بعد أن كان العام 2020 يٌطل ببشائر الخير على قطاع السياحة الدولية، والتى استطاعت أن تحقق فى نهاية العام الماضى 1,5 مليار سائح تقريباً حول العام، بنسبة نمو 4% عن العام 2018، إلا أن الأمور لن تسير على هذا النحو كثيرا بعد أن ظهر شبح فيروس الكورونا ليهدد الربع الاول من العام الجارى، وسط توقعات بامتداد نتائجه السلبية على موسم الربيع السياحى وبداية فصل الصيف.
الخريطة السياحية الدولية شهدت اختلافا كبيرا خلال الأسبوعين الماضيين، حيث أغلقت مقاصد سياحية أبوابها لحين إشعار آخر منها فى الصين واليابان، فى حين تشهد مقاصد آخرى تدفق سياحى على استحياء خوفا من أن تنتهى الرحلة السياحية بحجر صحى فى أحد المنتجعات أو السفن البحرية وهى تلك الدول التى تقع فى محيط جنوب شرق آسيا والمحيط الهادى.
ومن أهم الدول السياحية فى منطقة جنوب شرق آسيا يوجد اندونيسيا والهند وفيتنام وتايلاند، وتلك المقاصد ستتأثر حتما بما يحدث لدى جيرانها فى الصين واليابان، وأشارت احصائيات منظمة السياحة العالمية عن العام 2019 أن منطقتى جنوب شرق آسيا وجنوب آسيا حققتا نسبة نمو بلغت 8% وكانت الثانى جغرافيا بعد منطقة الشرق الأوسط.
وبدأت تداعيات الازمة تظهر جليه حيث رفضت السلطات الإندونوسية، دخول 41 سائحا سبق وأن زاروا الصين مؤخرا، بينهم زائرون من المغرب وروسيا والبرازيل وبريطانيا ونيوزيلاندا، وقالت فإن الخطوة جاءت احترازا من أن يكون هؤلاء السياح حاملين لفيروس كورونا، المنتشر فى عدد من المدن الصينية والذى تجاوز عدد المصابين به 34 ألف شخص فى الصين.
واوقفت إندونوسيا رحلاتها الجوية إلى الصين، وتجذب إندونيسيا حوالى 2.1 مليون زائر صينى سنويًا، لكن العدد انخفض من حوالى 6000 زائر يوميًا إلى 1000 فقط منذ بدء ظهور فيروس كورونا الجديد فى منتصف يناير.
وتوقعت فيتنام أن يفقد قطاع السياحة فى البلاد إيرادات تصل إلى 7.7 مليار دولار خلال الثلاثة أشهر المقبلة بسبب الكورونا، مع توقف إصدار التأشيرات للذين تواجدوا فى الصين مؤخراً، وأوضحت إذاعة صوت فيتنام الرسمية أن انتشار الفيروس الصينى قد يؤدى لفقدان قطاع السياحة ما يتراوح بين 5.9 إلى 7.7 مليار دولار خلال الأشهر الثلاث المقبلة من أرباح السياحة فى البلاد، نظراً لتوقف سياحة الصينيين إلى فيتنام.
وقالت فيتنام إنها ستتوقف كذلك عن إصدار تأشيرات للزوار الأجانب الذين تواجدوا فى الصين خلال الأسبوعين الماضيين، كما أكدت إصابة 12 شخص بالفيروس القاتل بالبلاد حتى الخميس الماضى، وشكلت السياحة الصينية ثلث السياح فى فيتنام خلال العام الماضى والبالغ عددهم 18 مليون زائر.
وينفق السياح الصينيون أموالا كثيرة خارج البلاد، كما تعد الصين أكبر مصدر دخل للسياحة الدولية، وتم فرض حظر السفر وإلغاء الرحلات الجوية منذ ظهور فيروس كورونا الجديد، الامر الذى يمكن أن يحد من الإنفاق السياحى الصينى فى الخارج وهو ما يمثل تهديدًا لكثير من الاقتصادات، وخاصة فى آسيا، خاصة أن السياحة الصينية أصبحت الآن جزءًا كبيرا من الاقتصاد بالنسبة لجميع البلدان.
