يبدو أن الهزيمة الكاملة للإرهاب لا تزال بعيدة المنال عن دوائر الأمن والاستخبارات الغربية، فبرغم انحسار دور تنظيم داعش الإرهابي في ميادين القتال، إلا أن تمويلات الكيانات المتطرفة وعدم قدرة العديد من الدول على تجفيف منابع الإرهاب، لا تزال خارج السيطرة، تقف وراءها مناطق اقتصادية أوروبية تعتبر الباب الخلفى لتمويل الإخوان وداعش والقاعدة.
وفى أوروبا وفى ظل التغييرات السياسية والتعديلات التي تشهدها إجراءات واشتراطات السفر داخل دول الاتحاد خاصة بعد الخروج البريطاني من عضوية الاتحاد المعروف إعلامياً باسم "بريكست"، تتزايد ظاهرة تمويل الإرهاب بشكل لافت، خاصة من خلال المناطق التجارية الحرة في مختلف الدول الأوروربية.
وفى تقرير لها الاثنين، كشفت صحيفة "جارديان" البريطانية أن بروكسل تعمل على فرض قيود على 82 منطقة حرة بعد اكتشاف أن التعريفات الجمركية الخاصة بها ساعدت في تمويل الإرهاب وغسل الأموال وما يعرف بالجريمة المنظمة.
وطرحت المفوضية الأوروبية مجموعة من القواعد الجديدة قبل أسابيع فقط من بدء مشاورة الحكومة البريطانية حول بناء ما يصل إلى 10 موانئ مجانية في بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.
وتلتزم السلطات في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي منذ 10 يناير باتخاذ اجراءات إضافية لتحديد الأنشطة المشبوهة والإبلاغ عنها في الموانئ والمناطق الحرة والتي حدثت نتيجة لارتفاع معدل الفساد والتهرب الضريبي والنشاط الإجرامي.
وفي نفس السياق، قالت السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي إنها ستراجع القضية مرة أخرى العام المقبل بسبب شعبية مثل هذه الموانئ بين الأفراد والمنظمات الإجرامية التي تسعى إلى التحايل على السياسات الأخيرة المتعلقة بسرية البنوك.
وتعتبر الموانئ والمناطق الحرة هي نوع من المناطق الاقتصادية الخاصة (SEZ) تختلف قوانين العمل والتجارة بها عن تلك الموجودة في باقي البلاد حيث يمكن هبوط البضائع أو تخزينها أو تداولها أو تصنيعها أو إعادة تكوينها وإعادة تصديرها دون أن تخضع للرسوم الجمركية.
وقال ريشي سانك ، السكرتير الأول لوزارة الخزانة البريطانية أن "الاتحاد الأوروبي هو المكان الوحيد في العالم الذي لا يستخدم الموانئ المجانية".
وفقا للتقرير يسمح قانون الجمارك في الاتحاد الأوروبي بوجود الموانئ أو المناطق المجانية حيث تدير جزيرة تابعة للتاج البريطاني ميناء مجانيًا، وقالت الحكومة البريطانية إنها تريد فتح أول شركة في المملكة المتحدة بحلول عام 2021.
وفي يوليو، قالت اللجنة إن الموانئ المجانية المشهورة بتخزين القطع الفنية والأحجار الكريمة والتحف والذهب والنبيذ كأصول بديلة للنقد تشكل تهديداً بطرق متعددة.
وكمثال على الأنشطة المشبوهة التي تحدث في مثل هذه المواقع، لاحظت اللجنة أنه في ديسمبر 2016، صادرت السلطات السويسرية الآثار الثقافية التي سرقت من سوريا وليبيا واليمن والتي تم تخزينها في الموانئ الحرة في جنيف.
وقال تقرير الاتحاد الأوروبي: "نقل اللصوص الأشياء المصادرة إلى سويسرا عبر قطر حيث كانت ثلاث قطع من مدينة تدمر القديمة، وهي أحد مواقع التراث العالمي التابعة لليونسكو التي دمرت بشكل منهجي من قبل تنظيم داعش الإرهابي الذين سيطروا على المنطقة في مايو 2015."
وجادلت الحكومة البريطانية بأن المناطق الجديدة المقترحة يمكن أن توفر آلاف الوظائف الجديدة واستثمارات كبيرة لكن استنتاجات خبراء التجارة كانت مختلطة.
وأشار تقرير صادر عن مرصد السياسة التجارية في المملكة المتحدة إلى أن الفوائد ستكون لا تذكر بينما قالت مجموعة المقاولات Mace إن إنشاء موانئ حرة يمكن أن يخلق 150000 وظيفة جديدة وإضافة 9 مليارات جنيه إسترليني سنويًا إلى الاقتصاد البريطاني.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة