"وما حمل الإنسان مثل الأمانة".. فما اثقل الأمانة وعظمها، فلقد ذكرها الله تعالى فى قرآنه "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا"، فلا أفضل ممن أدى الأمانة إلى أهلها، فإذا كنت قائمًا بحمل أمانة فأنت مؤتمن على أمانتك حتى تودعها صاحبها وتزيح عنك هذا الحمل الثقيل الذى لا يعرف قيمته إلا كل ذو عهد أمين.
وهذا ما جسده سائق أمين بقرية الرملة التابعة لمدينة بنها بالقليوبية، فعلى الرغم من ضيق الحال الذى يمر به بعد زواج ابنته، وتراكم الديون عليه التى يسعى جاهدا من عمله على سدادها، وعثوره على مبلغ مالى كبير داخل سيارته بعدما قام بتوصيل أحد الأشخاص إلى الطريق الإقيلمى وترك ونسى مبلغ كبير وصل الـ100 ألف جنيه داخل سيارته، إلا أنه لم يفكر للحظة واحدة فى الاستحواذ على المال وعدم رده لصاحبه، بل قام بالتواصل مع صاحبه، كما أنه أيضا رفض الحصول على النسبة القانونية له من المال.
أسرة السائق حسان الجمال
حسان الجمال، صاحب الـ43 عاما، ابن قرية الرملة التابعة لمركز ومدينة بنها بالقليوبية، والذى يعمل سائقا على سيارة اشتراها بالمشاركة مع أحد أصدقاءه، للعمل عليها وتوفير قوته أسرته والإنفاق عليهم، فهو متزوج ولديه 4 أبناء، الأولى ابنته الكبرى متزوجة، و"شوقى" يؤدى حاليا الخدمة العسكرية، والصغرى "صفية" 12 عاما، بالصف الأول الإعدادى، و"محمود" بالصف الثانى الابتدائى.
أكد "حسان" لـ"اليوم السابع"، أنه منذ أيام خرج للعمل على سيارته "السوزوكى" حيث يعمل على خط "الرملة – محطة قطار بنها"، إلا أنه فى هذا اليوم طلب منه أحد الأشخاص وبرفقته أسرته توصيلهم إلى مدينة الإسماعيلية، وبالفعل قام بتوصيلهم إلى مدينة الإسماعيلية، وفى طريق عودته من الطريق الإقليمى الجديد، استوقفه رجل في التاسعة مساء، قائلا: "بصراحة الطريق بالليل محدش بيوقف لحد، لكن وقفت وقولت رزقى على الله".
السائق امام سيارته التى عثر بها على الحقيبة
وتابع "حسان": "الشخص دا ركب معايا من الطريق الإقليمى ونزل فى الطريق، وكان معاها مجموعة حقائب فاكهة وطلبات وبينهم حقيبة النقود، ثم نزل فى الطريق، إلا أنه بعد ساعة وكنت أوشكت على الدخول لمدينة بنها، سمعت هاتف يرن، أوقفت السيارة على الفور ونظرت للخلف فوجدت حقيبة سوداء، وفتحتها والتقطت الهاتف، ورددت عليه، فإذا بها زوجة الشخص الذى كان راكبا معى".
وأوضح: "أنا قولت للسيدة زوج حضرتك كان راكب معايا ونزل فى الطريق وأنا من المكان الفلانى، وفى انتظاركم والفلوس فى الحفظ والصون، وقت ما حضراتكم تيجوا هتخدوها على طول، وبالفعل أتوا صباح اليوم التالى، وفضلوا يشكرونى وصاحب الحقيبة أتصور معايا، وبصراحة عرض عليا نسبة الفلوس لكن أنا اللى رفضت، وقولتله ربنا يغنيها بالحلال، وخد واجبه عندى في البيت وبعد كده مشى على طول".
السائق حسان الجمال أمام سيارته
وأشار، إلى أنه كان منذ فترة قريبة انتهى من جهاز ابنته، وعلى الرغم من ضيق الحال له ولأسرته إلا انه صمم على عدم الحصول على المال أو النسبة القانونية له، موضحًا أن نجلته الكبرى تزوجت منذ أشهر قليلة، واستدان للانتهاء سريعا من جهازها، ليصبح المبلغ المدان به حوالى 40 ألف جنيه، إلا أن عفة نفسه رفضت الحصول على المبلغ، قائلا: "إن شاء الله ربنا هيعيننى ويسد عنى وأنا طول ما فيا صحة عيونى لأولادى وربنا يساعدنى إن شاء الله".
ولفت، إلى أنه قبل الواقعة كانت قد حدث واقعة مماثلة قبل هذه الواقعة بأشهر قليلة، حيث عثر على حقيبة بها ساعات يد لماركات عالمية داخل حقيبة أيضا، بسيارته، عندما كان يقوم بتوصيل أحد الأشخاص إلى القاهرة، وفى طريق العودة اكتشف الحقيبة وصمم على توصيلها بنفسه إليه، وكذلك وقائع أخرى بالعثور على هواتف محمول سقطت سهوا من أصحابها بالسيارة وكذلك مجموعة من العقود للأراضى حيث قام بتوصيلها إلى أصحابها بالإسكندرية.
السائق حسان أمام سيارته
واستطرد قائلا: "مفكرتش لحظة إنى أحتفظ بالمال لنفسى وأسرتى على الرغم من حاجتى الشديدة للمال مع أن هذا المبلغ كفيل أنه يسد كل ديونى وزيادة، لكن حطيت نفسى مكان صاحب المال، وأكيد هو جايب المال دا لحاجة مهمة لا يعلمها إلا الله، وربنا يغنينا بالحلال ويحفظ ليا أسرتى وأهلى كلهم وأخواتى".
فيما عبر شوقى حسنين سالم الجمال، والد السائق حسنين الجمال، عن الموقف النبيل الذى اتخذه نجله على الفور، قائلا: "أنا فرحان جدا باللى عمله ابنى، وفرحتى لا توصف، وبجد حسيت إن تربيتى له وأخواته ربنا كرمنى فيهم، وشرفنى باللى عمله، وربنا يخلفها عليه وعلى أخواته بالحلال دايما يا رب".
السائق مع والده وشقيقه
السائق ووالده
حسان الجمال أمام سيارته
حسان الجمال وسيارته
حسان الجمال ووالده وشقيقه وصديقه
محرر اليوم السابع مع السائق الأمين ووالده
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة