أقر مجلس النواب، برئاسة الدكتور على عبد العال، عددا ضخما من التشريعات خلال الفترة المنُقضية من الفصل التشريعى الأول الذى بدأ فى يناير 2016، وكانت النسبة الأكبر من هذه القوانين للتشريعات الاقتصادية التى صاحبت برنامج الإصلاح الاقتصادى، ومنذ اللحظة الأولى أقر المجلس بتشكيله الحالى نهجا جديدا فى التعامل مع الجرائم والمخالفات الاقتصادية وهو إلغاء عقوبة الحبس والاكتفاء بتغليظ العقوبات المُتعلقة بالغرامات.
ومن ناحيته أكد الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، أن فرض عقوبات حبس فى مخالفات اقتصادية يؤثر على الاستثمار وأنه لن يسمح بذلك على الإطلاق، وأنه يجب الحفاظ على نهج البرلمان فى هذا الصدد، فى استبدال الحبس بالغرامات الرادعة، قائلا: "لن أسمح على الإطلاق بحبس رجال الأعمال فى مخالفات اقتصادية".
وتابع "عبد العال": "المواد التى يكون فيها حبس تستغل استغلال سيىء"، واستطرد: "مع رجال الأعمال لا نضع حبس، ولا يمكن أن أسمح بالحبس إطلاقا فى مسائل اقتصادية.. هذا مضر بالاستثمار، مش هحبس رجال الأعمال بيجيبوا فرص عمل، إحنا عايزين فرص عمل".
قانون الجمارك
ومن أبرز مشروعات القوانين الاقتصادية المعروضة حاليا على مجلس النواب، مشروع قانون الجمارك الجديد المُحال من الحكومة والمعروض حاليا على لجنة الخطة والموازنة بالمجلس برئاسة الدكتور حسين عيسى.
وفى إطار حرصها على دعم الاستثمار وتشجيع المُصنعين على دخول السوق المصرى، وأيضا فى إطار حرص اللجنة على الاستجابة للملاحظات التى تم عرضها خلال جلسات الاستماع فقد أعلنت رفضها لتوقيع أى عقوبات سالبة للحريات (الحبس) على المُصنعين المُصدرين أو المستوردين بمشروع قانون الجمارك الجديد.
وأكدت اللجنة على ضرورة الفصل بين من يجلب مواد أو بضائع ممنوع استيرادها أو دخولها البلاد وبين من يقع فى خطأ إدارى بخصوص الإجراءات التخليص الجمركى، حيث أوضح المهندس ياسر عمر شيبة، وكيل اللجنة أن من يجلب مواد أو بضائع محظور دخولها البلاد ستكون عقوبته الحبس الوجوبى، أما المستورد أو المُصدر الذى يقع فى خطأ يعتبره القانون تهرب جمركى ستكون عقوبته الغرامة المالية فقط.
قانون التأمينات الاجتماعية
وشهدت مناقشات قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات داخل مجلس النواب، جدلا كبيرا وخلافات فى وجهات النظر حول مواد العقوبات بمشروع القانون، ما بين رافض ومؤيد لعقوبة الحبس خاصة ضد أصحاب الأعمال، انتهى فى النهاية بإلغاء عقوبات الحبس والاكتفاء بالغرامات.
الجدل والخلاف حول عقوبة الحبس بدأ من داخل اجتماعات لجنة القوى العاملة خلال مناقشة مواد العقوبات، حيث حرص عدد من النواب رجال الأعمال على حضور هذه الاجتماعات، وأبدوا اعتراضهم على عقوبة الحبس التى وردت بمشروع الحكومة، وتمسكوا برأيهم بأن يلغى الحبس والاكتفاء بالغرامة حتى لو تم مضاعفتها، مرجعين ذلك إلى أن عقوبة الحبس تمثل تهديد وضغط على أصحاب الأعمال والمستثمرين، وقالوا إن الدولة تعمل بمنهج جديد يسير عليه معظم دول العالم حاليا وهو عدم إقرار عقوبة الحبس فى التشريعات الاقتصادية دعما وتشجيعا للاستثمار، ومن هؤلاء النواب محمد عطية الفيومى، الذى حضر مناقشات مشروع القانون.
وإزاء الخلاف على عقوبة الحبس، حاول ممثلو الحكومة إحداث نوعا من التوازن فى العقوبة، فاقترحوا نصوصا فى مواد العقوبات تبدأ بعقوبة الغرامة فقط، ثم تصل للحبس والغرامة فى حالة العود، واقتنعت لجنة القوى العاملة بهذه المقترحات وسط تحفظ النواب رجال الأعمال، ومع عرض مشروع القانون على الجلسة العامة للبرلمان اشتد الخلاف من جديد خلال مناقشة مواد العقوبات، وتصدر الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب الرافضين لعقوبة الحبس، والنائبين محمد الفيومى ومحمد المرشدى، باعتبارهما من أصحاب الأعمال، بينما تمسكت الحكومة ممثلة فى وزيرة التضامن الاجتماعي وممثلى الوزارة، بعقوبة الحبس كما وردت فى صياغة لجنة القوى العاملة، مبررة ذلك بأن هذه العقوبات لا تمس أصحاب الأعمال بشكل مباشر، ولكن تستهدف الحفاظ على أموال التأمينات ومعدم إهدارها، والتصدى للتهرب التأمينى.
واستطاع رئيس مجلس النواب إقناع أغلب الأعضاء داخل الجلسة بإلغاء عقوبة الحبس، مؤكدا أن البرلمان يعمل بنهج عدم الحبس فى التشريعات الاقتصادية لأنها تتعلق بالاستثمار، وقال إن الحبس يضر بالاستثمار ويهدد المستثمرين ويمثل ضغط عليهم، ومصر تحتاج للاستثمار لدعم الاقتصاد وتوفير فرص عمل للشباب، وكل دول العالم حاليا لا تضع عقوبات الحبس فى الجرائم والمخالفات الاقتصادية وتكتفى بزيادة الغرامات، دعما للاستثمار، وحتى يشعر المستثمر بالأمان، وتابع "عبد العال" وقت مناقشة مواد العقوبات بقانون التأمينات، قائلا: "لن نحبس رجال الأعمال والمستثمرين"، وفى النهاية أيد البرلمان إلغاء عقوبة الحبس والاكتفاء بالغرامات، كما حذف عبارة "صاحب العمل" من مواد العقوبات، ووضع بدلا منها عبارة "المسئول الفعلى لدى صاحب العمل".
قانون حماية المستهلك
كما شهدت مناقشة قانون حماية المُستهلك بالبرلمان جدلا حول تضمين بعض مواد القانون عقوبات بالحبس، حيث رفض عددا من أعضاء البرلمان النص على أية عقوبات سالبة للحريات في هذا القانون، إلا أن النائب مدحت الشريف، عضو لجنة الشئون الاقتصادية، أصر على تضمين بعض مواد العقوبات بعقوبة الحبس، وفى النهاية تم التوافق على أن تكون عقوبة الحبس في أضيق نطاق داخل القانون وفى الجرائم التى قد تضر بصحة وسلامة المستهلكين.
وتضمن القانون رقم 181 لسنة 2018 بشأن إصدار قانون حماية المستهلك، عقوبات مُغلظة لمواجهة التلاعب بالمواطنين وصحتهم، ونص على عقوبات مُشددة تصل إلى الحبس والسجن المؤبد، ونستعرض فيما يلى المخالفات التى قد تدفع بالتاجر أو المُورد إلى السجن، وهى، إذا تسببت السلعة أو المنتج فى تعريض حياة المستهلك للخطر، أو فى تعريضه للإصابة بمرض مزمن أو مستعص، تكون العقوبة الحبس والغرامة التى لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تُجاوز 2 مليون جنيه، أو بإحدى العقوبتين.
ويُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 2 مليون جنيه أو ما يُعادل قيمة البضاعة محل الجريمة أيهما أكبر، كل من حبس المنتجات الاستراتيجية المُعدة للبيع عن التداول بإخفائها، أو عدم طرحها للبيع، أو الامتناع عن بيعها، وفى حالة العود يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز 5 سنوات وتضاعف قيمة الغرامة بحديها.
وإذا نشأت عن مخالفة أى حكم من أحكام هذا القانون إصابة شخص بعاهة مستديمة أو بمرض مزمن أو مستعص، تكون العقوبة السجن وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز مليون جنيه، وإذا نشأت عن مخالفة أى حكم من أحكام هذا القانون وفاة شخص أو أكثر، تكون العقوبة السجن المؤبد وغرامة لا تقل عن 200 ألف جنيه ولا تجاوز 2 مليون جنيه.
قانون الصلح الواقى وإعادة الهيكلة والإفلاس
وألغت تعديلات قانون الصلح الواقى وإعادة الهيكلة والإفلاس، عقوبة الحبس فى جريمة الإفلاس بالتقصير، والاكتفاء بالغرامة فقط، وكانت المادة "257" كما جاءت فى تقرير اللجنة التشريعية تنص على أن يعاقب المفلس بالتقصير بالحبس مدة لا تتجاوز سنة وبغرامة لا تزيد على خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، فى حين أن النص الوارد من الحكومة، الذى وافق عليه المجلس ينص على يعاقب المفلس بالتقصير بغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائتى ألف جنيه.
وتهدف التعديلات لحل مشكلات المستثمرين وتسهيل عملية دخول وخروج الأموال من السوق المصرية بسهولة ويسر فى ظل نظام قانونى محكم حيث يعطى رسالة طمانة للمستثمر الأجنبى والمحلى بإمكانية التصفية أو الإفلاس دون التعرض للحبس.
عدد الردود 0
بواسطة:
ابراهيم شهاب
انا مصدر مصرى هربان بسبب حكم بالحبس
انا واخد حكم بالحبس ظلم و هربان