ملحمة مختلفة سطرها الأطفال فى كتاتيب محافظة الأقصر، التى تدعم جيل النشء في حياتهم بتحفيظهم القرآن الكريم وكذلك تساهم في تعليمهم التعاون والمحبة والتكاتف فيما بينهم، لتربية جيل يحب بعضه البعض، حيث شهدت اثنين من الكتاتيب ومدارس تعليم القرآن الكريم فى غرب الأقصر مشهدين مميزين، الأول ظهر بملحمة مشتركة بين الأطفال والشباب بقرية البعيرات فى إنشاءات مبنى للكٌتاب بأيديهم وجميعهم يساعدون فى البناء، والمشهد الثاني بتنظيم أول محاكاة للانتخابات لتدريب الأطفال على المشاركة المجتمعية لاختيار الطالبة والأم والأب والأسرة المثالية فيما بينهم.
ويقول أسامة عبد الغنى ابن قرية البعيرات بمدينة القرنة غربى الأقصر، أنه فى مشهد بديع أقدم مسئولو مدرسة تحفيظ القرآن الكريم بنجع الجرف في قرية البعيرات، على خطوة مختلفة تماماً لدعم الصغار، عبر تنظيم أول انتخابات لاختيار الطلاب والأمهات والآباء والأسر المثالية، وذلك بهدف إشراك الصغار في الاختيار وتنشئتهم تنشئة تعلمهم المشاركة واتخاذ القرار.
وأضاف فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن هذا المشهد تم التخطيط له وتنظيمه بصورة تساعد الأطفال على تعلم فكرة المشاركة والاختيار، لتنشئة جيل قادر على اتخاذ القرار، وذلك بتجهيز بوكسات كرتونية تحمل أرقاما محددة للمساهمة فى اختيار الطلاب المثاليين والمتفوقين بالمدرسة القرآنية، وكذلك اختيار الأم والأب المثاليين من أولياء أمور الأطفال داخل تلك المدرسة بصورة مميزة وبشفافية كبيرة، بمشاركة الأطفال أنفسهم كما يرون الأفضل فى التعامل مع أبنائهم ومعهم أيضاً خلال زيارتهم المتكررة لمقر الكًتاب، كما تقرر مشاركتهم فى اختيار الأسرة المثالية فى المنطقة المحيطة بالكٌتاب، لكى يتم تكريم الجميع فى نهاية التصويت وفرز أصوات الأطفال المشاركين وإعلان النتيجة النهائية، وأبدى الأطفال سعادتهم بتلك الفكرة الجديدة والمختلفة لدعمهم فكرياً.
وأكد ابن غربى الأقصر، أن الجميع تربى على الأدب والاحترام والأخلاق القويمة داخل الكٌتاب خلال السنوات الماضية، مؤكداً على أن المشايخ بالكتاتيب طالما كانوا ومازالوا يساعدون بصورة كبيرة فى تكوين شخصية الطفل فى الجانب الديني، حيث نجحوا على مر السنوات الماضية في تطوير أساليب التلقين والتعليم فيها، بجانب حلقات العلم في تعليم الطفل الأمور الأساسية فى الدين كالوضوء الصحيح والصلاة الصحيحة والطهارة، وأخلاقيات التعامل مع المجتمع والأم والأب والجيران، وخلال الفترة الماضية بدأت الكتاتيب فى دعم الأطفال بتنويع أنشطة المشاركة المجتمعية بالمشاركة فى التجميل والتطوير داخل الكتاب بأيديهم وكذلك تعريفهم أهمية المشاركة فى المجتمع بكافة المجالات بالحياة اليومية لتنشئة طفل متميز يرفع من شأن المجتمع.
المشهد المميز الآخر ظهر فى مكتب زيد بن حارثة لتحفيظ القرآن الكريم، حيث تقرر إنشاء مبنى جديد للمكتب لخدمة الأطفال وحمايتهم من الشمس فى الطقس الحار ومن البرودة الشديدة غرباً بالشتاء، حيث يقول محمد بصرى أحد شباب المكتب بالبر الغربى فى الأقصر، أنهم خلال مرحلة إنشاء القواعد فوجئوا بمشاركة كافة الأطفال فى تلك الملحة بأيديهم وقرروا التواجد بموعد تحفيظ القرآن بعد إلغاؤه نتيجة الإنشاءات داخل المقر وقاموا بمشاركة الجميع فى نقل الطوب والمونة وغيرها من المعدات للمشاركة فى إنشاء المقر الجديد الذي يخدمهم بمشهد بديع أثنى عليه كافة العمال خلال البناء ومسئولى مكتب تحفيظ القرآن وقدموا الشكر لكافة الطلاب على ذلك العمل المميز.
وأضاف محمد بصرى مسئول بمكتب تحفيظ القرآن لـ"اليوم السابع"، أنه مع بدء قرار إنشاء مقر لمكتب تحفيظ القرآن بالقرية وبناؤه بالأساليب الحديثة وعمل قواعد له، لم يتوانى أحد لحظة فى المشاركة فى البناء حيث قرر جميع الشباب الذين تعلموا داخل الكتاب بشكله القديم وكافة الأطفال الحاليين المشاركة في إنشاءات وعمل قواعد المبنى لخدمة المكان الذين يحفظهم كتاب الله يومياً، وجارى حالياً استكمال العمل فى إنشاءات المبنى خلال الفترة المقبلة لخدمة الأطفال قبل دخول فصل الصيف لحمايتهم من الطقس الحار.
وأضاف وكيل أوقاف الأقصر، أن محافظة الأقصر تنتشر بها المئات من كتاتيب تحفيظ القرآن الكريم أكثرها فى مدينة إسنا والقرنة ثم باقى المدن والقرى، وهو يدل على أن الأقصر من أكثر المحافظات بمصر اهتماماً بتعليم الأطفال وتحفيظهم القرآن الكريم، ومازالت تقام الكتاتيب في المساجد بجانب الزوايا المنتشرة بالقري، وهو أمر مميز للأقصريين لخدمة أبنائهم فى طلب العلم بأولى خطواته وهى حفظ القرآن الكريم، مشدداً على أن الأقصر أخرجت مجموعة من أفضل المشايخ ومحفظين القرآن على مدار السنوات الماضية ومازال عدد منهم يقومون بدورهم فى تحفيظ القرآن، وهم على سبيل المثال الشيخ الصادق والشيخ الدرديرى بالطود والشيخ البطيخى والشيخ الطوبى والشيخ بهجت والشيخ أبو المكارم بمدينة إسنا بخلاف مشايخ القرنة وأرمنت من المشاهير فى القرى والنجوع والذين يتوجه إليهم أولياء الأمور لتحفيظ أبنائهم القرآن الكريم، حيث أن المشايخ بالكتاتيب يساعدون بصورة كبيرة فى تكوين شخصية الطفل فى الجانب الدينى، حيث نجحوا على مر السنوات الماضية فى تطوير أساليب التلقين والتعليم فيها، وتسعى لتعليم المتون والأحكام الخاصة بالقرآن، بجانب حلقات العلم في تعليم الطفل الأمور الأساسية فى الدين كالوضوء الصحيح والصلاة الصحيحة والطهارة، وأخلاقيات التعامل مع المجتمع والأم والأب والجيران، فلذلك وجب متابعتها وتنظيم عملها للتأكد من توصيل كافة المعلومات الصحيحة للنشئ.
وطالما كانت الكتاتيب أو الكتاب فى قرى ومحافظات مصر، كانت بمثابة منارة العلم والعلماء على مر العصور، ومازالت حتى يومنا هذا نظرا لما تمثله من طريق تأسيس جيل المستقبل وتحفيظ الأطفال لكتاب الله، ومع تطور الحركة فى المجتمع المصرى وانتشار الأفكار المتطرفة، قرر الدكتور محمد مختار جمعة، تدشين فكر جديد لحماية النشء والجيل الجديد من تسميم أفكارهم فى الكتاتيب المنتشرة بالقرى والزوايا والمساجد الصغيرة، بإطلاق "المدارس القرآنية" التى تم وضع عدة قواعد وشروط مميزة لها لخدمة الأطفال والتلاميذ والطلاب بالمدارس، حيث تقدم لهم المحفظين المدربين على أعلى مستوى لتحفيظهم القرآن الكريم بأحكامه والتلاوة الصحيحة والتجويد وكذلك الأحاديث النبوية ودروس التعامل سماحة الدين الوسطي الجميل.