نجاحات هامة حققتها السودان على جميع المستويات خلال عام 2020، فقد أنهك ميراث جماعة الإخوان الإرهابية البلاد وأدخلتها في نفق مظلم لتضرب الاضطرابات والإخفاقات البلاد فى جميع المجالات خاصة السياسية والاجتماعية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى معارك داخلية بين القوى المدنية ومعسكرات الظلام، إلا أن بعد ثورات واضطرابات شديدة كادت تعصف بالبلاد وتعيد مشهد الحرب الأهلية، فاتخذت الخرطوم طريق الإصلاح خلال عام 2020 والذى ينتهى مع استعداد السودانيين للاحتفال بذكرى الاستقلال في الأول من يناير 2021.
حمدوك
وعملت الحكومة الانتقالية في السودان ولا تزال علي التخلص من ميراث نظام الإخوان الذي جثم علي إدارة البلاد علي مدار ما يزيد علي 30 عاماً كاملة، وهو النظام الذي ورط الخرطوم في أزمات دولية ووضع البلد العربي والأفريقي علي قوائم الدول الراعية للإرهاب وكبله بقيود اقتصادية جني الجميع حصادها المر.
وخلال العام 2020 ، استطاع السودان التحرر من العقوبات الأمريكية، بدعم عربي، وبعد حزمة إصلاحات داخلية أعادت السودان إلى حضن المجتمع الدولي، كما تقدم السودان خطوات في مسيرة السلام مع الفصائل المتمردة، ووقع اتفاقاً تاريخياً للسلام.
ورغم جائحة كورونا التي اجتاحت العالم، ولم يكن السودان استثناء، إلا أنّ أحداثاً كبيرة شهدها السودان في عام 2020، غيرت المشهد العام فيه، بعد عقود من الدكتاتورية لترسم واقعاً جديداً في الساحة السودانية يختلف بكل المقاييس عن واقع سودان ما قبل 2020.
حمدوك وسيلفا كير
ولعل أبرز تلك الأحداث الزيارة التاريخية التي قام بها رئيس الوزراء الانتقالي الدكتور عبدالله حمدوك في التاسع من يناير إلى مدينة كاودا معقل المتمردين في جنوب كردفان، والتي طالما منى الرئيس المعزول عمر البشير نفسه بدخولها حرباً والصلاة فيها، إلّا أنّ متغيرات الأمور جعلت حمدوك يتجول في المدينة الحصينة سلماً.
وفي 31 أغسطس، بدأ الحلم السوداني يتحقق، إذ وقعت الحكومة الانتقالية والجبهة الثورية المتمردة اتفاقاً بالأحرف الأولى مع الفصائل المسلحة المنضوية تحت لواء تحالف الجبهة الثورية، وذلك لوضع حد لسبعة عشر عاماً من الاقتتال، تم ذلك بفضل الوساطة الجنوب سودانية ورعاية من دولة الإمارات التي لعبت الدور الأكبر في دعم العملية السلمية وتقريب وجهات نظر الفرقاء.
في الثالث من فبراير، كان الحدث الأهم الذي كسر الحاجز النفسي تجاه التعامل مع إسرائيل، إذ مثّل اللقاء الذي جمع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبدالفتاح البرهان، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مدينة عنتبي الأوغندية، نقطة فارقة في مستقبل علاقات البلاد الخارجية. وتتويجاً للقاء، أعلن في 23 أكتوبر رسمياً عن اتفاق للسلام بين السودان وإسرائيل وإنهاء حالة العداء التاريخي بينهما، وهو ذات اليوم الذي أعلن فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عن رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
عبد الفتاح البرهان
وقبل نهاية العام 2020، وتحديداً في 21 ديسمبر ، وافق الكونجرس الأمريكى على اقتراح قانون يمنح السودان حصانة من أية ملاحقة قضائية جديدة فى الولايات المتّحدة تتعلّق بهجمات إرهابية سابقة، فى خطوة تندرج فى إطار الاتفاق التاريخى الذى أبرمه البلدان مؤخّراً.
وفي ذلك الحين، قال السيناتور بوب مينديز والسيناتور تشاك شومر فى بيان، أن المقترح سيعيد الحصانة السيادية للسودان باستثناء دعوى قضائية معلقة بالفعل فى المحاكم الفيدرالية الأمريكية والمتعلقة بهجمات سبتمبر 2001.
وكانت عملية صرف أموال التسوية وإعادة الحصانة السيادية للسودان، والتى تحميه من أى دعاوى أمام القضاء الأمريكى، قد تعطلت فى الكونجرس الأمريكي لارتباطها بصفقة خاصة، للتغلب على تداعيات فيروس كورونا والبالغة 892 مليار دولار.
الكونجرس
وأقر الكونجرس الاتفاق الأوسع بعد التوصل لاتفاق فى جلسة نادرة عقدت خلال العطلة الأسبوعية، وأُرسلت إلى الرئيس دونالد ترامب لاعتمادها.
وبمقتضى التشريع ستصدر واشنطن تفويضا بدفع 111 مليون دولار لسداد جزء من دين ثنائى على السودان، و120 مليون دولار للمساهمة فى سداد ديون عليه لصندوق النقد الدولى، وفى الوقت نفسه ستتيح للسودان مساعدات قدرها 700 مليون دولار حتى سبتمبر 2022.
وكانت الولايات المتحدة قد رفعت اسم السودان من القائمة السوداء للدول الراعية للإرهاب قبل أسبوع بعد أقل من شهرين من تعهد الخرطوم بتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وتفتح هذه الخطوة، بحسب ما تقول التقارير الإعلامية الأمريكية، الطريق أمام المساعدات وتخفيف الديون والاستثمار فى السودان، الذى يمر بمرحلة انتقالية سياسية صعبة، ويعانى فى ظل أزمة اقتصادية حادة تفاقمت بسبب جائحة كورونا.
ووافق السودان كجزء من الاتفاق على دفع مئات الملايين من الدولارات لتعويض الناجين وضحايا الهجومين على سفارتى أمريكا فى كينيا وتنزانيا فى عام 1998، وهجوم عام 2000 من قبل القاعدة على المدمرة الأمريكية كول قرابة ساحل اليمن.
ويعد تبنى التشريع خطوة أساسية ونهائية لرفع الحظر على الأموال التى وضعها السودان بالفعل فى حساب ضمان، وكانت إدارة ترامب قد ضغطت من أجل التوصل إلى نتيجة لإظهار دعمها للعملية الانتقالية فى السودان بعد الثورة التى أنهت حكم البشير قبل عامين، كما أن البيت الأبيض يهدف إلى إزالة أى قضايا من شانها أن تضع شكوك بشان تعهد السودان إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل.
وقبل أقل من شهر، أعلن وزير المالية السودانى عن "قرض مرحلى" أمريكى من شأنه أن يسمح للسودان بتسوية مليار دولار من المتأخرات المستحقة للبنك الدولى.
وحينها، قال مصدر أمريكى مطلع على الأمر، إن مساعدة الديون من شأنها أن تحقق إغاثة للسودان من الديون على المستوى العالمى، وتؤهلها لبرنامج صندوق النقد الدولى للدول الفقيرة المديونة.