انتصارات مدوية حققتها القوات العراقية والسورية ضد تنظيم داعش الإرهابى قبل أكثر من 3 سنوات، حيث شهد عام 2017 انحسار تواجد التنظيم وتراجعت بشدة وتيرة العمليات الإرهابية الدامية التى كانت شبه يومية على امتداد الخرائط والحدود داخل العالم العربى وبلدان الشرق الأوسط، إلا أن عام 2020 الذى يوشك أن يطوى صفحته الأخيرة شهد عودة نسبية لنشاط التنظيم ما يهدد بدوره بعودة داعش إلى سابق عهده.
العودة التدريجية لتنظيم داعش الإرهابى رصدتها تقارير غربية عدة، من بينها ما نشره موقع "بروسيكيوشن"، الذى قال إن الخلايا الخاملة التى كانت منتشرة داخل أفريقيا استطاعت أن تنفذ العديد من العمليات الإرهابية فى الأشهر القليلة الماضية.
وأضاف التقرير إن كثيرين كانوا يأملون فى ألا يتمكن داعش من مهاجمة المدنيين الأبرياء بعد أن فقد فى العراق وسوريا سيطرته على ما سمى بالخلافة أواخر عام 2017 ، ولكن ثبت أن هذا كان حلمًا قصير العمر حيث قامت المنظمة بسرعة بتحويل عملياتها وأموالها إلى مجموعات تابعة أصغر كانت تعمل لعدة سنوات. وشنت مجموعات فى الفلبين وليبيا بالفعل هجمات محدودة ضد المدنيين.
وفقا لموقع "بروسيكيوشن"، فمنذ سقوط المعاقل النهائية فى الشرق الأوسط، شهد تنظيم داعش انتعاشًا من خلال شبكته الموزعة فى جميع أنحاء إفريقيا، مع وجود خلايا كانت خاملة فى نيجيريا ومالى وجمهورية الكونغو الديمقراطية تنمو جميعها فى القوة والقدرة، ربما تكون ولاية غرب إفريقيا التابعة لداعش أقوى وأنشط عناصر التنظيم اليوم حيث يقع عملهم فى شمال نيجيريا، بعد انفصالهم عن بوكو حرام وتمكنوا من إحداث دمار شامل فى معظم أنحاء نيجيريا وأجزاء من النيجر وتشاد والكاميرون.
مقاطعة داعش فى أفريقيا الوسطى، هى خلية متنامية مقرها جمهورية الكونغو الديمقراطيةوليس من الواضح متى تشكلت الجماعة لأول مرة فى المنطقة، لكن يُعتقد أنها اندمجت من مجموعتين جهاديتين منفصلتين ، القوات الديمقراطية المتحالفة من خارج جمهورية الكونغو الديمقراطية والشباب من موزمبيق.
ومنذ ادعاءاتهم الأولى بوقوع هجمات فى عام 2019 ، تمكنوا من تهجير عشرات الآلاف من الأشخاص فى شمال موزمبيق وقتل المئات فى شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وبحسب التقرير، فمع استمرار هذه الجماعات وغيرها فى العمل فى أفريقيا، من الصعب تصديق هزيمة داعش تمامًا فى أى وقت قريب، ومع نمو هذه الجماعات، سيكون الافراد فى جميع أنحاء إفريقيا أكثر عرضة للاضطهاد والمعاناة على أيدى هذه المنظمات العنيفة.
وتزامن تقرير موقع "بروسيكيوشن" تزامن مع ضربة أمنية استباقية شنها دولة الكويت، حيث كشفت صحيفة القبس عن ضبط شبكة لتنظيم داعش حاولت استهداف دور عبادة ومجمعات تجارية ليلة رأس السنة.
وكشفت مصادر للصحيفة الكويتية أن المتهمين ضبط بحوزتهم أسلحة نارية، وأن من بينهم نجل عضو سابق فى مجلس الأمة الكويتي، ويعتبر المحرك الرئيسى لبقية المتهمين
العودة النسبية للتنظيم الإرهابى خلال عام 2020، سبقتها تحذيرات من جهات عدة، ففى تقرير نشره معهد واشنطن منتصف العام الحالي، قال المعهد إن عودة داعش غير مستبعدة، مشيراً إلى أن ملف العائدين من التنظيم أو أسر أفراده الذين يسكنون المخيمات داخل سوريا والعراقيعد بمثابة "قنبلة موقوتة"، خاصة فى ظل وقوع أعمال عنف وشغب خلف أسوار تلك المخيمات وبمقدمتها مخيم "الهول".
كما سلط التقرير الضوء على التوغلات التركية المتكررة داخل الشمال السوري، وهى الانتهاكات التى كان لها آثر بالغ فى محاولات إعادة إحياء التنظيم الإرهابى فى 2020.
ورغم التحذيرات، إلا أن هناك إجماع بين المراقبين ومراكز الأبحاث على أن الأسباب تنحصر فى التداعيات التى خلفها وباء كورونا والتمويل والدعم التركى للكيانات الإرهابية والذى لم يتوقف على امتداد العام، ما يهدد بأن يكون عام 2021 بمثابة العودة الكاملة لعهد داعش قبل 2017.
وتعددت مظاهر الدور التركى المشبوه فى تمويل داعش ودعم عناصر التنظيم، فبعدما أدرجت الإدارة الأمريكية منتصف 2020 ، المدعو عدنان محمد أمين الراوى لتمويله الإرهاب، تبين بحسب تقارير إعلامية أنه يدير مؤسسة مالية مقرها تركيا.
فى ذلك الحين اكتفى مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية بالقول إن الراوى قدم دعما ماليا أو ماديا أو تقنيا لداعش عن طريق السلع أو الخدمات فى تركيا. وبحسب باحثين، فإن شبكات تمويل داعش الخفية فى تركيا لا تزال نشطة بشكل غير مفهوم، مع أن التنظيم هزم جغرافيا فى سوريا والعراق ولم يعد يسيطر على مناطق بعينها.
وذكر الباحث فى شبكات تمويل الإرهاب، كولين كلارك، أن داعش قامت بغسل أموالها داخل تركيا عبر شركات الوساطة المالية التى تسعى إلى تحقيق مكاسب غير مشروعة.
وتوقع كلارك فى تصريحات نشرها موقع "ذا ناشيونال" قبل أشهر أن تؤدى هذه الشبكات دورا فى بقاء داعش خلال العقد المقبل.
وبحسب واشنطن، فإن تصنيف عدنان الراوى يعتمد "على سلسلة من إجراءات الخزانة التى يعود تاريخها إلى عام 2016 مع تصنيف مسؤول المالية فى داعش، فواز محمد جبير الراوي".
ومنذ ذلك التاريخ، استمرت واشنطن فى استهداف أعضاء شبكة الراوى الآخرين والكيانات المرتبطة بهم، بسبب توفيرهم الدعم المالى واللوجستى للتنظيم الإرهابي.
وكان التحالف الدولى قد أعلن فى يونيو 2017 قتل فواز الراوى فى ضربة جوية على منطقة البوكمال السورية المحاذية للحدود العراقية. وقال التحالف حينها إن الراوى "مسؤول إرهابى متمرس" فى نقل ملايين الدولارات إلى الإرهابيين.
وحسب التحالف، فإن فواز كان يملك محل صرافة فى البوكمال "استخدمه مع شبكة من الاتصالات المالية العالمية لنقل الأموال إلى داخل وخارج المنطقة الخاضعة لسيطرة داعش وعبر الحدود.
وبعد مقتل فواز، عهد داعش إلى اثنين من عائلة الراوى لإدارة الشؤون المالية فيما يسمى "ولاية الفرات، وهما عمر طالب زغير الراوى وعبد الرحمن على الحسين الأحمد الراوي.
وخلال إحدى عمليات التفتيش التى أجراها التحالف، عثر على ما سماه بـ"دافتر مالية"، اتضح من خلالها تورط شخص آخر من عائلة الراوى واسمه مشتاق، فى توفير أموال لصالح داعش.
وذكر التحالف فى ذلك الحين إن مشتاق، الذى كان يقيم فى بلجيكا، كان له دور قيادى فى شبكة الراوى بتركيا والعراق، وعمل على غسل أموال لتنظيم داعش الإرهابي.
وقبل أشهر، حذر تقرير نشرته صحيفة "تليجراف" من أن قادة داعش الأثرياء المتواجدين فى تركيا، يخططون لعودة التنظيم الإرهابي، وهو ما بدأ يتم بشكل تدريجي.
وتحت عنوان "جهاديون أثرياء يُخططون لعودة داعش" ذكر التقرير أن "قادة دواعش، يملكون فى حوزتهم مبالغ طائلة، وموجودين راهناً فى تركيا يخططون لعودة التنظيم"، حيث قال اللواء الركن سعد العلاق، رئيس الاستخبارات العسكرية العراقية للصحيفة البريطانية إن بلاده أعطت أنقرة ملفات تتعلّق بتسعة من قادة داعش، ومن بينهم كبار ممولى التنظيم. وأضاف العلاق أن من بين هؤلاء مجموعة من كبار ممولى التنظيم، يمتلكون أموالا طائلة ويشكلون خلايا فى تركيا.
ويظل التصدى للتمويلات التركية المفتوحة للإرهاب التى تنشر مليشياتها التى لا تقتصر على "داعش" الفوضى فى دولاً عدة داخل الشرق الأوسط خاصة فى سوريا والعراق وليبيا، أحد أهم التحديات التى تنتظر المجتمع الدولي، وإلا سيكون الجميع على موعد مع موجة شرسة من الإرهاب فى العام الجديد.