سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 27 ديسمبر 1956.. ضابط اللاسلكى فرج محمد فرج يغادر بورسعيد بجهاز اللاسلكى الذى قام بتشغيله سرا 46 يوما من دولاب «أم الفدائيين» السيدة «أمينة الغريب»

الأحد، 27 ديسمبر 2020 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 27 ديسمبر 1956.. ضابط اللاسلكى فرج محمد فرج يغادر بورسعيد بجهاز اللاسلكى الذى قام بتشغيله سرا 46 يوما من دولاب «أم الفدائيين» السيدة «أمينة الغريب» ضابط اللاسلكى فرج محمد فرج

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دخل الشاب يحيى الشاعر قائد «المجموعات الشعبية المقاتلة» فى المقاومة الفدائية، ضد قوات العدوان الثلاثى ببورسعيد إلى المكان السرى الذى يوجد فيه عبدالفتاح أبوالفضل، ومحمد فائق، والضابط ملازم أول فرج محمد فرج، وحمل لفافة ورق جرائد، ووضعها على دراجة وانطلق بها، ثم حضر ثلاثة شبان آخرون وحملوا ثلاث لفافات أخري، حسبما يذكر «أبوالفضل» فى كتابه «كنت نائبا لرئيس المخابرات».
 
«كانت اللفافات تحتوى على أجزاء لجهاز لاسلكى، تم تهريبه مع الثلاثة «أبوالفضل، وفائق، وفرج»، وأخفوه فى خيش، ووضعوه داخل أربعة أجولة من السكر، وأبحروا به متسللين من المطرية بملابس الصيادين، على مركب صيد يقودها الريس عبدالمنعم فى اتجاه بورسعيد يوم 16 نوفمبر 1956، وتولى الريس عبدالمنعم مسؤولية توصيلها إلى سمير غانم، قائد العمليات الفدائية فى مركز قيادته بالحى الأفرنجى ببورسعيد، وهو نفس المكان الذى وصل الثلاثة إليه، وهدأ الضابط «فرج» حين وجد اللفافات بعد قلقه عليها».
 
يذكر «أبوالفضل»، أنهم انتقلوا إلى منزل يحيى الشاعر، وسبقتهم اللفافات، واستقبلتهم السيدة الفاضلة «أمينة محمد الغريب»، والدة يحيى بترحاب وبشاشة وأمومة محببة للنفس، يؤكد «أبوالفضل»: «ساهمت هذه السيدة الفاضلة بشجاعتها وأبنائها الثلاثة محمد الهادى، وعبد المنعم، ويحيى، فى أعمال المقاومة، وكانت مثلا للمرأة المصرية فى الأزمات الوطنية، وأفرغت جزءا من دولاب ملابسها لإخفاء الجهاز داخله، وفى الوقت نفسه قام ضابط اللاسلكى، فرج، بتجميع أجزائه داخل الدولاب، وصعد إلى سطح المنزل، وثبت الهوائى بحيث لا يسترعى الانتباه، ثم قام بتشغيله حتى تم الاتصال بالقاهرة والإسماعيلية، واستمر فرج ملازما هذا المنزل وجهازه، ولم يغادره إطلاقا حتى انسحبت القوات المعتدية من بورسعيد». 
 
يؤكد «أبوالفضل» أن الجهاز كان الوحيد الذى نقل أخبار بورسعيد بشفرة خاصة إلى مراكز القيادات، ولم يتم استخدامه فى نقل أخبار المقاومة خشية الوقوع فى المحظور، يكشف يحيى الشاعر فى كتابه «الوجه الآخر للميدالية، حرب السويس 1956»، أن فرج كان فى الإسماعيلية فى الأيام الأولى للعدوان الثلاثى، ودخل إلى الغرفة التى يقيم فيها كمال الدين حسين قائد المقاومة الشعبية فيها، وعضو مجلس قيادة الثورة، فوجدها بسيطة الفرش، وحوالى أربعة أمتار طولا وعرضا، ونام فيها الرئيس جمال عبدالناصر فى الليلة السابقة، وتبادل مع كمال الدين حسين النوم على سرير الميدان الذى لا يتعدى عرضه 90 سنتيمترا، يضيف «الشاعر» على لسان «فرج»، أنه عند مشاهدته لهذه الغرفة، زاد تصميمه على القيام الفورى بعمل كل ما فى قدرته لكى يتطوع من نفسه للذهاب إلى بورسعيد كضابط جيش واجبه الدفاع عن الوطن، ولكن القدر كان يخبئ له شيئا أكبر، وهو المسؤولية عن الاتصالات اللاسلكية للمقاومة الشعبية.
 
سأله كمال الدين حسين، إذا كان يود أن يتطوع للشهادة فى سبيل الله والوطن؟ أجاب فرج بأن المسؤولية تجاه الوطن لا تستدعى التطوع للشهادة، بل تبغيها إذا لزم وهى فرض على كل مواطن، وهنا أصدر «حسين» أوامره إليه بالتوجه إلى بورسعيد ليتولى من هناك مسؤولية جهاز اللاسلكى فى المقاومة الذى سيتصل بالقصر الجمهورى وإدارة المخابرات العامة فى القاهرة والإسماعيلية.
 
استلم «فرج» جهاز لاسلكى معينا، قوى الإرسال، كان موجودا ضمن معدات مكتب المخابرات بالإسماعيلية، وبدأت رحلة تسلله إلى بورسعيد ثم تسكينه فى سرية عند السيدة أمينة الغريب، يكشف «الشاعر» أن البريطانيين اكتشفوا «مصدر موجات لاسلكية فى منطقة مسكنهم، وحلقت هليوكوبتر فوق سطح المنزل، ودخلت دورية بريطانية إلى المسكن، وبدأت تفتيشه، فلجأت أمه العظيمة إلى حيلة «الإغماء على نفسها» لإبعاد النظر عن اللاسلكى المخبأ فى الدولاب، واختبأ «فرج» فى نفس الدولاب ومعه مدفع رشاش، حتى يفاجئ الدورية البريطانية، إذا اكتشفت مكان الجهاز وفتحت باب دولاب الملابس.
 
يؤكد «الشاعر» أن والدته استضافت فى مسكنها، مبعوثى القاهرة من ضباط المخابرات العامة «قادة المقاومة السرية»، كان يقيم فى منزلنا بصفة مستمرة، الصاغ أركان حرب سعد عبدالله عفرة، مبعوث الرئيس عبدالناصر لقيادة المرحلة الثانية من المقاومة السرية المسلحة، التى تميزت بالقسوة والشدة فى مواجهة القوات الأنجلو فرنسية.
 
يذكر «الشاعر»: «لم يغادر الضابط فرج محمد فرج مسكننا بالمرة، منذ دخوله حتى يوم تفكيك ونقل الجهاز إلى مكتب المخابرات العامة فى الإسماعيلية يوم 27 ديسمبر، مثل هذا اليوم، 1956، ونقلناه فى سيارة فولكس واجن «ميكروباص»، وكنت فى مرافقة كل من الصاغ سعد عبدالله عفرة، والملازم أول فرج الذى أصبح لواء فيما بعد، وجاويش المظلات حسنى عوض».









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة