يداه لا تبرح ركبتيه إلا نادراً، لا يهتز يمينا ويسارا، لا يتفاعل مع ثناء واستحسان الجمهور أمامه.. هكذا كان يبدو الشيخ أحمد محمد عامر، الذى تحل ذكرى رحيله اليوم الخميس، حينما يتلو القرآن الكريم، حتى كأنك تشعر أنه يصلى، فاستحق بذلك لقب القارئ الخاشع.
الشيخ أحمد محمد عامر
ابن الشرقية
ولد الشيخ أحمد محمد عامر في قرية العساكرة التابعة لمركز فاقوس بمحافظة الشرقية، فى يوم 3 مايو عام 1927، وحفظ القرآن الكريم بكٌتاب "قرية الأخيوة" في سن مبكرة، وبرع في تلاوة القرآن الكريم وتجويده بين أقرانه واشتهر بحلاوة صوته وعذوبته، حتى تعلم القراءات
سافر الشيخ أحمد محمد عامر إلى عدة دول كقارئ للقرآن الكريم أو مشاركًا في لجان تحكيم المسابقات الدولية للقرآن الكريم، فسافر إلى السودان عام 1958، وبعدها بعام سافر إلى فلسطين بصحبة الشيخ الجليل محمد الغزالى و الشيخ محمود عبد الحكم، ثم في عام 1969 سافر إلى فرنسا، بالإضافة إلى سفره إلى أمريكا والبرازيل وانجلترا وعدد من دول الخليج.
في عام 1963 التحق الشيخ أحمد محمد عامر بالإذاعة المصرية، وبدأ صوته يصدح عبر الأثير، كما عين نقيبًا لقراء محافظة الشرقية وعضو مجلس إدارة النقابة العامة لقراء القرآن الكريم.
معركة وزير الأوقاف
ويروى المستشار هشام فاروق، عضو شرف نقابة القراء، موقف للشيخ أحمد محمد عامر حينما قرر وزير الأوقاف حظر سفر القراء الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا إلى خارج مصر، قائلاً: "في بداية الألفية الجديدة صدر قرار من وزير الأوقاف الأسبق الدكتور محمود حمدي زقزوق بمنع إيفاد القراء ممن تزيد أعمارهم على الخمسة والستين عاما إلى الخارج ضمن بعثات الأوقاف في شهر رمضان! وكان هذا القرار محل اعتراض من عدد كبير من القراء كبار السن! فتوجه الشيخ أبو العينين شعيشع نقيب القراء في هذا الوقت إلى مكتب الوزير مصطحبا معه الشيخ أحمد محمد عامر، عضو مجلس إدارة نقابة القراء العامة في هذا الوقت لعرض الشكوى من القرار وطلب إلغائه"
صورة نادرة نشرتها إحدى الصحف
وتابع فاروق :"كان الشيخ أحمد عامر وقتها قد تجاوز الخامسة والستين من عمره! استقبل الوزير الشيخين وجلسا في مكتبه ، وعرض الشيخ أبو العينين شكوى القراء من القرار ؛ وكان خفيف الظل فقال للوزير تدليلا على كلامه:أنا معي الشيخ عامر ؛ وهو تجاوز الخامسة والستين من عمره ؛ ممكن الآن يقول جواب لسيادتك يهد المكتب ده! فضحك الوزير ؛ وقال للشيخ أبو العينين:وعلى ايه يهد المكتب؟! الطيب أحسن! أنا مصدقك! ووافق على إلغاء القرار".
حصل الشيخ أحمد محمد عامر على العديد من شهادات التقدير كما كرمته العديد من الدول وكان أبرزها حصوله على وسام التقدير من دولة ماليزيا عام 1970، كما كان عامر عضوًا في مقرأة مسجد الإمام الحسين.
توفى الشيخ أحمد محمد عامر في مثل هذا اليوم 20 فبراير عام 2016 ، عن عمر يناهز 89 عاما تاركا إرثاً كبيرا من التلاوات المرتلة والمجودة.
وصية الوالد
ويؤكد الشيخ ناصر، ابن الشيخ أحمد محمد عامر، أن والده أوصاهم قبل وفاته بدوام التواصل مع المقربين ومن كان يزورهم فى حياته، قائلاً: "والدى كان دائم الود مع الناس حتى أنه وفاء لمعلمه الشيخ عبد السلام الشراباتى كان يزور أحفاده حتى فى آخر أيام حياته"
ويروى ناصر لليوم السابع، آخر يوم فى حياة الشيخ أحمد محمد عامر، قائلاً:"كنت فى حديقة المنزل وسمعت صوته عاليا وهو فى فراش الموت فدخلت إليه مسرعا فقال لى بصوت جهورى :"بلغ وقول أحمد عامر من آل البيت، أنا لسه واخد بها خبر دلوقتي قالوا لى انت خلصت اللي عليك يا أحمد وانت من آل البيت.. وتوفى بعدها بقليل"
وأشار نجل الشيخ أحمد محمد عامر، إلى أنه ورث التلاوة عن والده غير أنه قليلا ما يقرأ فى مناسبات، لافتا إلى والده كان دوما يحثه على مواصلة مراجعة القرآن الكريم ويقول له:"القرآن غالب وليس مغلوب".