اختار الكاتب الشهير جيروم ديفيد سالينجر (1919 – 2010) حياة العزلة وقضى نحو 50 عاما من عمره غير مهتم بالعالم المحيط به، لكن العالم لم يتركه وشأنه، ومؤخرا طرحت دار المدى للنشر والتوزيع ترجمة كتاب "سالينجر فى حياته الحميمية" للكاتب دينى ديمونبيون من ترجمة زياد خاشوق.
تأتى غرابة شخصية الكاتب الأمريكى جيروم ديفيد سالينجر من كونه قرر عدم نشر أى عمل أدبى له بعد روايته الأولى "الحارس فى حقل الشوفان".
ولد جى. دى. سالنجر فى أول يوم من عام 1919 فى مانهاتن نيويورك من أب بولندى وأم تحمل الدم الاسكتلندى والأيرلندى، وحينما التحق بالأكاديمية العسكرية فى المرحلة الثالثة من دراسته شعر للمرة الأولى بالراحة لتحرره من هيمنة والدته وحرصها المبالغ به.
بعد انتقاله إلى جامعة نيويورك ترك الدراسة بعد الفصل الأول من السنة الدراسية الأولى والتحق بالعمل فى شركة لاستيراد اللحوم حيث تم نقله إلى فرعهم فى فيينا، وهناك أتيح له إتقان كل من اللغة الفرنسية والألمانية. كما أسعفه الحظ فى مغادرة النمسا قبل سقوطها فى يد هتلر خلال الحرب العالمية الثانية، وعليه عاد إلى أميركا وتابع دراسته فى جامعة كولومبيا من خلال دورة مسائية خاصة بالكتابة.
ونشرت أول قصة له عام 1940 بعنوان «مجموعة شبان»، وفى العام التالى ارتبط بعلاقة عاطفية مع أونا أونيل ابنة الكاتب أوجين أونيل. وكان يكتب لها يوميا رسائل مطولة، وسرعان ما أجهض حبه حينما فوجئ بزواجها من شارلى شابلن الذى يكبرها كثيرا فى العمر.
وشارك عام 1942 فى أعتى المعارك وأعنفها مما ترك أثرا عميقا فى نفسه وعلى مجموعاته القصصية التى لاقت اهتماما واسعا لدى القراء مثل "بريد مساء السبت" و"كوليير"، وفى ألمانيا تزوج للمرة الأولى إلا أن زواجه لم يستمر سوى بضعة أشهر بعد عودته لموطنه.
ثم دخل عالم هوليوود ونجح فى بيع قصته "العم ويغلى فى كونيكتيكت" إلا أنه أصيب بخيبة أمل كبيرة حينما شاهدها كعمل سينمائى، حيث جردت القصة من مضمونها، مما دفعه إلى اتخاذ قراره بعدم التعامل مع هوليوود مجددا. وعلى الرغم من العروض الهائلة التى انهالت عليه تباعا ومن ضمنهم ستيفن سبيلبرج، أصر سالينجر على عدم بيع حقوق روايته التى حققت شهرة واسعة عند نشرها مباشرة وهى "الحارس فى حقل الشوفان" 1961، وكانت إجابته الدائمة بأن بطل قصته هولدن كولفيد سيرفض ذلك قطعا.
وآخر عمل له كان رواية قصيرة نشرت على حلقات عام 1965 فى صحيفة نيويورك بعنوان «هابورث 16، 1924». والجدير بالذكر أنه اتجه نحو الديانة البوذية وتعمق وفيها أما زوجته الثالثة والأخيرة فهى ممرضة تدعى كولين أونيل وأصغر منه بأربعين عاما.
ج سالينجر
تغطى روايته «الحارس فى حقل الشوفان» التى لم يكتب غيرها بضعة أيام من حياة بطلها هولدن كولفيلد البالغ من العمر ستة عشر عاما. وتبدأ القصة عند طرد هولدن من المدرسة قبل عطلة الميلاد من نهاية عام 1940 وذلك لرسوبه فى امتحانات الفصل الأول، ومنذ البداية يتضح للقاريء التشتت الفكرى والعاطفى الذى يعيشه هولدن والصراع الداخلى الذى يهيمن على سلوكه.