يبدو أن الوضع فى جنوب السودان ليس فى طريقه للحل، ويبدو أن استقرار دولة الجنوب بعيد المنال، خاصة بعد الرفض الأخير من رفض المتمردين فى الجنوب لاقتراح الرئيس سلفا كير ميارديت، العودة إلى نظام فيدرالى يقسم الدولة إلى 10 ولايات، لفتح الباب أمام تشكيل حكومة وحدة وطنية وإنهاء الحرب الأهلية.
ويبدد رفض زعيم المتمردين رياك مشار للمبادرة الآمال فى إنهاء النزاع المتواصل منذ 6 سنوات، الذى أسفر عن مقتل 380 ألف شخص وأغرق الملايين فى فقر مدقع، يبدو أن الدولة التى نالت استقلالها من السودان فى عام 2011، تواجه ضغوطًا متزايدة، بسبب سياسية الرئيس سلفاكير ومعارضيه.
وعلى رغم من كون دولة جنوب السودان، دولة وليدة، لا يتعدى عمرها العشر سنوات، إلا أن تاريخها الكبير المستمد من تاريخ الوحدة مع السودان، لا يمنع وجود حركة إبداعية تميزها، خاصة مع التنوع الثقافى والعرقى والدينى أيضًا الموجود هناك، لكنها تواجه أزمات عديدة.
ويواجه الأدباء فى دولة الجنوب العديد من الأزمات فى ظل انغماس السلطات فى الحرب الأهلية، هى عدم وجود دور نشر داخلية الأمر الذى يجعل معظم الكتابات من إنتاج خارجي، كما لا يوجد جهات داعمة لصناعة الكتاب هناك، كما لا يوجد مظلة واحدة تضم الكتاب والأدباء تحت مظلتها، فضلا عن غياب قوانين الملكية الفكرية.
وتتميز الكتاب الإبداعية فى جنوب السودان بحسب دراسة نقدية نشرت فى صحيفة "الرأى العام السودانية" بمعالجتها الدلالية وتناولها لقضايا مجتمع قبلى مغلق يحاول الانفتاح والتقدم، كما إن كتابة الجنوب تكشف وتعرض الطقوس القبلية الخاصة بمراسيم الزواج واستقبال العائدين والموت والميلاد ونشاط المراح والرعى والحروب والمحاكم القبلية والكجور والطقوس الدينية والوثنية المختلفة.
ومن أشهر أدباء العربية فى جنوب السودان الروائية والقاصة ستيلا قايتانو، بمجموعتها الأبرز "زهور ذابلة"، والراحل السر أناى (أستاذ جامعى وشاعر وصحفي)، ونيالاو حسن صاحب ديوان "قرابين نيكانق"، وأتيم سايموند وديوانه الأشهر "وخز الوطن"، وغيرهم من علماء ومثقفين أسهموا بشكل واضح ملموس فى الحركة الثقافية السودانية.
ولفت الدراسة سالفة الذكر إلى أن الأديب جونثان ميان نونيق، واحد من أشهر أدباء جنوب السودان، وهو من المبدعين القلائل الذين وجدوا اهتماما من قبل النقاد وخاصة حول اعماله القصصية الشهيرة "محاكمة السمكة الكبرى" والذى ترجمها الاديب الراحل البروفسير على المك ونشرها فى كتابه "نماذج من الادب السوداني" و"فتاة وحبل الانتحار" و"رحلة الى جبل قوشنين" وقصة "الجوع فى الميزان" وهنالك أدباء قليلى الانتاج وقد تعاملوا مع التراث المحكى بشكل سكونى واضح امثال فرانسيس فليب الذى كتب قصة "من اجل محبة اياي" القاص أتيم يا آك الذى كتب قصة "حياتان".
وهناك أيض الدكتور فرانسيس دينق، ومن أشهر أعماله روايته "طائر الشؤم" ورواية "بذرة الخلاص" 1994م من اصدارات مركز الدراسات السودانية بالقاهرة، حيث تتميز كتاباته بقدراته الانثروبولوجية بشكل أكبر من توظيفها جماليا وإبداعيا كما لاحظ النقاد اختلالا فى البنية السردية الناتجة عن كثرة الاسقاطات السياسية والفكرية التى تلبست بنية الروايتين.
فيما يخص المسرح فإن أبرز كتابه الكاتب المسرحى والاذاعى عبد الله كيرى وأنى ومن اشهر اعماله مسرحية "المكيدة" التى قدمت فى اذاعة امدرمان واذاعة جوبا وفى اذاعة كولونيا بالمانيا. وقد نشرتها مجلة الخرطوم فى يوليو 1995م كما له عدد من القصص القصيرة، كذلك نجد فى مجال المسرح الناقد والكاتب المعروف شول دينق الذى كتب دراميا طقوس تنصيب رث الشلك. وله العديد من الكتابات النقدية فى الادب والمسرح، ونشرت اعماله فى مجلة الخرطوم.