في نفس البقعة التي تجمع بها أكثر من 5 آلاف سائح من مختلف دول العالم ليشهدوا ظاهرة فلكية نادرة الحدوث، وهى تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثانى في قدس الأقداس بمعبد أبو سمبل فى أسوان، والتي أبهرت العالم ولازالت تبهره بتكرارها مرتين خلال العام، يوجد ظاهرة آخرى تروى عظمة قدماء المصريين في تقديس الحب والزوجة.
بجانب المعبد العظيم لرمسيس الثانى والذى يحج له الآلاف سنويا، يوجد معبد آخر يصغره حجما، وهو المعبد الذى بناه الملك لزوجته الملكة نفرتارى تخليدا لقصة حبهما، وهى القصة التي تبهر الزوار وتأسر قلوبهم عند الاستماع لها خلال زيارة المعبد، ربما أكثر من تلك الظاهرة الفلكية الفريدة.
وتعتبر ظاهرة تعامد الشمس على وجه رمسيس والتي تتكرر يومين سنويا في 22 أكتوبر و22 فبراير من أهم المواسم السياحية لأسوان، حيث يتوافد السياح على المكان لمشاهدة الظاهرة على ضفاف النيل، وبالتزامن مع موسم تعامد الشمس على وجه رمسيس، استغلت هيئة تنشيط السياحة الحدث للترويج عن قصص الحب في زمن الفراعنة، وروت لمتابعيها عبر مواقع التواصل الاجتماعى عن قصة الحب بين رمسيس الثانى ونفرتارى التي أدت لبناء معبد تخليدا لها.
وقالت الهيئة عبر صفحتها بموقع التواصل الإجتماعى "الفيس بوك": "على الرغم من ان الجواز في مصر القديمة كان مبني علي السلطة، لكن في بعض الأحيان بيكون الحب هو المحرك الرئيسي زي قصة حب رمسيس الثاني و نفرتاري، رمسيس كان مخلص جدا لنفرتاري و مسحور بجمالها لدرجة انه قام ببناء المعبد الصغير في أبو سمبل و كان دايما بيسميها الرفيقة الجميلة".
وأضافت الهيئة في تغريدتها: "حتى الحب في زمن الفراعنة كان ملهم و ليه سحر مختلف"، وقامت بنشر صورة لواجهة المعبد الشهيرة التي تضم تمثال ضخم للملك رمسيس الثانى وبجانبه زوجته نفرتارى.
وتٌعرف قصة الملك رمسيس الثانى ونفرتارى بأعظم قصص الحب الملكية، والتي ظل يكن لها عظيم الحب والمودة بلا منازع لها حتى وفاتهما، ويٌقال إن نفرتاري لم تكن من أصول ملكية، بل كانت نبيلة النسب، تعود أصولها على الأرجح إلى طيبة، ورافقت زوجها منذ العام الأول من حكمه، وتصورها نقوش معبد الأقصر ممشوقة القوام بجوار العاهل الملكي، وتظل بجواره في التماثيل الجماعية المنحوتة في حجر الجرانيت والقائمة في الفناء الأول من المعبد.
وتخليدا لها أقام رمسيس من أجلها في وادي الملكات أجمل مقابر الموقع، غنية بالرسوم والألوان الزاهية، تصور الملكة المحبوبة مرتدية ثياب الكتان الناعم، وتزدان بالحلي الملكية النفيسة، تصاحبها الآلهة وهي تؤدي شعائر تجعلها خالدة خلودا أبديا.
وزيادة في حب الملك لنفرتارى أقام لها المعبد الصغير المنحوت في صخر جبل أبو سمبل بجوار معبده الكبير، وكتب جملة خالدة على جدرانه "صُنع هذا المعبد المحفور في الجبل، عمل يدوم إلى الأبد، من أجل الزوجة العظيمة نفرتاري محبوبة (الإله) موت للزمن الأبدي واللانهائي، من أجل نفرتاري، التي تتألق الشمس حبا فيها".
وليست تلك الحالة الوحيدة التي تروى لنا كيف قدس قدماء المصريين الحب، حيث يروى تاريخ الفراعنة عن قصص الحب والبطولات النسائية عبر عصوره، والتي برزت أعظمها في عصر ملوك الأسرتين 18 و 19، وهي فترة حكم تميزت بتأسيس الإمبراطورية المصرية وازدهار الفنون والعمارة والثراء الأدبي، ومنها قصة حب الملك "أحمس الأول" وزوجته "أحمس-نفرتاري"، والملك "أمنحوتب الثالث" و زوجته "تيي"، والملك "أمنحوتب الرابع (أخناتون)"، وزوجته "نفرتيتي".
وتعتبر قصة إيزيس وأوزوريس، من أشهر قصص الحب الأسطورية الخالدة والتي شغلت الكثيرين لما فيها من تجسيد للحب والتضحية والوفاء، إلى جانب فكرتها الأولى التي تدور حول صراع الخير والشر، وتجسيد الحب في الخير".
وكان أوزوريس حاكماً على مصر وتميز بالعدل والوفاء والقوة في الوقت نفسه، وساد عصره السلام والمحبة، بينما كانت إيزيس برفقته تؤدي مهامها بين الناس حتى ظهر شقيق أوزوريس "ست"، والذى نصب المكائد لأخيه ليتخلص منه ويستولى على الحكم، فدعاه إلى سهرة لم تطمئن لها إيزيس وحذرت زوجها دون فائدة.
وفي الاحتفال أخفى ست أخيه في تابوت وأمر رجاله بحمله وإخفائه وقتله ليستولي على العرش، وضربت إيزيس الأرض سعياً وبحثاً عن جثة زوجها حتى عثرت عليها، ولكن ست سرق الجثة وقطعها إلى 42 جزءاً، ووزعها على أقاليم مصر.
وبحسب الأسطورة، لم تستسلم إيزيس وتمكنت من جمع أشلاء زوجها المغدور، وبُعثت فيه الروح من جديد فعاشا في هناء لا يعرف مثيله إلا من حرم من محبوبه حرماناً حقيقياً ثم رُد إليه.
وخلد قدماء المصريين قصص حبهم على جدران المعابد، ومن أشهر المقولات عن الحب إنه "هبة السماء تسكبه الطبيعة في كأس الحياة لتلطف مذاقها المرير"، وحفظ الأدب المصري القديم عددا من الألقاب التي أطلقها المصريون على المرأة، ملكة أو محبوبة أو زوجة، تؤكد مكانتها في القلوب من بينها "جميلة الوجه"، "عظيمة المحبة"، "المشرقة كالشمس"، منعشة القلوب"، "سيدة البهجة"، "سيدة النسيم"، "سيدة جميع السيدات"، جميلة الجميلات"، "سيدة الأرضين"، وغيرها من الألقاب الواردة في الكثير من نصوص الأدب المصري القديم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة