تعد الزيادة السكانية من التحديات الكبرى التى تواجه الدولة المصرية لاسيما تأثيرها المباشر على مخططات التنمية المستهدفة وكونها عامل ضغط على متوسط نصيب الفرد فى الإنفاق على قطاعى التعليم والصحة، وأعتبرها البرلمانيون القضية الأخطر بعد مواجهة "الإرهاب " بما يستلزم التدخل العاجل فيها.
ولأهمية هذا الملف الشائك، لم يغفل البرلمان ممثلا فى اللجنة الخاصة بالرد على تقرير حكومة الدكتور مصطفى مدبولي، المزمع مناقشته أمام المجلس، الدفع بمجموعة من التوصيات التى تراها عاجلة لمواجهة الانفجار السكاني، مؤكدأً أنه بالرغم من محاولات الحكومة لضبط النمو السكانى إلا برنامجها فى هذا الصدد لم يحقق تقدماً فى شأن التصدى لقضية الزيادة السكانية، مما يعد اخفاقاً.
وعدد البرلمان الأسباب التى أدت إلى إخفاق البرنامج الحكومى لمواجهة الزيادة السكانية، وفى مقدمتها أنه لم يتضمن وسائل وآليات لمتابعة تنفيذ الخطط الموضعة أو وضع خطط بديلة فى حالة عدم إمكانية تطبيقها للتصدى للمشكلة، بالإضافة إلى عدم توافر خطط لتنظيم الأسرة فى العديد من القرى والنجوع لاسيما محافظات الصعيد، علاوة عن غياب الخطاب الدينى والإعلامى الداعم والداعى لتنظيم الأسرة، ووجود قطاع عريض يعلم بحجم المشكلة ويحتاج إلى توفير وسائل تنظيم الاسرة بينما اخفقت وزارة الصحة فى توفيرها.
واتهمت اللجنة البرلمانية، أداء المجلس القومى للسكان بالضعف وعدم تحقيقة أيا من الأهداف والمهام المسندة إليه، حيث لم يحقق التوازن بين معدلات النمو السكانى والموارد المتاحة وتعظيم الاستثمار فى الطافة البشرية وتحسين خصائصها، كما لم يتلزم بتنفيذ استراتيجية محددة المعالم، بالإضافة إلى تراجع أداء دور الجمعيات والمؤسسات الأهلية كمقدمى خدمة بسبب نقص عدد الأطباء وأطقم التمريض وضعف ميزانية هذه الجميعات، فضلاً عن عدم وجود تقييم موضوعى لدور القطاع الخاص كمقدم للخدمة.
وانطلاقاً من البرلمان من أهمية قضية الزيادة السكانية، التى لم يتوانى المجلس عن اقتحامها منذ الدور الأول، من خلال اللجان البرلمانية المعنية، خاصة لجنتى "الدفاع والأمن القومي" و"التضامن الاجتماعى والأسرة"، أكدت لجنة الرد على بيان الحكومة ضرورة مراعاة الأستغلال الأمثل للقوى البشرية كأحد أهم عناصر الإنتاج لتحقيق التوازن بين معدلات النمو السكانى ومعدلات النمو الاقتصادي، ووجهت 11 توصية عاجلة لإنهاء هذه القضية فى مقدمتها العمل على الارتقاء بخدمات تنظيم الأسرة والصحة الانجابية من خلال زيادة أعداد العيادات المتنقلة ووصولها إلى المناطق العشوائية والريف وتفعيل برامج محو الأمية وتشغيل الإناث، ورفع قدرات ومهارات مقدمى خدمة تنظيم الاسرة من خلال تطوير مناهج التدريب للأطباء والممرضات وتعزيز قدرات مقدمى خدمات تنظيم الأسرة مثل الرائدات الريفيات.
وشددت التوصيات البرلمانية على أهمية توسيع نطاق برنامج الحد من الزيادة السكانية التى أطلقته وزارة التضامن (اثنين كفاية) الذى بدأ تنفيذه بـ10 محافظات بالصعيد مستهدفاً تغطية مليون نسمة، ودعم دور الجمعيات الأهلية والقطاع الخاص لتوفير خدمات تنظيم الاسرة بالجودة المطلوبة.
وأولت التوصيات، أهمية خاصة لدور الإعلام حيث طالبت بوضع خطة إعلامية شهرية تفصيلية واضحة لجميع المحافظات للتوعية من اخطار الزيادة السكانية، بالإضافة إلى التأكيد على أهمية دعم الخطاب الدينى المستنير حول قضايا الاسرة والسكان على مواقع الأنترنت والقنوات الدينية، والتوسع فى مبادرة تعليم الاناث لسد منابع الأمية لديهم، ومكافحة التسرب من التعليم.
وأكدت اللجنة البرلمانية على ضرورة الإهتمام بالصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة فى المناطق الريفية على وجه الخصوص، بالإضافة إلى التعاون والتنسيق بين أنشطة المجلس القومى للسكان، والمجلس القومى للطفولة والأمومة على نحو يكفل تكامل هذه الأنشطة وعدم تداخلها، والتطبيق الصارم للقوانين التى تمنع تشغيل الأطفال.
جنباً إلى جانب هذه التوصيات التى جاءت بناء على دراسة ومتابعة دقيقة لكافة الإجراءات المتخذة، يأتى الجانب التشريعي، حيث من المتوقع أن تشهد الفترة القادمة مناقشة اقتراح بقانون المقدم من اللواء كمال عامر، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي، بعد موافقة اقتراحات البرلمان عليه، والذى يتضمن حوافز إيجابية للاسر المثالية التى تتكون من 4 أفراد ممثلة وتكريماً للاسر التى أنجبت طفلاً واحداً فقط بأخيتارها.
يرتكز الاقتراح، على الحوافز الإيجابية والمعنوية للأسر المثالية، لاسيما فى التعليم أو الدعم، بالإضافة إلى تضمنه موادًا تؤكد على أهمية دور وسائل الإعلام فى التوعية المجتمعية بخطورة الزيادة السكانية، والتأكيد على ضرورة تنظيم حملات إعلامية فى هذا الصدد، وأكد اللواء كمال عامر، أن الزيادة السكانية تشكل عائقا للتنمية وتلتهم ثمارها، وترتبط ارتباطا وثيقا بالأمن القومى المصرى، وبناء مصر الحديثة التى تتطلب دعم التنمية بكافة عناصرها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة