"منذ أكثر من عشر سنوات، كنت فى زيارة شبه رسمية إلى السويد كرئيس لجمعية الصداقة المصرية السويدية، وبدعوة من الجمعية الشقيقة المقابلة فى استكهولم" وفى اجتماع ودى للجمعيتين تبادلنا الكلمات توطيدا للصداقة بين البلدين، فوجدتها فرصة جيدة لأن أبدى إعجابى بما قامت به بلدية استكهولم، عندما قررت أن تخصص إحدى جذرها (واسمها اسكانسن) لكى تكون فى جملتها تصويرا ومتحفا حيا ومفتوحا، يصور نمط الحياة فى السويد فى القرن التاسع عشر وما قبلها بقليل".
"حينها قال رئيس الجمعية المقابل لى "إذا كنت تمتدح تصرفنا لأننا نبرز لأولادنا تراث السويد فى القرن التاسع عشر، فإننى أشعر بالعجز والقصور عندما أقارن تاريخ وحضارة مصر بتاريخ وحضارة السويد" هكذا تحدث المفكر المصرى ميلاد حنا هن سبب تأليف كتابه المهم "الأعمدة السبعة للشخصية المصرية" مضيفا حفرت هذه العبارات فى وجدانى واختزنتها فى عقلى وقلبي، وظللت بعها لا أمل عن أن أردد عبارة "إن مصر رقائق من الحضارات".
والمفكر المصرى ميلاد حنا (1924- 2012) وهو حاصل على حصل على بكالوريوس الهندسة المدنية من جامعة القاهرة عام 1945، وألف العديد من الكتب منها: "أريد مسكنًا" (1978)، و"نعم أقباط لكن مصريون" (1980)، و"ذكريات سبتمبرية" (1987)، و"قبول الآخر" (1998)، لكن يظل كتابه الأعمدة السبعة هو الأبرز.
وكتاب الأعمدة السبعة للشخصية المصرية "الانتماء الفرعوني، العصر اليونانى الروماني، العصر القبطي، العصر الإسلامي، انتماءات بحكم المكان، انتماء مصر العربي، انتماء مصر للبحر المتوسط، انتماء مصر لأفريقيا" ويقول ميلاد حنا " أن اعتقادى وأن هذه الانتماءات أو الأعمدة السبعة داخلة فى التركيبة الإنسانية لكل مصرى ولكنها منطقيا وطبيعيا ليست أعمده متساوية فى الطول والقطر والمتانة، وإن إحساس المصرى بهذه الانتماءات يختلف من شخص إلى آخر، بل يختلف داخل نفس الفرد من مرحلة إلى أخرى.
والكتاب نشره ميلاد حنا عام 1989 فى دار الهلال، ويدور حول الشخصية المصرية الغنية بالانتماءات التى تراكمت لدى كل مصرى عبر الزمان، وبتأثير المكان، فعبر الزمان تأثر المصرى بالحضارات المختلفة التى مرت على مصر، فما من مصرى إلا ويعتز بانتمائه إلى حضارة الفراعنة، وجدوده المصريين القدماء، الذين قدموا تراثا إنسانيا رائعا، وعظيما، وفريدا من نوعه، ومن ثم يرى ميلاد حنا أن العمود الأول للشخصية المصرية هو العمود الفرعونى الذى يزهو ويفخر به أى مصري، ويعتبره الركيزة الثقافية التى يقف عليها المصريون، بصرف النظر عن انتمائه الدينى أو أى من الأعمدة السبعة الأخرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة