صدر حديثًا عن قسم النشر فى الجامعة الأمريكية فى القاهرة، كتاب جديد تحت عنوان "العيش للأبد: تمثيل الذات فى مصر القديمة" باللغة الإنجليزية، للدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف الآثار والمشرف على مركز الدكتور زاهي حواس للمصريات بمكتبة الإسكندرية، والكتاب يقع فى 300 صفحة.
يضم الكتاب مجموعة مقالات وأبحاث لمجموعة من أشهر علماء المصريات والآثار على مستوى العالم، ويبحث في كيفية تصوير والفكرة وراء تمثيل الذات من خلال اللغة والفن منذ بدايات الأسرات المصرية إلى أخر التاريخ المصري القديم.
ويقول الدكتور عبد البصير: "إن تمثيل الذات فى المعتقد المصرى القديم يعد العنصر الأقدم والأكثر شيوعًا، ولقد ظهر ذلك المعتقد جليًا فى المقابر الخاصة، حيث يتم تمثيل شخصية ودور الفرد، الذى كان من المسؤولين أو من النخبة غير المالكة، بشكل متعمد عن طريق النقش أو التصوير، إلى جمهور المعاصرين وللأجيال القادمة.
"الحياة الأبدية: تمثيل الذات في مصر القديمة"، يبحث فى كيفية ولماذا مثلت النخب غير الملكية فى مصر القديمة نفسها، وذلك من خلال اللغة والفن، فى المعالم الأثرية والمقابر واللوحات والتماثيل، والنصوص الأدبية، منذ بداية الأسرات الحاكمة إلى الأسرة الثلاثين، يجمع الكتاب بين طياته مقالات لأشهر علماء المصريات على مستوى العالم وعلماء الآثار ذوى الخلفيات المختلفة، وتقدم الفصول هذا المجلد نظرة جديدة على شكل ومضمون وهدف تمثيل الذات فى مصر القديمة، وبتطبيق مناهج واتجاهات مختلفة، يستكشفون كيف تضمن تمثيل الذات خطابًا مع الآلهة والأشخاص على حد سواء، توفر معلومات تاريخية واجتماعية غنية، وتقدم أمثلة للقنوات الخطابية القديمة والمخزون منها، وتسلط الضوء على مفهوم الذات في مصر القديمة.
وفي الفصل الأول من هذا الكتاب، يشير Christopher Eyre إلى أن الكتابة المصرية تهتم بتقديم الفرد كمؤد لدور أو شخصية أكثر عن كونه مجرد شخص، فى الفصل الثانى، أكد Juan Carlos Moreno García أن الأسرات المبكرة شهدت المحاولات الأولى لتجسيد التعبيرات المرئية والمكتوبة لتمثيل الذات فى المجال الخاص، ولقد رافق ظهور نظام ملكى موحد فى وادى النيل دمج صور جديدة موحدة لأعضاء النخبة حيث تم تصوير المسؤولون بوقفاتهم وموقعهم القريب من الملك فى قطاعات الرسوم والنقوش، ورموز السلطة (الشارات)، وثانيا من خلال ألقابهم وأسمائهم، بينما فى الفصل الثالث، تقدم هند شربيني الملامح الرئيسية لتمثيل الذات في الأسرة الرابعة، مع إبراز العلاقة بين الملوك وكبار المسؤولين.
فى الفصل الخامس، تستكشف Renata Landgráfová طبيعة تمثيل الذات فى الأسرة الحادية عشرة، بعد فترة الاضمحلال الأول. فى الفصل السادس، يشيرRonald Leprohon إلى أن تمثيل الذات في الأسرة الثانية عشرة تصف المكانة الاجتماعية وسلوكهم الطيب تجاه رجالهم. في الفصل السابع، يسعى R. Gareth Roberts إلى تضمين "الذات" في دراسة لتمثيل الذات من خلال النظر في الدور الذي تلعبه الذاكرة في تمثيل الذات عامة. في الفصل الثامن، تكشفHana Navratilova أن الأسرة الثامنة عشرة توفر مصادر أثرية وكتابية ثرية لدراسة الهوية الشخصية والثقافية المصرية. في الفصل التاسع، تُظهرColleen Manassa Darnell أنه يمكننا من خلال الأسرتين التاسعة عشرة والعشرين رؤية تمثيل الذات للأفراد بشكل ملحوظ في ثلاثة مجالات: الجنائزي (مثل زخرفة المقابر والنصوص التي تمت إضافتها إلى المقابر السابقة بواسطة كتاب الرعامسة)، والمعبد (مثل تقديم التماثيل والنذور)، والنقوش الصخرية.
فى الفصل العاشر، يشرح Roberto B. Gozzoli أنه مع انهيار الدولة المصرية الحديثة، تحول الفكر المصرى لتمثيل الذات خلال الفترة الليبية (1069–712 قبل الميلاد) إلى انطباع انعكاسى، واختفى السكون السابق لصالح فكر أكثر ذاتية.
فى الفصل الحادى عشر، يشير Jeremy Pope إلى أنه خلال التاريخ الطويل لتمثيل الذات فى مصر، فإن العصر الكوشى خلال الأسرة الخامسة والعشرين يتميز عن الفترات السابقة والتالية بغياب ثلاث عناصر: غياب الأسماء الملكية على غالبية الآثار غير الملكية فى مصر، وغياب النسب والأصل فى سجلات المهاجرين الكوشيين؛ وغياب السير الذاتية الخاصة وتماثيل الأفراد غير الملكيين فى النوبة.
فى الفصل الثانى عشر، يكشف Damien Agut-Labordere أن الفترة الفارسية (526-332 قبل الميلاد) تشكل تمزقًا عميقًا فى التاريخ السياسى والثقافى لمصر: لأول مرة فى تاريخها منذ وقت طويل، يتم الحكم من قبل قوة إمبراطورية أجنبية.
في الفصل الثالث عشر، تحلل مريم عياد ألقاب المرأة، ولا سيما نقوش السيرة الذاتية الجنائزية التي تشير إلى وجود علاقة بين فترات الاضطرابات السياسية والاجتماعية وقدرة المرأة على التأقلم لبيانات السيرة الذاتية وتكييفها لاستخدامها الخاص. بينما في الفصل الرابع عشر، اختتم حسين بصير الخطوط الرئيسية لتمثيل الذات المصرية منذ بداية الحضارة المصرية القديمة إلى نهاية التاريخ الفرعوني. كانت تقاليد تمثيل الذات متأصلة بعمق في مصر القديمة منذ فترة بداية الأسرات إلى أخر التاريخ المصري، وقد تباينت من حيث المظهر والتكوين والموضوعات في تلك الفترة. ويعرض تمثيل الذات لحياة النخب وتمثل بوضوح معتقداتهم وثقافتهم وتوقعاتهم للحياة الآخرة. كما أنها تظهر رغبتهم في أن يتم ذكرهم ولا يندثر ذكرهم بعد الموت. وتكشف عن حرصهم على أن يتذكرهم الأحياء لتفادي احتمال وجود حياة أخرى بائسة.
ويختم الدكتور عبد البصير الكتاب موضحًا: "كان تمثيل الذات هو العنصر الأقدم والأكثر أهمية في الثقافة المصرية؛ قدم أعضاء النخبة غير الملكيين أنفسهم من خلال اللغة والفن ضمن الإطار الذي وضعه تاريخ وآثار فتراتهم. تباينت عناصر تمثيل الذات مع أبطالها في الألقاب والعهد والمهن والخلفيات، وتركز جميعًا على معاني وتاريخ الذات في سرد قصة الحياة".