح شادى عبدالله، بعد حالة اليأس التى انتابت الآسرة من العثور على الجثمان، وصعوبة التعرف على الجثمان الغير مكتمل الذى تم العثور علية بالشاطئ.
وانتهى لغز "أين جثة شادى" ولم تنته أزمة شاطئ النخيل بالعجمى غرب الإسكندرية، حيث يواصل البحر الغاضب حصد أرواح المصطافين، ووجود حالات غرق يومية، خاصة فى ظل توافد آلآف الى الشاطئ المممتد بطول 1800 متر يوميا بعد الساعة الخامسة عصرا، والإصرار على السباحة بجوار حواجز الموت بالرغم من قرار إغلاق الشاطئ، والتحذيرات المستمرة بخطورة السباحة فى ظل وجود تيارات مائية شديدة تتسبب فى خلق دوامات تؤدى إلى غرق من يدخل فى نطاقها، حتى أطلق على هذا الشاطئ "مثلث برمودا" مصر ، فالداخل إليه مفقود.
ومؤخرا وبالتحديد بعد واقعة الغرق الجماعى، فى أغسطس الماضى تم تشكيل لجنة تضم كافة الجهات المعنية بأزمة شاطئ النخيل، برئاسة وزارة الموارد المائية وجهاز حماية الشواطئ ومحافظة الاسكندرية، لدراسة أفضل الحول الهندسية لحل تلك الأزمة، وتستغرق أعمال تلك اللجنة نحو 3 أشهر، تقوم خلالها بدراسة أسباب مشكلة ارتفاع أعداد الغرقى بالشاطئ، والوضع الهندسى لحواجز الآمواج، ورفع تقرير مفصل يشمل أسباب المشكلة وآليات حل وإصلاح حواجز الآمواج إذا كانت المشكلة ترجع إلى عيب فى وضع حواجز الآمواج، وفى جميع الآحوال سواء بسبب الغرق أو سواء أزمة الحد من انتشار فيروس كورونا فالشاطئ مغلق تمام بقرار مجلس الوزراء لحين وضع حلول هندسية لمعالجة مشكلة حواجز الآمواج التى تخلق التيارات المائية الشديدة، ولكن ما يشعل الأزمة هو إصرار المصطافين على التسلل للشاطئ والنزول إليه بالرغم من كل تلك التحذيرات بالخالفة لقرارات مجلس الوزراء.