وألغت عدد من الخطوط البحرية مثل "Royal Caribbean " و"Norwegian Cruise Line"، الرحلات من الصين وإليها و فرضت قيودا على الركاب منذ بدء تفشى المرض، وزار الصينيون فى العام الماضى ما يقرب من 170 مليون نقطة حول العالم، وكانت الوجهات الأكثر شعبية للزوار الصينيين فى آسيا، هى تايلاند وهونغ كونغ وماكاو، إلى جانب باريس وسيدنى ومدينة نيويورك.
أما بالنسبة للمنطقة العربية فخسارتها ليست بالضخمة حيث أن السياحة الصينية لها لازالت قليلة مقارنة بمنطقة آسيا، وأظهرت البيانات الصادرة عن منتدى التعاون الصينى العربى للسياحة عام 2019 الذى عقد فى بكين، أن عدد الزوار المتبادلين بين الصين والدول العربية يرتفع بمتوسط 16.5% سنويا خلال السنوات الخمس الماضية بفضل مبادرة الحزام والطريق، حيث كان من المتوقع أن يصل إلى أكثر من مليونى زائر، هذا واتجه مليون و456.8 ألف زائر صينى إلى الدول العربية عام 2018.
وقال الدكتور سعيد البطوطى مستشار منظمة السياحة العالمية لليوم السابع أن الموضوع كله فى الوقت الحالى يتوقف على ايجاد حل وعلاج سريع لهذا الفيروس خلال الأيام القادمة ونهاية لتلك الدراما، أم سيطول أجله، مشيرا إلى أن هناك وجهات سياحية أٌغلقت بالكامل مثل الصين وتايوان وهونج كونج حيث السياحة متوقفة منها وإليها.
ولفت البطوطى إلى أن هناك وجهات سياحية متأثرة بشكل كبير مثل الوجهات السياحية فى منطقة جنوب وجنوب شرق آسيا ومنطقة المحيط الهادي، حيث هناك تراجع ملحوظ للحركة السياحية هناك، أما باقى الوجهات السياحية فمتأثرة أيضا سلبا نظرا لأن حالة الرعب من العدوى بالفيروس والترقب جعلت شرائح عدة من المستهلكين السياحيين فى معظم الأسواق السياحية يحجموا عن السفر أو على الأقل يؤجلوا سفرهم حتى تتضح الرؤية.
وأشار المستشار بمنظمة السياحة العالمية إلى أن هناك حالة من عدم اليقين وتجنب السفر تسود العالم، وكل يوم يمى يتم فيه إلغاءات فى الحجوزات وعدم تنفيذ الرحلات وتراجع فى الحجوزات الجديدة، مما نجم عنه خسائر بقطاع السياحة العالمية بلغت 920 مليون دولار جراء إلغاء حجوزات شركات السياحة والطيران والفنادق فضلا عن إلغاء سفن سياحية رحلاتها لتجنب دخول منطقة شرق آسيا، حيث تم إلغاء حوالى مليون و750 ألف حجز على مستوى العالم للآن، مشددا على أن التوقع صعب فى الوقت الحالى لما هو قادم، فلربما يتم اكتشاف علاج فورى لهذا الوباء واختفاؤه، أو يزيد أمده وتتزايد ضحاياه.
وقال البطوطى، إن المبيعات من خلال وكالات السفر الألمانية خلال شهر يناير 2020 شهدت انخفاض بنسبة 12,2% عن العام الماضي، وإيرادات المبيعات انخفضت بنسبة0,5%.، لافتا إلى أن معدل الطلب على السياحة بشكل عام خلال يناير 2020 قد تراجع بنسبة 5,8%، مقارنة بشهر يناير من العام الماضي، فضلا عن أن الحجوزات التراكمية المبكرة للفترة من يناير وحتى أكتوبر 2020 تراجعت بنسبة 3,9%.
وعن مبيعات الطيران لفت البطوطى أن المؤشرات تشير إلى انخفاضها أيضا خلال نفس الشهر (يناير 2020) بنسبة 17,6%، والإيرادات الناتجة عن مبيعات الطيران انخفضت بنسبة 7,2% وعدد تذاكر الطيران المصدرة انخفضت بنسبة 17,8% عن يناير من العام الماضي، فى حين أن مبيعات الرحلات البحرية قد ارتفعت بنسبة 6,3% عن يناير من العام الماضي.