مرت ثلاثون عامًا منذ أن دبت الحياة فى اتفاقية حقوق الطفل التى أعلت من شأن حقوق الأطفال وحمايتهم بين الالتزامات العالمية. كما مرت ثلاثون عامًا على ظهور الشبكة العنكبوتية العالمية (الإنترنت)، وهى الشبكة التى أثّرت تأثيرًا كبيرًا فى البشرية وفى حياة الكبار والصغار على السواء، فهى لم تقدم فرصًا جديدة فحسب، ولكنها أبرزت أيضًا أنماطًا جديدة من التحديات التى ظهرت مؤخرًا لم تكن معروفة لأطفال ما قبل عصر الإنترنت.
واليوم، تشارك مصر العالم فى الاحتفال باليوم العالمى للإنترنت الآمن، إقرارََا منها بضرورة اتخاذ المزيد من الإجراءات والتدابير لحماية الأطفال من التهديدات الجديدة التى قد يواجهونها فى عالم الإنترنت، وتتضمن التنمر الإلكترونى والتعرض لمحتوى ضار، والاستغلال والإيذاء.
وفى هذا الشأن قال الدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، بقوله: " أن الوزارة لا تألو جهدًا فى سبيل تحقيق التنمية الشاملة للنشء، وخاصة فى المراحل المبكرة، لما لذلك من أثر عظيم فى تكوين الشخصية، واكتساب السلوك الاجتماعى الحميد".
وأضاف شوقى، "إن الوزارة تتابع كافة الظواهر الاجتماعية السلبية كالتنمر والتحرش بشدة، ومعاقبة الذين يثبت عليهم الفعل عقوبات صارمة، مشيرًا إلى أن المدارس بها أخصائيين اجتماعيين مؤهلين لمعالجة مثل تلك الظواهر، حيث إنها تشكل خطورة على أبنائنا فى المدارس وفى المجتمع بشكل عام، خاصة مع الانفتاح الإلكترونى وتواجد الأطفال والنشء على مواقع التواصل الاجتماعى بشكل متزايد".
وتزداد احتمالات لجوء الأطفال الذين يتعرضون للتنمر الإلكترونى إلى أساليب وطرق سلبية لمواجهة هذا الأمر، ويزداد احتمال تأثير ذلك على عملية التعَلم لديهم، وتدنى ثقتهم بنفسهم عن غيرهم من الأطفال.
وصرّحت الدكتورة عزة العشماوى، الأمين العام للمجلس القومى للطفولة والأمومة، قائلةً: "إن المجلس القومى للطفولة والأمومة يتعهد بمواصلة العمل على زيادة الوعى بشأن إنهاء العنف ضد الأطفال، بما فى ذلك العنف الذى قد يحدث فى المنازل والمدارس، واليوم، وبالتعاون مع شركائنا، نطلق حملة "إنترنت بأمان" من أجل التأكيد على أهمية حماية الأطفال والنشء أيضاً فى الفضاء الإلكترونى، حيث يكون التعرض للعنف أكثر حدة نظراً لطبيعة الوصول غير المحدود للمحتوى عبر الإنترنت، فضلاً عن افتقار كل من البالغين والأطفال إلى الوعى بشأن مخاطر الإنترنت."
فقد عملت وسائل التواصل الاجتماعى على إشباع وشغل حياة العديد من مستخدمى الإنترنت من الشباب والأطفال، الأمر الذى أدى إلى زيادة التنمر الإلكترونى والأضرار البالغة التى يسببها نظراً لسرعة وصول المحتوى المسيء إلى جمهور عريض، فهو يكاد "يلاحق" ضحاياه عبر الإنترنت فى مدارسهم ومنازلهم ومجتمعاتهم.
وقال السفير إيفان سوركوش، رئيس وفد الاتحاد الأوروبى فى مصر: "لقد ظل الاتحاد الأوروبى على مدى السنوات الماضية يدعم جهود الحملات الرامية إلى حماية الأطفال من العنف، ومع التزايد المستمر لوجود الإنترنت فى حياة الكبار والأطفال، اكتسب العنف الذى يُمارس من خلاله وعبره أهمية أكثر من أى وقت مضى"، وأضاف سيادته: "إننا بحاجة إلى ضمان تجربة رقمية إيجابية لأطفالنا، إذ يجب أن يتعلم الأطفال كيفية المواظبة على الاطلاع والمشاركة فيما يخص الإنترنت، مع حماية أنفسهم عند التعامل معه".
وتستخدم الحملة شعار #إنترنت_بأمان، و#أنا_ضد_التنمر، وهى بذلك تجمع بين اثنين من القضايا التى تهم النشء اليوم فى مصر والعالم.
وصرح برونو مايس، ممثل اليونيسف فى مصر قائلاً: "إن الإنترنت يقدم للشباب فوائد جمة، غير أنه لا ينبغى أن يجعلهم يعانون من متاعب مواجهة محتوى مؤذٍ، أو استغلال خصوصيتهم وبياناتهم الشخصية بسبب عدم كفاية الوعى بحقوقهم الرقمية،" وأضاف، "فى هذه الحملة، تعمل اليونيسف مع الشركاء الوطنيين، وبدعم من الاتحاد الأوروبى، على دعوة الأسر، والمدارس، والقطاع الخاص، الذى يشكل دوره أهمية بالغة فى هذا الأمر، إلى إعطاء الأولوية للسيطرة على مخاطر الإنترنت، واستخدام تدابير وقائية لحماية الأطفال فى الفضاء الإلكترونى."
حملة الإنترنت الآمن تنطلق اليوم على المنصات الرقمية لكل من المجلس القومى للطفولة والأمومة، ووزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى، واليونيسف، والاتحاد الأوروبى، حيث يتوفر محتوى تثقيفى زاخر بالمعلومات حول رفض ومناهضة التنمر الإلكترونى وتعزيز حماية الأطفال على الإنترنت.