قال ريكاردو شدياق، الصحفى والمحلل السياسى اللبنانى، إن حزب الله لن يسمح بتشكيل حكومة تتماشى مع الشروط الأمريكية، مع ضرورة الإشارة إلى أن دبلوماسيين وسياسيين غادروا لبنان مؤخرا، ما يثير مخاوف من الوضع الأمنى، خاصة ولبنان يطل على مرحلة مجهولة المعالم تجاه السياسة الأمريكية بعد تولى جو بايدن مقاليد الحكم وكيف ستكون تجاه لبنان مع ضرورة انتظار قرار المحكمة العليا فى واشنطن.
وأكد شدياق، لـ"اليوم السابع"، أن جهات عدة أبرزها الحريرى وحزب الله منتظرين وهناك توقعات بفترة اغتيالات وفوضى فى لبنان وعام 2021 سيكون عام التحول الكبير فى لبنان.
وأشار إلى أن سياسة بايدن مرتبطة مع الشروط التى يضعها اللوبى اليهودى فى أمريكا، وهو أكثر تشددا مع إيران، الرياح لن تسير كما تشتهى سفن إيران فى منطقة الشرق الأوسط بسبب العقوبات الأمريكية القائمة على قانون قيصر بحق سوريا وكيانات النظام السورى فى لبنان، أيضا لأن التطبيع العربى بدأ والمناخ العام فى لبنان يتجه للتطبيع، ووقتها وضع حزب الله سيتراجع تدريجيا.
وتوقع شدياق أن تستمر أمريكا فى منحى تطبيق العقوبات الأمريكية وقوانين المحاسبة الأمريكية والتضييق على إيران.
وفيما يتعلق بتحقيقات حادث المرفأ يلوّح الشدياق، فى تصريحاته لـ"اليوم السابع"، بأنّ "ادعاء المحقق العدلى القاضى فادى صوان على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب و3 وزراء سابقين، هو بداية الموجة الجارفة التى ستضع رموز السلطة الفاسدة فى سلّةٍ واحدة، خصوصاً أنّ الملف، قبل وقوع الانفجار، كان قد عبَرَ على رئيس الجمهوريّة ميشال عون الذى قدّم حجّتين مُثيرتين للشكوك: الأولى عدم إدراكه لخطورة ما يحتوى مرفأ بيروت من مواد كيميائيّة، والثانية فقدانه الصلاحيّات التى تسمح له بالتصرّف".
وفتحت هذه الادّعاءات، وفق الشدياق، الباب على مصرعيه أمام إمكانيّة استجواب المحقّق العدلى لرئيس الجمهوريّة خصوصاً أنّ القانون اللبنانى يسمح بهذه الخطوة، على أن تكون جلسة الاستجواب فى القصر الجمهورى فى بعبدا، مشدّداً على أنّ المطلوب من القاضى صوّان الاستمرار بالوتيرة التى يتبعها للادّعاء على المغطّى والمتخاذل والمتآمر فى تفجير المرفأ، بعد تعليقه التحقيق لـ10 أيّام؛ لأنّ الرأى العام والإعلام اللبنانى إلى جانبه، كما أنّ العين الدوليّة منصبّة على أدائه، وفى حال نجحت القوى السياسيّة والطائفيّة فى "تكبيل" عمل صوّان، لن يكون أمام اللبنانيين سوى الضغط باتّجاه طلب تشكيل لجنة تحقيق جنائيّة دوليّة لتحرير الملف من قبضة السلطة اللبنانيّة؛ لأنّ الأخيرة تسعى بكل ما تملك من قدرات أمنيّة إلى إخفاء المعلومات والإطاحة بأصحابها بأساليب مختلفة تبعاً لمخطّط أمنى مُمَنهَج يعتمد على نمط جديد من التصفيات".
وفى وجهة نظر متقدّمة، يلفت إلى "وجود نقطة لم يبنِ عليها أحدٌ حتّى اليوم، وهى تكمن فى احتمال تخزين أسلحة تابعة لـ"حزب الله" فى المرفأ، فنكون عندها أمام سلاح خارج عن الشرعيّة تسبّب بانفجار العصر فى لبنان، وهو الأمر، إذا انطلقنا من الموقف الأخير للمنسّق الخاص للأمم المتحدة فى لبنان يان كوبيتش القائل بـ"ضرورة حصر السلاح بيد الدولة وانتشار الجيش بشكل موسّع على الحدود مع سوريا، وتنافى سلاح "حزب الله" مع القرارات الدوليّة 1559 و1701 و1680"، الأمر الكفيل برسم ملامح العام الجديد فى لبنان، خاصة أنّ شريحة كبيرة من اللبنانيين ستنتقل من مرحلة العضّ على جراح الأزمة السياديّة والاقتصاديّة والمعيشيّة إلى مرحلة المواجهة".
توالى فتح ملفات الفساد
ويتحدّث الشدياق فى السياق نفسه عن أنّ "فضح ملفّات الفساد سيتوالى الواحد تلوَ الآخر، فأركان السلطة سيعمدون إلى كشف قضايا التورّط المالى بحقّ بعضهم على قاعدة "على وعلى أعدائي" بعدما وصلوا إلى نقطة اللاعودة من حياة هذه المنظومة"، مؤكدا أنّ "لا حكومة ولا لقاءات جدّيّة فى قصر بعبدا رغم كلّ ما نراه، بل هى مسرحيّات سياسيّة باهتة، وتحديداً بعد تأجيل زيارة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون إلى لبنان بداعى إصابته بـ"كورونا"، ما يعنى أنّنا دخلنا مرحلة التأزّم الأقصى الذى سيقودنا إلى خيارٍ حكومى مفصلى مُغاير لحكومات ما بعد اتفاق "الطائف"، وأتى تصريح وزير الخارجيّة الفرنسيّة جان إيف لودريان حول "انهيار لبنان وغرق سفينة التايتانيك" ليجزم ذلك"، مردفاً: "النداء التاريخى المُلحّ الذى توجّه به الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى إلى القوى السياسيّة هو بمثابة الكلمة العربيّة الأخيرة التى ستسمعها السلطة اللبنانيّة، وهو يحمل تحذيرًا مصيريًّا عميقًا من قِبَل دولة صديقة وصلت اليوم إلى حافّة انعدام الثقة بها كاملاً".
وأضاف شدياق، "طبقة مُتّهمة بالإجرام بحق عاصمة لا تؤلّف حكومة، بل تمثل أمام المحكمة".
ويجزم الصحافى والكاتب اللبنانى ريكاردو الشدياق، فى حديث لـ"اليوم السابع"، أنّ "القوى السياسيّة فى لبنان تعيش حالة ضياع فعليّة، فهى تنتظر صدور قرار المحكمة العليا وولادة الإدارة الجديدة والسياسة التى ستتبعها حيال الشرق الأوسط ولبنان، لتبنى على الشىء مقتضاه، علماً أنّ الأمور تسير فى منحى مختلف تماماً داخل الإدارة الأمريكيّة، وكان لقاء وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو مع الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون دليل على ذلك.
وجزم الشدياق أن يناير شهر مفصلى فى واشنطن؛ لأنّ الكونجرس سيجتمع لاختيار المندوبين الذين سيتولّون انتخاب رئيسه، كما أنّ المعركة فى مجلس الشيوخ لم تُحسَم بعد، فنحن أمام انتخابات لأعضاء فى المجلس فى 5 يناير 2021".
أمّا بالنسبة إلى لبنان، فيُذكّر بأنّ "السياسة الخارجيّة الأمريكيّة مُتّفق عليها سلفًا بين "الجمهورى" و"الديمقراطى" وهى تقوم على الحزم فى مسألة تطبيق العقوبات بحقّ الجهات المرتبطة بـ"حزب الله" فى الداخل اللبنانى، ومحاسبة المتورّطين بالفساد تبعاً لقانون "ماجنتسكي"، من دون أن ننسى مسار تطبيق "قانون قيصر" الذى سيمتدّ لسنوات على مستوى سوريا ولبنان".
وكشف الشدياق أنّه "سيتبع رئيس "التيار الوطنى الحر" النائب جبران باسيل سلسلة من أسماء الصفّ الأوّل، واللافت أنها ستشمل شخصيات بارزة ممّا كان يُعرَف سابقًا بقوى 14 آذار"، مركّزًا على أنّه "لم يعد مُهمًّا إن كانت ستتألّف الحكومة أو لا، أو إن كان سينجح سعد الحريرى أو سيفشل، فما ترفض القوى السياسيّة فى السلطة قوله فى العَلَن إنّ المرحلة المقبلة ليست مرحلة حلول، والجميع يعلم خلف الكواليس أنّ الأساس اليوم لا يبدأ بتشكيل حكومة، أيًّا كان شكلها وأيًّا كان رئيسها وأيًّا كانت قدراتها، فلبنان يُفاوض الإسرائيليين حول حدوده البحريّة بإدارة أمريكيّة، ويُطلّ، انطلاقًا من ذلك، استراتيجياً على تغيّرات جذريّة ستحكم مستقبله، وهو الأمر الذى بدأت القوى السياسيّة بالاستعداد له مبطّنا، وفى مقدّمتهم "حزب الله".
أمّا عن إمكانيّة ولادة الحكومة قريباً، فقال: "لا استشارات ولا اتّصالات جديّة قبل تولى إدارة بايدن فى 2021، ولن تولد إلاّ بفعل حصول تحوّل مفصلى بإشراف أمريكى".
وأضاف: "لا مساعدات للبنان، لا فرنسيّة ولا سواها، فى ظلّ هذه السلطة التى تُشرف على صدور نتائج التحقيقات فى ملف انفجار مرفأ بيروت فى ضوء تحقيقات المكتب الفيدرالى الأمريكى والتحقيقات الفرنسيّة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة