"فرحة نجاة" معايشة لليوم السابع لإنقاذ حالة مشردة.. قضينا 6 ساعات من الرصيف إلى ونس الرعاية.. السيدة الستينية خرجت للشارع من شهرين وكل حلمها الشعور بالآمان والراحة النفسية (فيديو)

الخميس، 31 ديسمبر 2020 06:52 م
"فرحة نجاة" معايشة لليوم السابع لإنقاذ حالة مشردة.. قضينا 6 ساعات من الرصيف إلى ونس الرعاية.. السيدة الستينية خرجت للشارع من شهرين وكل حلمها الشعور بالآمان والراحة النفسية (فيديو) قصة نجاة من الشارع إلى ونس الرعاية
أجرت المعايشة : هدى زكريا تصوير : حسام عاطف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت عقارب الساعة تقترب من الحادية عشر صباحا، يرن جرس الهاتف داخل غرفة فريق التدخل السريع التابع لوزارة التضامن. فيجيب شاب يدعى سامح أحد أعضاء الفريق ويدور الحديث التالى مع أحد المواطنين.
 

- ألو.. نعم يا فندم معك فريق التدخل السريع، جاهزون لتلقى الاستغاثة.  

- نرجو منك إعطاءنا التفاصيل كاملة، سن الحالة تقريبا ومكان تواجدها وهل برفقة أحد أم بمفردها 

 
دون "سامح" المعلومات كاملة ثم اتجه لبقية أعضاء الفريق بجواره، وجلسوا جميعا يبحثون الأمر ويعدون خطة التحرك.
 
استقل أعضاء الفريق وعددهم خمسة أفراد "ميكروباص" الوزارة من أمام المبنى واتجهوا في طريقهم لبحث الحالة ومن هنا بدأت الرحلة . 
 
معايشة كاملة استمرت لمدة 6 ساعات قضاها "اليوم السابع" برفقة فريق التدخل السريع، لمساعدة المشردين ، رصدنا خلالها كافة المراحل التى تمر بها عملية الإنقاذ بداية من تلقى البلاغ أو الشكوى مرورا بدراسة الحالة وفحصها طبيا وصولا لمرحلة إيداعها في دار رعاية لتتلقى الاهتمام اللازم. 
 
 

المحطة الأولى: "رصيف الشارع"

 
"نجاة" بطلة هذه القصة ، سيدة في الستينات من عمرها تعيش برفقة ابنها ذو الأربعة عشر عاما على أحد أرصفة منطقة المهندسين . 
خرجت للشارع منذ شهرين تقريبا بعدما تركت بيت شقيقها لسوء معاملته لها على حد قولها . 
 
أسفل فراش مهترئ يحميهم من لسعات البرد بالكاد، كانت تنام الأم برفقة ابنها ملامح وجههما الشاحب دليل على معاناتهما من سوء التغذية، ملابسهما وجسدهما المتسخ والرائحة الكريهة المنبعثة منه دليل أخر على إنهما هجروا المياة لفترات طويلة . 
 
قصة نجاة من الشارع إلي ونس الرعاية
نجاة وابنها يعيشان على أحد أرصفة منطقة المهندسين
 
تقول نجاة " الأم " ساردة تفاصيل حكايتها : كنت أعمل موظفة في إحدى المصانع وزوجى رجل صنايعي كان يعمل معى في نفس المكان، تعرفنا وعشنا قصة حب رائعة، تزوجنا وبعد مرور خمسة عشر عام انفصلنا بعدما رزقت بطفل عمره الآن ١٤ عاما وأخرى تبلغ ١١ عاما " 
 
وتتابع بفصاحة لسان تتعجب لها : تنقلت بأطفالي هنا وهناك بحثا عن سكن يجمعنا ولكننا فشلنا ، كانت دائما ما تحدث مشاكل معى من قبل الأشخاص الذين استأجر منهم الشقق، إما بسبب الإيجار أو لأنهم يستقوون على لعلمهم اننى أعيش بمفردى ، فقررت أن استقر عند أخى "
 
8fe7c587-5fd3-4ba8-8add-1d92d966dd6d
السيدة نجاة على رصيف الشارع
 
خلافات كثيرة وقعت بين نجاة وشقيقها، كانت نتيجتها طردها من المنزل وخروجها للشارع: "زوجته كانت تكرهنى، وتوسلت إليه أن أترك عنده ابنتى فقط تعيش معه تحت سقف منزل وأربعة حيطان بدلاً من خروجها معنا للشارع.. أنا هقدر على الشارع أنا وابنى لكن بنتى لا.. وفى النهاية سبب ما أنا عليه الآن يمكن إيجازه بجملة واحدة التفكك الأسرى".
 
أنهت "نجاة" حديثها ونهضت من مكانها على الرصيف برفقة طفلها وتحركت بصحبة أعضاء الفريق دون أن تدرك شكل الحياة الجديدة التى تنتظرها، وكأن الله بعث بهذا الفريق لمساعدتها استجابة لدعوتها: "يارب نفسى بس أحس بالأمان والراحة النفسية " ، هكذا كانت ترفع يدها وتخاطب ربها دوما". 
 
فريق التدخل السريع ‎تم انشاؤه في أكتوبر 2014، وموجود فى كل محافظة بإجمالى 115عضو علي مستوى الجمهورية ويعمل فى ثلاثة محاور، الأول شكاوى دور الرعاية الاجتماعية، الثانى شكاوى مواطنين بلا مأوى (اطفال-كبار) والثالث الحالات الإنسانية.
 
يقول محمد يوسف رئيس الفريق، أن الأخير يتلقى الشكاوى من مصادر متعددة منها تكليفات وزيرة التضامن الاجتماعي الدكتورة نيفين القباج، أو الخط الساخن للوزارة 16439 أو عبر منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة 16528، وما يتم تداوله على صفحات السوشيال ميديا ويتم رصده بوحدة الرصد بالوزارة.
 
وحتى الآن تعامل الفريق مع عدد 15324حالة ما بين شكاوى دور الرعاية الاجتماعية وشكاوي وجود مواطنين بلامأوى فى الشارع وحالات إنسانية أخرى .
 

المحطة الثانية: "الفحص الطبى"

أمام لافتة "حميات إمبابة" استقرت السيارة، كان بداخلها أعضاء الفريق وبرفقتهم "نجاة" ونجلها ، "جاءت المرحلة الثانية وهى فحصها طبيا للتأكد من خلوها من أى أمراض قبل إيداعها في دار الرعاية " هكذا قالت الدكتورة عبير المستشارة النفسية للفريق . 
 
نزل سامح من الميكروباص وأسرع للدخول اولا لعرض أوراق "نجاة" على القائمين على المستشفى وشرح الدور الذى يقوم به الفريق لمساعدتها ، دقائق معدودة ولحقنا به جميعا مرتدين الكمامات ومعنا "نجاة"
 
في الداخل اتجهنا لوحدة الطوارىء لإتمام عملية الكشف السريع من حيث قياس معدل ضغط الدم ونسبة السكر والاكسجين وكانت النتيجة جيدة  . وبعد ذلك اتجهت نجاة لغرفة الاشعة المقطعية للتأكد من سلبية إصابتها بفيروس كورونا وهذا فعلا ما تبين .
 
 
 
عاد الفريق مرة أخرى للسيارة وبصحبتهم كافة الأوراق والأشعة التى تثبت الحالة الصحية "لنجاة" لتأتي بعد ذلك المرحلة الثالثة داخل دار الرعاية . 
 
 

المحطة الثالثة :  "ونس الرعاية"

في منطقة بولاق الدكرور كانت المرحلة الثالثة ، داخل دار الخير للرعاية ، كان العاملون في انتظار نجاة بالمواد المطهرة بعدما اخبرهم الفريق انها ستمكث معهم فترة لحين توفير مسكن لها برفقة طفليها .
 
دقائق وظهرت " ماما هانم " مسؤولة الدار هكذا يلقبونها وبعد كلماتها الترحيبية لنجاة ، عددت لها شروط الدار وقواعده " نحن هنا أهل واتعهد لك بتحقيق كل ترغبين فيه ولكن بشروط الخروج من الدار يكون في أضيق الحدود وبرفقة المشرفات وإذا أردتى أن ترحلى اخبريني، والتواصل معى يكون صريح ومباشر . 
 
30741be4-9c17-460b-bf04-3c2c80abc929
السيدة نجاة ومسؤولة الدار
 
تجولت "نجاة" داخل الدار ممسكة بشنطة بلاستيكية بها أوراقها الشخصية والرقم القومى الخاص بها، صافحت نزيلات الدار جميعهن سيدات تجاوزن الخمسين خرجت للشارع بعدما تركتهن اسرهن واستغنت عنهن . 
 
50ad9dc2-aadb-4aae-be2e-dc85556d2571
دار الرعاية
 
a0aac255-1295-43b6-b082-cb1ded74e3db
السيدة نجاة
 
ابتسامة صافية ارتسمت على الوجه الشاحب المتسخ الذى تبدو عليه قسوة الزمن ومرارة التجربة، شعرت نجاة لأول مرة بدفء الأسرة من جديد وتأكدت أن لها من اسمها نصيبا "نجاة نجت من حياة الشارع".
 
e74dc753-9483-4b26-9226-d0afee657be1
 
اختفت السيدة عن أنظارنا هى ونجلها، وبعد دقائق ظهر فتى يرتدى طاقم رياضى أسود اللون اتضح انه طفلها لقد تغير مظهره تماما، وسيدة ترتدى جلباب بنفسجى تبين أنها "نجاة" كانت قد ذهبت لتستحم وكأنها تريد أن تتخلص من الآثار السلبية التى تركتها الحياة على جسدها. 
 
تركنا "نجاة" وذهبنا بعدما اندمجت مع صديقاتها نزيلات الدار وشاركتهن وصلة رقص أدتها بروح مرحة محبة للحياة ومقبلة عليها .









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة