كان النبى عليه الصلاة والسلام، ملما بفنون الحرب واستراتيجياتها، فبعدما انتهت موقعة أحد، وكان فيها ما كان، سعى عليه الصلاة والسلام كى يثبت لقريش بأنه للا يزال قويا وقادرا على محاربتهم، فخرج فى أثرهم.. ما يقوله التراث الإسلامى فى ذلك؟
يقول كتاب "البداية والنهاية" لـ الحافظ ابن كثير "خروج النبى صلى الله عليه وسلم بأصحابه على ما بهم من القرح والجراح فى أثر أبى سفيان"
قال موسى بن عقبة بعد اقتصاصه وقعة أحد، وذكره رجوعه عليه السلام إلى المدينة: وقدم رجل من أهل مكة على رسول الله ﷺ فسأله عن أبى سفيان وأصحابه فقال: نازلتهم فسمعتهم يتلاومون ويقول بعضهم لبعض: لم تصنعوا شيئا أصبتم شوكة القوم وحدهم، ثم تركتموهم ولم تبتروهم، فقد بقى منهم رؤوس يجمعون لكم.
فأمر رسول الله ﷺ - وبهم أشد القرح - بطلب العدو ليسمعوا بذلك وقال: "لا ينطلقن معى إلا من شهد القتال" فقال عبد الله بن أبى: أنا راكب معك.
فقال: "لا".
فاستجابوا لله ولرسوله على الذى بهم من البلاء فانطلقوا.
فقال الله فى كتابه: "الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ" [آل عمران: 172] .
قال: وأذن رسول الله ﷺ لجابر حين ذكر أن أباه أمره بالمقام فى المدينة على أخواته.
قال: وطلب رسول الله ﷺ العدو حتى بلغ حمراء الأسد.
وهكذا روى ابن لهيعة، عن أبى الأسود، عن عروة بن الزبير سواء.
وقال محمد بن إسحاق فى (مغازيه): وكان يوم أحد يوم السبت النصف من شوال، فلما كان الغد من يوم الأحد لست عشرة ليلة مضت من شوال، أذن مؤذن رسول الله ﷺ فى الناس بطلب العدو، وأذن مؤذنه ألا يخرجن أحد إلا من حضر يومنا بالأمس، فكلمه جابر بن عبد الله فأذن له.
قال ابن إسحاق: وإنما خرج رسول الله ﷺ مرهبا للعدو ليبلغهم أنه خرج فى طلبهم ليظنوا به قوة، وأن الذى أصابهم لم يوهنهم عن عدوهم.
قال ابن إسحاق - رحمه الله -: فحدثنى عبد الله بن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبى السائب مولى عائشة بنت عثمان أن رجلا من بنى عبد الأشهل قال: شهدت أحدا أنا وأخ لى فرجعنا جريحين، فلما أذن مؤذن رسول الله ﷺ بالخروج فى طلب العدو قلت لأخى وقال لي: أتفوتنا غزوة مع رسول الله ﷺ؟
والله ما لنا من دابة نركبها وما منا إلا جريح ثقيل، فخرجنا مع رسول الله ﷺ وكنت أيسر جرحا منه، فكان إذا غلب حملته عقبة ومشى عقبة، حتى انتهينا إلى ما انتهى إليه المسلمون.
قال ابن إسحاق: فخرج رسول الله ﷺ حتى انتهى إلى حمراء الأسد - وهى من المدينة على ثمانية أميال - فأقام بها الاثنين والثلاثاء والأربعاء، ثم رجع إلى المدينة.
قال ابن هشام: وقد كان استعمل على المدينة ابن أم مكتوم.