لا أحد ينكر أن قطاع الصناعة فى مصر هو قاطرة النمو، لما يساهم به هذا القطاع من توفير آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة بشكل سنوى، حتى أن إجمالى المشتغلين بهذا القطاع بلغ أكثر من 18 مليون شخص بحسب تقديرات اتحاد الصناعات، إلا أن هذا الصناعة تعانى من بعض العوائق، التى تواجه نموها على رأسها ارتفاع تكلفة الإنتاج، المتمثلة فى المادة الخام أولا، ثم أسعار الطاقة.
بعد تحرير سعر الصرف فى نوفمبر 2016، شكا المصنعون من زيادة كبيرة فى سعر التكلفة الإنتاجية، بسبب تضاعف سعر الدولار، لكن على الجانب الآخر كان هناك تكلفة أخرى فاقمت من مشكلات القطاع، وهى أسعارالغاز للمصانع بصفة عامة، ولصناعة الصلب بصفة خاصة، لما للأخيرة من دور كبير فى اتاحة 30 ألف وظيفة واستثمارات تتجاوز الـ 150 مليار جنيه.
صناعة الصلب شهدت فى الفترة الأخيرة حالة من التراجع الملحوظ، الأمر الذى انعكس على حجم الصادرات، نتيجة ارتفاع فى تكلفتها، جراء احتساب سعر الغاز بـ 5.5 دولار للمليون وحدة حرارية، إذ كشفت بيانات حديثة صادرة عن هيئة الرقابة على الصادرات المصرية، هبوط صادرات مصر من الحديد والصلب بنسبة 34% مسجلة 635 مليون دولار، بالفترة من يناير إلى نوفمبر 2019 مقابل 968 مليون دولار بالفترة ذاتها من 2018.
وكشفت بيانات الرقابة على الصادرات المصرية – حصل اليوم السابع على نسخه منها - هبوط صادرات الحديد والصلب للسوق السودانى بنسبة 26 % مسجلة 47 مليون دولار خلال أول 11 شهر من 2019 مقابل 63 مليون دولار بالفترة نفسها من 2018، كما هبطت الصادرات إلى إسبانيا 57% لتسجل 46 مليون دولار مقابل 109 مليون دولار، كما هبطت الصادرات لأمريكا بنسبة 52 % لتسجل 39 مليون دولارمقابل 83 مليون دولار بالفترة المماثلة فى 2018.
كما كشفت البيانات تراجع الصادرات من حديد الصب، إلى إيطاليا بنسبة 75 % لتسجل 36 مليون دولار بالفترة من يناير إلى نوفمبر 2019 مقابل 147 مليون دولار بالفترة المماثلة 2018، كما تراجعت الصادرات إلى الأردن بنسبة 10 % مسجلة 26 مليون دولار مقابل 28 مليون دولار.
كما كشفت البيانات، هبوط صادرات الحديد إلى الجزائر بنسبة 60 % مسجلة 18 مليون دولار مقابل 44 مليون دولار، كما تراجعت إلى سوريا 76 % مسجلة 16 مليون دولار مقابل 67 مليون دولار، كما انخفضت إلى اوغندا 11 مليون دولار مقابل 12 مليون دولار.
وتعانى صناعة الصلب فى مصر من حصولها على الغاز الطبيعى بسعر مرتفع نسبياً يبلغ 5.5 دولار للمليون وحدة حرارية، وذلك بعد تخفيض هذا السعر من 7 دولارات للمليون وحدة حرارية فى أكتوبر 2019، حيث ترى شركات الصلب فى مصر أن هذا السعر مازال مرتفعاً ولا يحقق التنافسية.
ونتج عن هذا السعر المرتفع تحديات عدة لقطاع صناعة الصلب، منها ارتفاع تكلفة الغاز الطبيعى فى مصر لتمثل 12% من تكلفة إنتاج الطن، مقابل ما بين 2: 6٪ فى الدول المنافسة إقليمياً وذلك بالرغم من أن المصانع المصرية تستخدم نفس معدل الاستهلاك للطن، وهو من 11-13 مليون وحدة حرارية فى المتوسط، وساهم سعر الغاز أيضاً فى وضع تكلفة إضافية بواقع 40 دولار فى المتوسط على كل طن حديد تسليح منتج فى مصر.
فى هذا الإطار طالبت غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، فى اجتماع عقدته منتصف الأسبوع الماضى، بضرورة خفض سعر الغاز المورد لمصانع الحديد لنحو 3 دولار للمليون وحدة حرارية ، وقال جمال الجارحى رئيس الغرفة فى تصريحات له، إن خفض اسعار الغاز سوف يساهم في خفض التكلفة وبالتالي رفع تنافسية الشركات وزيادة قدرتها على التصدير، خاصة مع تراجع ملحوظ فى قدرات المنتج المحلى على المنافسة فى الأسواق الخارجية، نتيجة زيادة فى سعر الغاز للمصانع المحلية، فى الوقت الذى تتعامل فيه المصانع بالدول المنافسة على سعر تقريبا 3 إلى 3.5 دولار.
فى سياق متصل، أكد طارق الجيوشى عضو غرفة الصناعات المعدنية، أن السعر الحالى للغاز المقدم لمصانع الحديد والمحدد بـ 5.5 دولار للمليون وحدة حرارية يقضى على تنافسية المنتجات المصرية فى الخارج، فالدول المنافسة تبيع الغاز للمصانع تقريبا بـ 3 دولار للمليون وحدة، وهنا لابد من خفض الأسعار للمصانع فى مصر لتكون 3 دولار، لأنه من غير المعقول تصدير الغاز بأقل من سعر بيعه للمصانع المحلية.
وأضاف الجيوشى خلال اجتماع لمناقشة مشكلات صناعة الحديد، أن السعرالحالى للغاز بالنسبة لصناعة الصلب مرتفع مقارنة بأسعار بيع الغاز لمصانع الصلب فى الدول الأخرى التى تستخدم نفس تكنولوجيا الإنتاج وتنافس صناعة الصلب المصرية فى السوقين المحلى والعالمي، حيث يقل سعر الغاز فى كل هذه الدول تقريباً عن 4 دولاربل يقل سعر الغاز فى أغلب هذه الدول عن 3 دولار، الأمر الذى يجعل من المنافسة خارجيا صعبة.
وتابع الجيوشى، أن بيع سعر المليون وحدة حرارية للمصانع بـ 5.5 دولار أعلى من السعر الذى يحصل به الأجانب على الغاز المصري، حيث بلغ متوسط سعر تصدير الغاز المصرى المسال 4.2 دولار للمليون وحدة حرارية، للوصول إلى سعر المليون وحدة للغاز فى حالتها الغازية – وهى نفس الحالة التى تتسلم بها مصانع الصلب الغاز المصرى يكون سعر التصدير للغاز المصرى فى حالته الغازية 3.2 دولار للمليون وحدة حرارية، بما يعنى أنه أقل بحوالى 42٪ من سعر البيع لصناعة الصلب.
وكان وزير المالية د. محمد معيط قد صرح مؤخرا بأن الحكومة تدرس تقديم حزمة تحفيزية للصناعة للمساهمة في زيادة النمو الصناعي ومنها خفض أسعار الطاقة للمصانع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة