لم تغب مصر عن رادار الصحف ووسائل الإعلام الغربية فى عام 2020، فرغم تحول الانتباه إلى مناطق مختلفة حول العالم تشهد صراعات سياسية ومآسى إنسانية بسبب وباء كورونا، إلا أن مصر ظلت حاضرة فى الميديا الأوروبية والأمريكية طوال العام، ما بين إشادة ببرامجها الاقتصادية، استكمالا لنهج بدأ قبل أربع سنوات، وإبراز لجهودها المبكرة فى التعامل مع جائحة كورونا بشكل لم تفعله دول كبرى أخرى، ثم تأكيدا واهتمام بدورها الإقليمى البارز فى عدة قضايا على رأسها الموقف فى ليبيا.
الاقتصاد المصرى
مثلما لفت التطور الإيجابى القوى لاقتصاد مصر فى السنوات الأخيرة اهتمام كبرى الصحف والمواقع العالمية، استمر هذا النهج خلال 2020 وإن كان باهتمام أكبر فى ظل تداعيات الوباء التى هزت العالم بأسره.
فنشرت مجموعة أكسفورد بزنس جروب تقريرا فى يوليو الماضى توقع أن تخرج مصر من أزمة جائحة كورونا فى وضع قوى، وأن تقوم بجذب الستثمارات الدولية.
وتحدث التقرير عن النجاحات التى حققتها مصر قبل الوباء، من خلال برنامجها الطموح لإصلاح الاقتصادى والذى أدى غلى تسريع معدل النمو فيها وخفض العجز المالى.
وقال التقرير إن خلق بيئة أكثر ملائمة للاعمال التجارية وترشيد البيروقراطية ساعد على صعود مصر بشكل مستمر فى التصنيفات العالمية. وذهب التقرير غلى القول بانه رغم تعطل التقدم الذى أحرزته مصر بسبب التداعيات الاقتصادية للوباء، غلا أنها باعتبارها واحدة من أكبر الاسواق الاستهلاية فىا لمنطقة وتمتلك اساسيات قوية، فإنها فى مضع جيد لجذب الاستثمارات والخروج من الأزمة فى وضع قوى.
وفى تقرير سابق هذا العام أيضا للمجموعة المتخصصة فى الاستشارات الاقتصادية، توقع أن تعاود السياحة فى مصر النمو العام المقبل، وقال إنه برغم تأثير الوباء على القطاع المهم فى مصر، إلا أنه بناء مطار بالعاصمة الإدارية الجديدة وعدد من المشروعات السياحية الأخرى من شانها أن تساعد فى نمو عدد السائحين القادمين للبلاد العام المقبل.
من ناحية أخرى، اختارت وكالة بلومبرج الأمريكية المتخصصة فى الشأن الاقتصادى مصر ضمن أسرع 10 اقتصاديات نموا فى العالم فى 2020، وتُسجل ثانى أعلى معدل نمو اقتصادى فى العالم بنسبة ٣,٦٪، وفقًا لتقرير صندوق النقد الدولى، وخفض معدلات الدين للناتج المحلي من ١٠٨٪ في العام المالى ٢٠١٦/ ٢٠١٧، إلى ٨٨٪ بنهاية يونيه ٢٠٢٠، وتحقيق فائض أولى ١,٨٪ فى العام المالى الماضى، بينما تضاعفت فى الدول الناشئة الأخرى وغيرها معدلات الدين والعجز وجاء نموها بالسالب.
الدور الإقليمى:
كان الدور الذى قامت به مصر على الصعيد الإقليمى محط اهتمام وكالات الأنباء والصحف العالمية فى العديد من القضايا، أبرزها تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط، ومساعى مصر لإنهاء الحرب فى ليبيا.
ففيما يتعلق بمنتدى غاز شرق المتوسط ، قالت الإذاعة الألمانية إن منتدى غاز شرق المتوسط الذى وقعت ميثاقه عدد من دول البحر المتوسط فى 22 سبتمبر الماضى، هو النموذج الأساسى للتعددية الإقليمية فى الوقت الذى تقوم فيه الولايات المتحدة بتقليص ورها فى المنطقة.
وفى تقرير له فى يناير الماضى، قال موقع "إنتربرايز برس" إن مصر على وشك أن تصبح محور كامل للطاقة، بينما ذكر تقرير للمعهد الإيطالى للدراسات السياسية الدولية إن مصر على وشك أن تصبح مركز تصدير الطاقة والكهرباء، وهو التطور الذى من شأنه أن يعيد تشكيل نمط اتصال الطاقة بشكل جذرى بين أوروبا وأفريقيا والشرق المتوسط. ومن خلال إعادة توجيه هندسة الطاقة عند تقاطع القارات الثلاث، بدأ برنامج مصر لتطوير صادراتها من الطاقة بالفعل فى إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية من شرق البحر الأبيض المتوسط إلى القرن الأفريقى.
وإلى جانب ملف الغاز الطبيعى ومنتدى شرق المتوسط، كان الدور الذى لعبته مصر فى تهدئة الأوضاع فى ليبيا محط الأنظار الإعلامية العالمية، فأفردت صحف العالم جميعها مساحة كبيرة لتحذير الرئيس السيسى بلهجة شديدة أن سرت والجفرة خط أحمر، وسارعت الأقلام لرصد ما يعنيه هذا بالنسبة للأزمة الليبية، وقال موقع فرانس برس إن مصر تعد جيشها استعداد لتدخل فى ليبيا لو لزم الأمر.
ومثلما كان لنبرة الحزم صداها فى الصحافة العالمية، كانت المبادرة المصرية لإنهاء الأزمة الليبية، فقالت صحيفة الجارديان البريطانية إن الرئيس السيسى أعلن عن مبادرة لإنهاء الحرب الأهلية المستمرة منذ 10 سنوات فى ليبيا، وحظيت تلك المبادرة فى يونيو الماضى بدعم خليفة حفتر. كما أبرز إذاعة صوت أمريكا دعوة البرلمان الليبيى للجيش المصرى للتدخل فى البلاد فى يوليو الماضى بعدما قامت تركيا بغزة ليبيا من خلال دعمها لأطراف معينة.
مساعدات كورونا
حظى إقدام مصر على تقديم المساعدات الطبية لأصدقائها من دول العالم التى عانت من آثار قاسية لجائحة كورونا بتغطية بارزة فى وسائل الإعلام العالمية. فنشرت صحيفة واشنطن بوست تقريرا فى إبريل الماضى عن إرسال مصر طائرة عسكرية محملة بالمساعدات الطبية إلى العاصمة الأمريكية مع انتشار الفيروس فى الولايات المتحدة.
ونقلت الصحيفة فى هذا الوقت عن مايك إيفانز وهو صحفي وكاتب أمريكي ومن ضمن مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فيما يخص شؤون الشرق الأوسط أن "الهدية المصرية" تتضمن أدوية تخدير، ومضادات حيوية، وأكياس لحمل الجثث، وأقنعة، واختبارات طبية لفحص المصابين بكورونا.
كما أبرزت وكالة شينخوا الصينية إرسال مصر مساعدات طبية بقيمة 4 مليون دولار على 30 دولة أفريقية لمساعدتها على مكافحة فيروس كورونا، كما رصدت الوكالة إرسال مصر مساعدات إلى العراق لمكافحة كورونا أيضا.
وقالت الوكالة الصينية إنه منذ بداية الوباء حرصت مصر على إرسال شحنات من الإمدادات الطبية لعدد من الدول المتضررة بالفيروس منها الصين وإيطاليا الولايات المتحدة.
من ناحية أخرى، أشاد صندوق النقد الدولى فى يوليو الماضى فيه بنهج مصر الاستباقى للحد من تداعيات وباء كورونا. وقال صندوق النقد إنه برغم التوقعات بتأثير الوباء سلييا، إلا أن برنامج الإصلاح الاقتصادى القوى الذى تبنته مصر فى عام 2016 قد عزز صمود اقتصادها أمام الأزمة.