الشهامة تتسبب في حبس شخص 6 أشهر والمحكمة تنصفه.. حكم قضائي بالبراءة من تهمة إعانة متهم على الفرار.. محامي المتهم يدفع بانعدام القصد الجنائي بسبب عدم ادلاءه بحقيقة الواقعة لدرء فضيحة أخلاقية تلحق بالمجني عليه.
أصدرت محكمة جنح مستأنف المعادى، حكماَ قضائياَ ببراءة شخص من تهمة إعانة متهم على الفرار بعد إدلائه بمعلومات غير صحيحة عن شخص توفى مقتولاَ، وأدلى بأقواله إنه مات مصطدماَ في سيخ حديدى، وعند مواجهة المحكمة له أكد أن أقواله جاءت درءا لفضيحة أخلاقية قام بها المتوفى والتي تحط من قدره وقدر عائلته وأنه أخبر أهليته بالحقيقة كاملة.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 8710 لسنة 2020 جنح مستأنف المعادى، لصالح المحامى بالنقض أحمد قناوى، برئاسة المستشار هيثم حلمى، وعضوية المستشارين معتز عاطف، ومحمد مصطفى، وبحضور وكيل النيابة مصطفى نادر، وأمانة سر إبراهيم فرج.
الوقائع.. المتهم يدلى بأقواله بأن أحد الأشخاص توفى نتيجة اصابته بسيخ حديدي منذ 10 أيام
وقائع الدعوى جاءت في أنه بتاريخ 1 ديسمبر 2019 حضر المتهم لقسم شرطة المعادي عقب الإشارة الصادرة من مستشفى القصر العيني، وقرر بأن "أ. ح"، توفى نتيجة إصابته بسيخ حديدي منذ 10 أيام وتبين عدم صحة أقواله، وتوصلت التحريات أن وفاة المجني عليه حدثت نتيجة التعدي عليه بسلاح أبيض وتمت إصابته التي أودت بحياته، وأن المتهم اتفق مع شقيق المتوفى على الإدلاء بتلك الأقوال، حيث أن المتوفى كان شاذا جنسياَ وحدثت مشادة بينه وبين القائم بالتعدي عليه وأحدث إصابته التي أودت بحياته.
- معاقبة المتهم بنص المادة 145/302
وطالب بمعاقبته بنص المادة 145/302 بأنه علم بوقوع جريمة جناية ضرب أفضى إلى موت وجنحة سرقة وأعان الجاني على الفرار من وجه القضاء، بأن قام بتقديم معلومات تتعلق بالجريمة، وهو عالم بعدم صحتها، وأصدرت محكمة أول درجة حكمها بجلسة 5 يوليو 2020 غيابياَ بحبس المتهم 6 أشهر مع الشغل والكفالة، ولم يرتض المتهم هذا الحكم، فعارض بجلسة 13 سبتمبر 2020 وتداولت الدعوى بالجلسات حسبما الوارد بمحاضرها حتى كانت الجلسة الأخيرة.
وعن شكل الاستئناف – فلما كان المتهم قد أقامه بالمواعيد والإجراءات القانونية الصحيحة من خلال التقرير بقلم الكتاب في 19 سبتمبر 2020، الأمر الذى يكون معه مقبول شكلاَ وعملاَ بنص المواد 402، 406 من في الإجراءات الجنائية – وعن موضوع الاستئناف – كان نص المادة 304 من في الإجراءات الجنائية قد جرى بأن: "إذا كانت الواقعة غير ثابتة أو كان القانون لا يعاقب عليها، تحكم المحكمة ببراءة المتهم ويفرج عنه إن كان محبوساَ من أجل هذه الواقعة وحدها، أما إذا كانت الواقعة ثابتة وتكون فعلاَ معاقباَ عليها تقضى المحكمة بالعقوبة المقررة في القانون.
وقالت "المحكمة" في حيثيات الحكم، أنه سبق وأجرى قضاء النقض بأن: "من واجب بنص المادتين 304/ 2، 308 من قانون الإجراءات الجنائية أن تقضى بمعاقبة المتهم بالعقوبة المقررة في القانون متى كانت الواقعة المرفوعة بها الدعوى ثابتة قبله وتكون فعلاَ معاقباَ عليه، وهى مكلفة في سبيل ذلك بأن تفحص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها.
قيام المتهم بالإدلاء بمعلومات غير صحيحة درءا للفضيحة
وبحسب "المحكمة" – لما كان المقرر قانوناَ أنه يكفى في المحاكمات الجنائية أن تشكك محكمة الموضوع في صحة اسناد التهمة للمتهم لكى تقضى له بالبراءة ورفض الدعوى المدنية، إذ المرجع في ذلك إلى ما تضمن إليه في تقدير الدليل مادام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت واقعة الدعوى، وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام، ووازنت بينها وبين أدلة النفي، فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الاثبات، وكان تقدير أقوال الشهود متروكاَ لمحكمة الموضوع – تنزله المنزلة التي تراها بغير معقب – وكان البين من الحكم الابتدائي المؤبد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أن المحكمة – بعد أن أوردت أقوال الشهود واستعرضت أدلة الدعوى وأحاطت بعناصرها عن بصر وبصيرة – أسست قضائها بالبراءة ورفض الدعوى المدنية على تشككها في صحة الاتهام، وذلك طبقا للطعن رقم 42478 لسنة 59 قضائية.
ووفقا لـ"المحكمة" – تتحصل الواقعة بأن المتهم قد قام بالإدلاء معلومات غير صحيحة مع علمه بذلك بأن قرر أن المتوفى – إلى رحمة الله – حدثت إصابته نتيجة اصطداميه بسيخ حديدي بأحد الحدائق بالمعادى وحيث أنه وحسبما استقر في يقين المحكمة، واطمأن إليها ضميرها وارتاح إليها وجدانها مستخلصة من أوراق الدعوى، وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسات المحاكمة، وما تم تمحيصه من دفاع ودفوع فيها، ومن إنزال المبادئ القانونية سالفة البيان على الواقعة المطروحة.
المحكمة تتشكك من صحة اسناد الاتهام وتقضى بالبراءة
فإن المحكمة تتشكك من ارتكاب المتهم للتهمة من انعدام القصد الجنائى قبل المتهم من أنه قام بإعانة المتهم على الفرار وأن الباعث الحقيقى من قيامه بالإدلاء بتلك الأقوال هو درء فضيحة أخلاقية قام بها المتوفى والتي تحط من قدره وقدر عائلته، وحيث أن الإبلاغ بشأن الواقعة بتلك الطريقة الهدف منه ليس إعانة المتهم مرتكب الواقعة على الفرار حيث أنه لا يوجد علاقة بين المتهم وبين مرتكب الواقعة، ومن ثم فإن القصد الجنائي في الجريمة الواردة بنص المادة 145 من قانون العقوبات غير متوفر لثبوت قصد أخر لا علاقة له بمساعدة الجاني على الفرار وهو هدف العقاب.
وقالت المحكمة إن ما سبق يكفى في المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة للمتهم لكى تقضى له بالبراءة، إذ المرجع في ذلك إلى ما تطمئن إليه في تقدير الدليل مادام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت واقعة الدعوى، وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام، ووازنت بينها وبين أدلة النفى فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الاثبات، الأمر الذى تنتهى معه المحكمة للبراءة عملاَ بنص المادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية.